جدل حول الأبراج البريطانية… بين “حق” سوريا و”أجندات” الممانعة

محمد شمس الدين

لا تزال الرسالة السورية بشأن الأبراج العسكرية على الحدود تتفاعل في الأوساط اللبنانية، فالبعض اعتبر أن تزامنها مع العرض البريطاني لاستننساخ تجربة الأبراج على الحدود الجنوبية هو ما دفع سوريا إلى الإقدام على هذه الخطوة، فيما رأى البعض الآخر أن الرسالة هي من محور الممانعة الى لبنان، أما من يدورون في فلك سوريا و”المحور” فيؤكدون أن الأمر تقني، وأن سوريا ليست مشمولة بالمعلومات التي تستقصيها هذه الأبراج، والبلدان الصديقة والحليفة لا تتعامل مع بعضها البعض بهذه الطريقة، لا سيما أن المعلومات تصل إلى دولة تكن العداء للنظام السوري، وكان لسوريا تحفظ على هذه الأبراج إلا أنها غضت الطرف سابقاً بسبب اختلاف الوضع الأمني في حينه، أما اليوم فقد تغير الأمر.

مصادر مطلعة على الموقف السوري، أشارت لـ “لبنان الكبير” إلى أن “دمشق ترى في الأمر تهديداً حقيقياً لأمنها القومي، فيما لبنان لم يقدم على أي خطوة تبدد هواجسها، لا من جهة التنسيق العسكري والأمني، ولا السياسي، وكانت سوريا تغض النظر سابقاً بسبب العلاقة الوثيقة التي تربطها بأطراف لبنانية، إلا أن الوقت حان لتحافظ على أمنها وسيادتها”.

في المقابل، أوضح العميد نزار عبد القادر لـ “لبنان الكبير” أن هذه الأبراج بدأ بناؤها منذ 13 عاماً بمساعدة بريطانيا، وتطورت ووصلت إلى حدود راشيا الوادي، وهي مجهزة بكاميرات وأدوات مراقبة ليلية ونهارية، وهدفها مراقبة الحدود ومنع تهريب البضائع والبشر والتسلل الارهابي، وهذه مواضيع متعلقة بالأمن القومي والخارجي للبنان.

وشدد عبد القادر على أن هذه الأبراج عندما أنشئت كان هناك مصدر تهديد فعلي وخطير جداً، ترجم بتفجيرات في الداخل اللبناني، من جماعات ارهابية قادمة من سوريا، وهذا كان تهديداً للأمن القومي اللبناني، لافتاً إلى أن هذه الأبراج تقع ضمن منطق القرارين الدوليين 1701 و1559، من منطلق حماية حدود لبنان، والاتفاقات بين البلدين بما فيها الاتفاقية الأمنية التي وضعها النظام السوري بنفسه وتنص على ذلك.

وتحدث عبد القادر عما اعتبرها عملية “استوطاء حيط لبنان” من سوريا، شارحاً عن مسار زيارة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان إلى دمشق، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد، وصدر بيان مشترك عن الرئيسين، نص في حينه على ترسيم الحدود بين البلدين، “ووقتها قال السوريون لمَ نبدأ من مزارع شبعا؟ فلنبدأ من النهر الكبير من العريضة، ووافق الرئيس سليمان، وكان يجب أن تنشأ لجان فوراً لترسيم الحدود، ولكن ليس أنها لم تجتمع مرة بل لم يتم تشكيلها أبداً”.

ورأى عبد القادر أن هذا الأمر بالاضافة الى عدم اعلان سوريا رسمياً عن لبنانية مزارع شبعا هي “عرقلة متعمدة، وقد علم السوريون أن بريطانيا تفكر في استنساخ التجربة جنوباً، لذلك دخلوا على خط هذا الأمر، يريدون التعطيل، كي تبقى هناك مشكلة لصالح حزب الله والممانعة”.

أما العميد أمين حطيط فأشار إلى أن “الأجهزة التي كانت مركبة على الأعمدة والأبراج الاسرائيلية ودمرتها المقاومة خلال المعارك القائمة، كانت لديها القدرة على رصد الحركة بعمق 75 كيلومتراً، وبالتالي هناك حق لسوريا أن تكون لديها هواجس من الأبراج على حدودها، لا سيما أنها ليست مشمولة بالمعلومات التي تجمعها هذه الأبراج، ويمكن حل الموضوع مع الدولة الصديقة بعدة طرق، مثلاً أن تمر المعلومات التي تستقصيها هذه الأبراج على لجنة مشتركة بين أمن البلدين وهي تقرر ما هو المسموح وغير المسموح أن تتم مشاركته، ويمكن أيضاً تغيير الترددات للأجهزة في الأبراج، كي يمنع الأميركيون والبريطانيون من الاطلاع على المعلومات”.

واعتبر الأمين العام لحزب “البعث العربي الاشتراكي” في لبنان علي حجازي أن هناك اشكالية في هذه الأعمدة، “فهي تجمع معلومات عن العمق السوري، وتوضع هذه المعلومات بيد جهات ليست على علاقة مع الدولة السورية، بل تكن العداء لها، فبريطانيا ساهمت في الحرب على سوريا، ويجب على لبنان أن يعالج هذا الأمر، وهناك بروتوكولات تتحكم بهذه القضايا بين الدول، وعلى لبنان احترامها، لا سيما أن العلاقة بين البلدين وطيدة، وهناك تنسيق وتواصل”.

وعن عدم الاعتراض في مراحل سابقة على هذه الأعمدة، قال حجازي: “المرحلة التي تم أنشئت فيها هذه الأعمدة مختلفة عن المرحلة اليوم، فقد انتهت المعارك مع المسلحين، وهناك عودة للاستقرار، وبالتالي المقاربة يجب أن تكون مختلفة”.

شارك المقال