“لبنان الكبير” ينشر رد الخارجية اللبنانية على الرسالة الاسرائيلية: فلنتحرك قبل فوات الأوان

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“ان لم تستحِ فافعل ما شئت”… هذا ما ينطبق على العدو الاسرائيلي الذي أرسل وبكل وقاحة رسالة الى الأمم المتحدة في ٢٢ من شباط المنصرم يشتكي فيها على لبنان، وهو الذي يطيح كل القوانين والأنظمة والأعراف الدولية ويتمرد على القرارات الى حد المضي في سياسات وعمليات عسكرية لم يشهدها العالم من الحروب العالمية وخصوصاً الابادة الجماعية.

الرسالة موجهة من وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس الى رئيسة مجلس الأمن الدولي لشهر شباط، مندوبة غيانا الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارولين رودريغيز بيركيت، بواسطة مندوب اسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد اردان، يشتكي فيها على “حزب الله” والدعم الايراني له، خصوصاً لجهة نقل الأسلحة والصواريخ، وتهدف الى أخذ المظلة الدولية لما تدعي أنه حقها في الدفاع عن النفس بشتى الطرق، وترتكب تحت هذه الحجة مجازر انسانية يندى لها الجبين.

وجاء في نص الرسالة التي حصل عليها موقع “لبنان الكبير”، ومرفقة ربطاً النسخة التي وصلت الى مجلس الأمن:

“أكتب إليكم على وجه السرعة لأطلعكم على التطورات المثيرة للقلق في ما يتعلق بتوريد ونقل الأسلحة المستمر من إيران إلى منظمة حزب الله الارهابية، والانتهاك الجسيم لقرار مجلس الأمن رقم 1701 (2006) وعلى وجه التحديد حظر الأسلحة المنصوص عليه، في (الفقرة 15). في بعض الحالات، تشكل عمليات النقل هذه أيضاً انتهاكاً لالتزام إيران بعدم انتشار الصواريخ بموجب البند 4 من الملحق بقرار مجلس الأمن رقم 2231 (2015) (الذي انتهت صلاحيته في 18 أكتوبر 2023)، فضلاً عن انتهاك قرار مجلس الأمن رقم 1540 (2004)، من خلال نشر وسائل إيصال محظورة بموجب البند 3. وتظهر هذه الأعمال نوايا إيران الخبيثة لتصعيد الوضع على طول الخط الأزرق وتظهر مثالاً آخر على فشل إيران في تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

على مدى الأشهر الماضية، بينما تنخرط إسرائيل في صراع مسلح مستمر على جبهات عديدة، تعمل إيران على تسريع وتيرة نقل أسلحتها إلى حزب الله. وتقوم إيران بذلك عن طريق البر، باستخدام الحدود السورية اللبنانية التي يسهل اختراقها، وكذلك عن طريق الجو والبحر، وهو ما يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701. وتشمل عمليات النقل هذه، من بين أمور أخرى، مكونات أنظمة الدفاع الجوي، والطائرات بدون طيار (مثل شاهد 101 وطائرات بدون طيار شاهد-136) وأنواع مختلفة من الصواريخ (مثل ميني أبابيل وصواريخ أرض جو 358.

وتتولى عدة وحدات داخل فيلق القدس الايراني مسؤولية عمليات النقل هذه، مثل الوحدة 700 (برئاسة غال فارسات) و190 (بقيادة بهنام شهرياري). وتتعاون هذه الوحدات مع عناصر الوحدة 400 مثل حسن صبوري نجاد ومع “قوات الحشد الشعبي” والميليشيات المماثلة في العراق لتسهيل مرور الشاحنات المحملة بالأسلحة عبر المعابر الحدودية بين إيران والعراق ومن ثم إلى سوريا. داخل سوريا، هناك عدة مسؤولين مكلفين باستلام عمليات نقل الأسلحة ونقلها إلى مستخدميها النهائيين إلى حزب الله: الوحدة 18000 بما في ذلك الوحدة 18700 (بقيادة “أبو الفضل”: سليماني زادغان)، وكان “مكتب المساعدة” يقوده سابقاً بقلم السيد راضي موسوي، والوحدة 4400 – وحدة التعاون والبناء العسكري لحزب الله.

