ارتفاع وفيات أطفال غزة بسبب الجوع وتحذيرات دولية من كارثة انسانية

لبنان الكبير

قتل أكثر من 30 ألف شخص في غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حماس” قبل أكثر من أربعة أشهر، وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة اليوم الخميس، في وقت يواجه سكان القطاع وضعا إنسانياً مأسوياً وخطر المجاعة مع استمرار المباحثات بشأن هدنة محتملة.

ويتزايد القلق الدولي بسبب الظروف التي يعيشها أكثر من مليوني شخص في القطاع منذ اندلاع الحرب، التي أعلنت وزارة الصحة أن حصيلتها وهي أساساً الأكثر حصداً للأرواح بين الحروب الاسرائيلية الخمس التي شهدها قطاع غزة منذ سيطرت عليه “حماس” عام 2007، تخطت 30 ألفاً معظمهم من المدنيين.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة: “إن عدد الشهداء تجاوز الـ30 ألفاً” بعدما وصل إلى المستشفيات ليل الأربعاء الخميس “79 شهيداً، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السنّ”.

“التحرك الفوري”

وحذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من “مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريباً” تهدد 2,2 مليون شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع، لا سيما في شماله. وأعلن القدرة اليوم الخميس “استشهاد طفلين في مجمع الشفاء الطبي (في شمال غزة) نتيجة الجفاف وسوء التغذية”، مطالباً “المؤسسات الدولية بالتحرك الفوري لمنع الكارثة الانسانية شمال قطاع غزة”.

وسبق للمنظمات الدولية أن حذّرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة جداً ولا تكفي حاجات السكان. ولم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 كانون الثاني، بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي تفرضها السلطات الاسرائيلية.

ودعت الولايات المتّحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسياً وعسكرياً في هذه الحرب، الدولة العبرية الى فتح المزيد من المعابر لإيصال المساعدات.

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامنثا باور خلال زيارة لمعبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة: “إننا نتحدّث مع المسؤولين الاسرائيليين حول ضرورة فتح مزيد من المعابر ومزيد من الممرّات إلى غزة حتى تتسنّى زيادة المساعدات الانسانية التي تشتد الحاجة إليها بشكل كبير. هذه مسألة حياة أو موت”.

غلاء ومعاناة

وتدخل غالبية المساعدات الى القطاع برّاً عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، بعد أن تخضع للتفتيش من إسرائيل، التي تلوّح منذ أسابيع بشنّ عملية برية في رفح التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1,5 مليون فلسطيني نزحوا من مناطق أخرى في القطاع. وكرّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اجتياح المدينة لا مفرّ منه لتحقيق “نصر كامل” على “حماس”، مشيراً الى خطة لإجلاء المدنيين منها.

وفي مؤشر إضافي على الصعوبات في رفح التي باتت مكتظة بالسكان وتنتشر فيها المخيمات العشوائية لإيواء النازحين، نزل العشرات الى الشوارع احتجاجاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقاموا بإحراق الاطارات وما توافر من مواد للتعبير عن غضبهم.

وقال خميس شلاح النازح من مدينة غزة: “كيلو السكر اليوم بين 80 و100 شيكل (20-25 يورو)، الخميرة اليوم بمئة شيكل. أين الحكومة؟… لا سائل ولا مسؤول. أحضرونا من غزة الى هنا ليطعمونا ويشربونا أم ليذبحوننا؟”.

أما عبد الرحمن أبوخضر فوصف الوضع في غزة بأنه “صعب، لا يوجد أكل أو شرب”.

مباحثات متواصلة

في الأثناء، تواصل قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة بين إسرائيل و”حماس” سعياً الى هدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 آذار المقبل، تتيح الافراج عن رهائن المحتجزين داخل القطاع وإدخال مزيد من المساعدات.

