“الحزب” لن يبدأ الحرب… ولكن يستعد لها

محمد شمس الدين

يعيش اللبنانيون لا سيما الجنوبيون منهم هاجس تطور العمليات العسكرية على الحدود إلى حرب شاملة، بحيث يبدو التصعيد سيد الموقف، وكل يوم أكثر من قبله، فقد خرق العدو الاسرائيلي كل قواعد الاشتباك لدرجة أنه قصف بعلبك البعيدة نحو 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية.

ويترافق التصعيد مع تصريحات من المسؤولين الاسرائيليين يعبّرون فيها عن نيتهم تغيير الواقع شمال فلسطين المحلتة (أي جنوب لبنان) بل يهددون بتدمير بيروت، فيما يؤكد “حزب الله” استعداده لخوض أي حرب شاملة ضد لبنان، وأنه لم يظهر قدراته الحقيقية بعد، ولا ترسانته العسكرية التي يحضر بها مفاجآت للعدو الاسرائيلي.

مصدر قيادي في الثنائي الشيعي قال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “انطلاقاً من قراءة جميع المعطيات الميدانية والسياسية والامكانات لدى الطرفين، لن تكون هناك أي حرب شاملة مع العدو الاسرائيلي، فالقرار عند المقاومة هو عدم إشعال الحرب، والبقاء في موقع جبهة إسناد لغزة، والرد على الضربات بأخرى مشابهة، وعلى الرغم من أن العدو هو من يقوم بخرق قواعد الاشتباك مراراً وتكراراً، فالمقاومة لا ترد بانفعال، بل بدقة، وباختيار المكان والزمان اللذين يمكن تسجيلهما كرد على العدوان وليس فتح جبهة”.

بالاضافة إلى ذلك هناك عوامل عدة تردع اسرائيل حتى الآن عن اتخاذ القرار بالحرب على لبنان، أهمها الضغط الأميركي ودخول الوسيط آموس هوكشتاين على خط التهدئة، ولا يمكن شن الحرب إلا بغطاء دولي، لا سيما من الولايات المتحدة.

وكذلك رأى المصدر أن “اسرائيل تجري الحسابات المكثفة، فإن صمود جبهتها الداخلية أمام حماس متوقع، ولكن في حرب شاملة مع لبنان ومقاومته، هذا أمر آخر كلياً، بحيث بات معلوماً لدى الجميع أن الامكانات التي تمتلكها المقاومة هي أضعاف الأضعاف عن حماس، عدة وعتاداً وعديداً”.

أضف إلى ذلك هناك الشق الاقتصادي، بحيث سيتأثر اقتصاد الكيان بصورة كبيرة بسبب حرب غزة، ولكن في حرب مع لبنان، سيهتز الاقتصاد كلياً، وفق ما أشار المصدر، لافتاً إلى أن “هناك عوامل داخلية اسرائيلية أخرى، أولها موضوع النازحين الاسرائيليين من الشمال، الذين يتعرضون لهذا النوع من الحياة لأول مرة، عدا عن الخسائر في قطاعات الزراعة، الصناعة، التجارة والسياحة، الخ…، وهناك أيضاً موضوع أعباء طبابة الجرحى ومعوقي الحرب، والتعويضات المكلفة جداً على خزينة الكيان لعوائل قتلى الحرب، ومصاريف الجرحى، وكذلك الانقسام السياسي الذي كان يشتد قبل بدء الحرب، وهو يغلي جمراً تحت الرماد في الكيان اليوم بانتظار الانفجار”.

في المقابل، اعتبر بعض المتابعين للوضع الاسرائيلي، أن اسرائيل تعيش حالة لم تعشها من قبل، واليمين المتطرف فيها وصل الى أقصى حالات التأييد بعد 7 تشرين الأول، على الرغم من الانزعاج الدولي من المجازر التي تحصل بحق الفلسطينيين، إلا أن الغرب إذا وجد تهديداً حقيقياً للكيان اليهودي فسيدعمه ولو قتل كل الفلسطينيين. بالاضافة إلى ذلك هناك رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الذي ليس لديه ما يخسره، ما قد يدفعه إلى جر حلفائه الدوليين إلى الدخول في حرب معه تحت عنوان “تهديد الكيان اليهودي”، وسيكونون مضطرين للتلبية بطريقة أو أخرى.

من الواضح أن “حزب الله” لا يريد الحرب، ولكن لا يمكنه البقاء على الحياد في القضية التي يحمل لواءها، فلسطين، ويريد الظهور أنه صاحب هذه القضية، ولذلك اختار الضربات الدقيقة على المواقع العسكرية الاسرائيلية، متبعاً بنود تفاهم نيسان 1996 بحذافيره. وعلى الرغم من استبعاده أن تتطور الأمور إلى حرب شاملة، إلا أنه يستعد لها، في حال طغى جنون نتنياهو واليمين على المنطق، وستكون بيده ورقة يضعها على طاولة المفاوضات، “أنا لم أبدأ الحرب”.

شارك المقال