طبول حرب أم أجواء هدنة؟

لينا دوغان
لينا دوغان

لا شيء يوحي بأن الأمور تتجه الى حلحلة في حرب غزة، وإن توصل الطرفان الاسرائيلي و”حماس” الى هدنة، فليس بالضرورة أن تنطبق شروطها على شمال الأراضي المحتلة أي جنوب لبنان، لكن ماذا يعني هذا الكلام الصادر عن مسؤول إسرائيلي؟

يرفع الاسرائيلي من سقف تهديداته إن كان في ما خص رفح أو جنوب لبنان، لكن لا يقف الأمر عند التهديد اللفظي، بل يتعداه لتتوسع الاعتداءات وتصل الى قلب الجنوب وأيضاً الى بعلبك، في خرق واضح وصريح من العدو للقرار ١٧٠١، لكن على الرغم من هذا الخرق وعدم إعطاء كل ذي حق حقه في هذه النقطة، فهناك قرار كما يبدو، إن بالنسبة الى “حماس” أو “حزب الله”، يقول بالقضاء على الحركة في غزة وإبعاد الحزب عن الحدود الى ما وراء الليطاني. طبعاً يصر “حزب الله” على عدم الانصياع للتهديدات الاسرائيلية، لذا نلاحظ أن إصرار كل طرف على موقفه يزيد من التصعيد على الجبهة، إذ توعد مسؤولون إسرائيليون بتنفيذ عملية عسكرية واسعة، ما لم يتم التوصل إلى التسوية المذكورة مع الحزب، في حين هدد الأخير برد قوي.

وهنا يكمن الخوف من وقوع المحظور، بحيث أن أي خطأ يحدث من أيٍ من الطرفين، يمكن أن يؤدي الى انفلات زمام الأمور نحو مواجهة أوسع ومزيد من التصعيد.

هذا الوضع ينطبق أيضاً على غزة، حيث أن التهديد الاسرائيلي بالهجوم على رفح سيفضي الى النتيجة ذاتها.

وفي ظل الحديث عن الأوضاع الميدانية في غزة وتطوراتها المتسارعة في لبنان إن كان جنوباً أو بقاعاً، يأتي المقترح الباريسي الذي تلقته “حماس” وهو يسمح بوقف مبدئي ٤٠ يوماً لكل العمليات العسكرية، كما يتضمن نقاطاً أخرى تتعلق بالأسرى والمساعدات. وكان الرئيس الأميركي تحدث عن موافقة اسرائيل على وقف الأنشطة العسكرية خلال شهر رمضان، موجهاً هنا تحذيراً الى تل أبيب التي برأيه ستفقد الدعم اذا استمر سقوط قتلى فلسطينيين بأعداد كبيرة.

لكن حتى الآن لا شيء عملي، والأمور قيد الدرس في المقترح وفي الكلام الأميركي، إذ لا يزال هناك الكثير للقيام به من أجل التوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة، على الرغم من كل المساعي ومنها الأميركية للوصول الى تهدئة تكون لعدة أسابيع. ومن هنا يأتي كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه فوجئ بتأكيد بايدن قرب التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن والهدنة بين إسرائيل و”حماس”.

في المقابل وعلى الخط اللبناني، يقول “حزب الله” إنه في اللحظة التي تعلن فيها “حماس” موافقتها على الهدنة، وفي اللحظة التي يتم فيها الإعلان عنها، سيلتزم بالهدنة وسيوقف عملياته في الجنوب فوراً كما حدث في المرة السابقة، لكن إذا واصلت إسرائيل قصف لبنان فإنه لن يتردد في مواصلة القتال.

وتبقى العبرة في التنفيذ، إن وافقت “حماس” على المقترح وإن تراجع نتنياهو عن شروطه ولاءاته، عندها من الممكن الحديث عن اقتراب حصول خرق على خط التهدئة، أما إذا بقي الكل على موقفه وشروطه فإن الأمور ذاهبة الى المزيد من التصعيد والتوتر إن كان في غزة أو رفح أو حتى في لبنان الذي بات مهدداً كله من إسرائيل وليس جنوبه فقط، ومع ذلك يصر “حزب الله” على أنه لن يناقش أي ترتيبات في جنوب لبنان الى حين الاتفاق على وقف دائم لاطلاق النار في غزة.

اذا كان موضوع الهدنة يأخذ كل هذا الوقت والجهد من مصر وقطر ومعهما باريس والولايات المتحدة، فأي وقت وتوقيت سيأخذه وقف إطلاق نار دائم، وماذا سيأخذ معه؟

شارك المقال