إسرائيل تصطدم بعائق التسلح

حسناء بو حرفوش

توقع تحليل في موقع “تايمز” الاسرائيلي اصطدام إسرائيل بعد فترة بعائق التسلح وربما اضطرارها الى البحث عن قنوات إمداد بديلة، خصوصاً في ظل استنفاد ترسانات الولايات المتحدة إلى أقصى الحدود واصطفاف الحلفاء الآخرين للحصول على حصتهم.

واستند المقال الى تحليل استخباراتي أميركي، يفيد بإسقاط القوات الجوية الاسرائيلية أكثر من 29 ألف قنبلة على غزة في الشهرين الأولين من الحرب. واعتبر أن “هذا الرقم لا يشير فقط الى الدمار غير المسبوق الذي تلحقه إسرائيل بغزة، ولكن الى حجم ترسانة إسرائيل في المستقبل والخسائر فيها.

ولا ينحصر هذا الوضع بإسرائيل فاستهلاك السلاح في غزة هو مجرد مثال على الوتيرة المذهلة لاستهلاك الذخيرة في الحروب الحديثة. وتشير التقديرات على سبيل المثال إلى أن الولايات المتحدة أسقطت في العام 2016، أكثر من 24 ألف قنبلة على سوريا والعراق كجزء من حملتها ضد داعش. ومع ذلك، أصبحت الحرب البرية التقليدية بمثابة ثقب أسود للذخيرة أيضاً. والحرب الروسية الأوكرانية هي المثال الأبرز. وبعد أقل من عام من غزو بوتين الشامل لأوكرانيا، اضطر الروس الى فتح مستودعات ذخيرة عمرها أربعون عاماً واللجوء إلى إيران وكوريا الشمالية طلباً للمساعدة في الحفاظ على الوتيرة المحمومة لنيران المدفعية والصواريخ.

وعلى النقيض من ذلك، اعتمد الأوكرانيون بصورة كبير ةمنذ البداية على توريد الأسلحة من الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة. بعض الأرقام على سبيل التوضيح: حتى الآن، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بأكثر من مليوني قذيفة مدفعية عيار 155 ملم، و1.8 مليون طلقة عيار 25 ملم، و400 مليون طلقة بندقية وقنبلة يدوية. يأتي ذلك بالاضافة إلى منظومات الأسلحة المتطورة، مثل الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ المضادة للطائرات والدبابات، والتي تعد جميعها حيوية لصد الجيش الروسي.

وفي هذا الوقت تتجه كل الأنظار في كييف وفي القدس نحو واشنطن، حيث أدى الجمود السياسي في الكونغرس إلى عرقلة اتخاذ القرار بشأن حزمة المساعدات التي تشتد الحاجة إليها والتي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار لعدة أشهر. ولكن حتى في غياب القيود السياسية، لن تتمكن السياسة الأميركية الأكثر سخاءً التي يمكن تصورها من توفير كل احتياجات أوكرانيا. وفي ديسمبر 2022، كشف مدير المخابرات الوطنية أفريل هاينز أن أوكرانيا استهلكت خمس سنوات من إنتاج صواريخ جافلين المضادة للطائرات في الأشهر العشرة الأولى من الحرب.

كما أن الفجوة بين العرض والطلب لا تقتصر على الأسلحة المتقدمة وتقدم المدفعية مثالاً صارخاً، ففي ربيع 2023، بلغ معدل استهلاك الجيش الأوكراني لقذائف 155 ملم ما بين 6000 إلى 8000 يومياً، في حين بلغ الانتاج الأميركي حوالي 15000 شهرياً. ومنذ ذلك الحين، زادت الولايات المتحدة إنتاجها بصورة كبيرة، ولكن على الرغم من ذلك، من غير المتوقع أن يتجاوز 100 ألف قذيفة شهرياً بحلول أكتوبر 2024. وكما اتضح، تعتمد قوات المدفعية التابعة للولايات المتحدة وحلفائها بصورة شبه كاملة على إنتاج مصنع واحد في سكرانتون، بنسلفانيا.

وتفسر هذه القيود طلب الادارة الأميركية في يناير/كانون الثاني 2023، نقل 300 ألف قذيفة مدفعية من المخزون الأميركي الموجود في إسرائيل إلى أوكرانيا. وبطبيعة الحال، تحتاج إسرائيل نفسها الآن إلى تلك المخزونات. ولا يحتاج المرء الى تصريح أمني لكي يستنتج أن اعتماد إسرائيل العسكري على الولايات المتحدة يكاد يكون مطلقاً (…) ولا بد من التأكيد أخيراً أن إسرائيل لا تمتلك بديلاً عن تحالفها مع الولايات المتحدة كما أنها غير قادرة وحدها على تحمل تكاليف إنشاء قدرة مستقلة لإنتاج الذخيرة، وبالتأكيد ليست قادرة على تلبية جميع احتياجات الجيش الاسرائيلي في حرب مستقبلية. وبينما تأمل إسرائيل استمرار الدعم الأميركي، لا شيء يدعم ذلك خصوصاً وأن الادارة الأميركية لا تحظى بالدعم الكامل في الداخل”.

شارك المقال