سيناريو خطير: لبنان خارج التسوية الاقليمية

محمد شمس الدين

مصير الاقليم والمنطقة هو الوصول إلى تسوية، مهما طال الأمر، قد تكون تسوية تنهي الحرب بمنطق “الجميع رابح”، أو تسوية بعد الحرب ويفرض الرابح شروطه، وبغض النظر عن شكل التسوية في المنطقة، من المفترض أنها تنسحب على لبنان، ويكون من ضمنها الشطط الذي يصيبه في مؤسساته بدءاً من رئاسة الجمهورية وبعدها يطال بقية المؤسسات. ولكن ماذا لو حصلت التسوية في المنطقة واستطاع التعنت اللبناني منعها في الداخل، كيف سيكون المشهد حينها؟

مصادر عليمة بأجواء “حزب الله” أشارت في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “الأجواء بين الأطراف في المنطقة جيدة، تركيا زارت مصر، قطر تتشاور مع مصر، ايران والسعودية تتفقان، الأميركيون والايرانيون يتحدثون مع بعض، عن النووي تحديداً، وشكل الاتفاق الذي يتبلور من هذه المحادثات، هو الذي يحدد المشهد في المنطقة، وقد تحاول أميركا في الفترة المقبلة إخراج روسيا من سوريا، وما يناسب مصالحنا هو أن الأميركيين يريدون التهدئة في المنطقة، وإلا لكان اختلف المشهد اليوم”.

أما في لبنان فأكدت المصادر أن هناك “فرصة حقيقية، يعمل عليها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، وهي أًصبحت معلومة من مساعدات اقتصادية ودعم للجيش، وحتى اعادة إعمار الجنوب، واذا ركبت التسوية في الخارج، تحل في لبنان خلال بضعة أيام”. ولكنها حذرت من “الخديعة”، مذكرة بالوعود وقت الترسيم البحري، وبعد الصفقة لم ينفذ شيء، “علينا أن نكون حذرين جداً من اللعبة الأميركية، وأن لا نتخلى عن نقاط قوتنا فقط لأن الأميركيين وعدوا”.

في المقابل، استبعدت أوساط “القوات اللبنانية” عدم التحاق لبنان بالتسوية في المنطقة، حتى لو تأخرت لا بد أن تصل إلى لبنان في نهاية الأمر، مشيرة في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “حزب الله والممانعة ربطا لبنان بحرب غزة، وبالتالي كما تم الربط في الحرب سيتم في السلم”.

وشددت الأوساط على أن “القوات” تحمّل المسؤولية لـ “حزب الله” الذي “ينتظر التسويات الخارجية لابرام الصفقات على حساب الدولة اللبنانية، والتفاوض بدلاً منها، بينما نحن نعتبر أن لا شيء يمنع، متى توافرت الارادة لدى القوى السياسية كافة، ومن دون انتظار الخارج، أن نتوصل الى اتفاق لكل الاستحقاقات من رئاسة الجمهورية والحكومة وغيرها، ولكن يبدو أن حزب الله لا يريد النزول عن الشجرة، وهو لا يبدي الحماسة لأي مبادرة، إن كانت محلية كمبادرة تكتل الاعتدال الوطني، أو مبادرة اللجنة الخماسية الدولية والدول المعنية بلبنان، وقد أًصبحت اللجنة عاجزة بسبب تعنت حزب الله والممانعة وتمسكهما بمرشحهما سليمان فرنجية الذي أصبح مرشح تحدٍ”.

أضافت الأوساط: “في حال صار السيناريو فعلاً تسوية في المنطقة وبقي لبنان كما هو فسندخل في حالة من الفوضى وانهيار أكبر في الدولة، وصولاً إلى المجهول، قد تتحول إلى فوضى في الشارع، الذي سيتأثر أًصلاً بالآثار الاقتصادية الناجمة عن الشغور، والفوضى الاقتصادية، في وقت نحن لسنا قادرين على خوض أي استحقاق دستوري بصورة طبيعية، سواء في رئاسة الجمهورية أو البلديات أو حتى التعيينات، مثل توجهنا إلى التمديد في قيادة الجيش بدل التعيين كما ينص الدستور، وبالتالي هذا يعني فوضى دسورية اقتصادية والدخول في نفق مجهول”.

ترى الادارة الفرنسية أن أسرع طريقة لانهاء الفراغ الرئاسي هي التوجه الى انتخاب فرنجية رئيساً، والموضوع ليس متعلقاً بعلاقة خاصة أو من أجل كسب ود “حزب الله” وايران بل بفكرة انهاء الفراغ.

وقالت مصادر ديبلوماسية في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “في العقلية الفرنسية أي رئيس أفضل من الفراغ الذي كان له دور كبير في تدهور البلد، ولذلك لجأت فرنسا الى فكرة المقايضة بين الرئاستين الأولى والثالثة من منطلق رئيس جمهورية يطمئن حزب الله ورئيس حكومة يجري الاصلاحات سيادياً أو وسطياً أو أياً كانت صفته، ما يخلق التوازن القديم في البلد”.

ولكن فرنسا تخلت عن هذا الطرح بعد معارضة “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، وقال مقربون من الاليزيه: “على الرغم من العناوين الرنانة التي يرفعها كلا الحزبين المسيحيين، الأمر متعلق بالتمثيل المسيحي فقط وهو ما نص عليه اتفاق معراب أساساً. وبوجود الخلاف بينهما الا أنهما متفقان على قطع الطريق على أي رئيس لا يوافقان عليه وإن وافق أحد منهما على مرشح ليس من ضمن فريقه يخسر رصيده في الشارع المسيحي وهذا ما يدفع التيار الوطني الحر الى عدم السير بمرشح حليفه حزب الله، ومهما كانت التسوية المقبلة، من المؤكد أن الكثير ممن عارضوا الأفكار الفرنسية سيجدون بعض المنطق فيها”.

وتعتبر المصادر أن “أسوأ سيناريو ممكن هو عدم انضمام لبنان الى التسوية وبقاؤه على حافة الانتظار، ما سيجعله يختفي في الخريطة الدولية أكثر فأكثر”.

شارك المقال