ويجري الحديث عن هدنة مدتها ستة أسابيع تطلق خلالها “حماس” سراح 42 إسرائيلياً من النساء والأطفال دون سن 18 عاماً إلى جانب المرضى والمسنين، بمعدل رهينة واحدة في اليوم مقابل إطلاق سراح عشرة معتقلين فلسطينيين من السجون الاسرائيلية. وتطالب الحركة بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار خلال مقابلة في برنامج على شبكة “إن بي سي”، إلى أنّ شهر “رمضان يقترب وهناك موافقة من الاسرائيليين على وقف العمليات خلال رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن”.

وعلى الرغم من المحادثات، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت: “نحن نبذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن. وأعتقد أن الضغط العسكري سيعيد المزيد منهم”.

يأتي ذلك في وقت طالب نحو 150 إسرائيلياً بإبرام اتفاق يتيح الافراج عن الرهائن، وبدأوا الأربعاء مسيرة تستمر أربعة أيام من بلدة رعيم في جنوب إسرائيل إلى القدس.

وفي موسكو تبدأ وفود تمثل معظم الفصائل الفلسطينية اليوم الخميس اجتماعاً بدعوة من الحكومة الروسية بهدف تحقيق مصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية

وأوضح الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، من موسكو لتلفزيون قطر الرسمي، أنّ “الهدف المركزي الأول هو طبعاً كيفية توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات الراهنة”.

وأضاف: “ان إحدى النقاط الأساسية التي سوف تناقش بالتأكيد هي موضوع حكومة وفاق وطني أو وحدة وطنية يمكن أن تشكّل لسدّ الطريق على مؤامرات نتنياهو في فرض تصوراته الخاصة بتكريس احتلال قطاع غزة أو إيجاد حفنة من العملاء ليعملوا تحت إشراف احتلاله”.

وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أشار الأربعاء الى أن “حماس” تدرك ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط بدلاً من ائتلاف يضم حركة المقاومة الاسلامية.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في جنيف: “أعتقد أن حماس تفهم ذلك، وتؤيد فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط اليوم” مرتكزة على خبراء يمكنهم “نقل البلاد برمّتها إلى مرحلة انتقالية”.

وأضاف: “قبل أي شيء، ما يجب فعله هو معرفة كيف ننقذ الوضع وحياة الفلسطينيين الأبرياء وكيف نوقف هذه الحرب العبثية ونحمي الشعب الفلسطيني”.

وانضمّت نيوزيلندا الخميس إلى الدول الغربية التي تصنّف “حماس” بأكملها “كياناً إرهابياً”، معتبرة أنّ هجومها الأخير قضى على أيّ إمكان للتفريق بين جناحيها السياسي والعسكري.

قتيل في الضفة

وأثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساع نطاق التصعيد على جبهات عدة، منها الضفة الغربية المحتلة حيث تزايدت التوترات منذ تشرين الأول، أو الحدود بين لبنان وإسرائيل حيث يتمّ تبادل القصف يومياً، وصولاً الى البحر الأحمر حيث ينفّذ الحوثيون هجمات تطال حركة الملاحة دعماً للفلسطينيين في غزة.

وليل الأربعاء، قتل فلسطيني برصاص الجيش الاسرائيلي خلال اشتباكات دارت في بلدة بيت فوريك الواقعة شرق نابلس في الضفة الغربية المحتلة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

وقالت “وفا” إنّ الجيش الاسرائيلي خلال تنفيذه عملية في البلدة دارت مواجهات أصيب خلالها بشار حنني برصاصة في البطن نُقل على إثرها إلى مستشفى بنابلس حيث ما لبث أن فارق الحياة. كما نفّذ ليل الأربعاء عمليات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية ولا سيما قرب جنين والخليل وطولكرم وقلقيلية.

ومع اقتراب شهر رمضان، حضّت الولايات المتحدة إسرائيل على السماح للمصلّين من الضفة بالوصول إلى المسجد الأقصى في القدس، بعدما دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى منعهم من ذلك خلال الشهر.

من جهتها، دعت حركة “حماس” إلى تحرك جماهيري في الأقصى مع بداية رمضان.

وفي جنوب لبنان، قُتل ليل الأربعاء شخصان في قصف إسرائيلي أتى بعد ساعات من إعلان “حماس” أنها أطلقت عشرات الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه شمال اسرائيل.

شارك المقال