وقد تم تسجيل العديد من حالات النقل الجوي والبري، بما في ذلك:

12 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 – عبر مطار دمشق الدولي ومطار النيرب.

14 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 – عبر مطار النيرب.

22 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 – عبر مطار دمشق الدولي ومطار النيرب.

25 تشرين الأول (أكتوبر) 2023- عبر مطار النيرب.

30 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 – شاحنات عبر معبر البوكمال.

30 كانون الأول (ديسمبر) 2023 – شاحنات عبر معبر البوكمال.

أود أن أكرر أنه وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الفقرة 15 ينبغي لجميع الدول أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع مواطنيها انطلاقاً من أراضيها أو باستخدام السفن أو الطائرات التي ترفع علمها من:

1- بيع أو توريد أي كيان أو فرد في لبنان من الأسلحة والمواد المرتبطة بها بأنواعها كافة، بما في ذلك الأسلحة والذخائر والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار.

2- تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأي تدريب فني أو مساعدة تتعلق بتوفير أو تصنيع أو صيانة. الحظر لا ينطبق على الأسلحة أو المواد ذات الصلة أو التدريب أو المساعدة التي تأذن بها الحكومة اللبنانية أو قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

إن عمليات النقل المستمرة للأسلحة من إيران إلى حزب الله تنتهك أحكام قرار مجلس الأمن رقم 1701 وتؤدي إلى تضخيم التصعيد الأخير على طول الخط الأزرق والذي يهدد بمزيد من التصعيد في المنطقة بأكملها.

إن هجمات حزب الله، إلى جانب الدعم غير المسؤول الذي يتلقاه من رعاته الايرانيين، يمكن أن تكون كارثية على المنطقة بأكملها. حزب الله يروج للمصالح الإيرانية العدائية على حساب الشعب اللبناني ويتجاهل قرارات مجلس الأمن. يجب أن يكون مثل هذا السلوك غير مقبول لأي شخص ملتزم بمنع المزيد من الصراع في منطقتنا.

ويتعين على مجلس الأمن أن يتخذ موقفاً حازماً لضمان تنفيذ الأطراف لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بجميع أحكامه. وعلى وجه الخصوص، يجب على مجلس الأمن أن يدين حزب الله وإيران بأقسى العبارات على أفعالهما المزعزعة للاستقرار، وأن يدعو إيران إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701 والتوقف فوراً عن انتهاكاتها المستمرة لحظر الأسلحة، وإدانة تصرفات إيران في هذا الصدد، بينما تواصل الولايات المتحدة تحركها في محاولة لتقويض الاستقرار الإقليمي.

ويجب على مجلس الأمن أن يدعو أيضاً حكومة لبنان إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن والتقيد بالتزاماتها الدولية. وتشمل هذه الالتزامات تحمل المسؤولية عن منع الهجمات والتهديدات من أراضيها ضد إسرائيل، ووقف أي نقل للأسلحة من إيران إلى حزب الله وضمان أن المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين وأصول وأسلحة بخلاف ما تملكه.

لقد حذرت إسرائيل المجتمع الدولي مراراً وتكراراً من جهود حزب الله وإيران المستمرة لتوسيع الحشد العسكري لحزب الله في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي بما في ذلك القرار 1559 و1701.

وتؤكد إسرائيل حقها الأصيل في اتخاذ الاجراءات اللازمة والمتناسبة التي تتفق مع القانون الدولي، والدفاع عن أراضيها ومواطنيها من هذه الانتهاكات الصارخة.

وإنني على ثقة من أن هذه الانتهاكات الصارخة سوف تنعكس بشكل صحيح في التقارير المقبلة بشأن تنفيذ القرارين 159 (2004) و1701 (2006) وأن يتم إدراجها في المرفق الثاني بشأن تنفيذ حظر الأسلحة في التقرير القادم حول القرار رقم 1701″.

الرسالة وصلت الى الخارجية اللبنانية التي أعدت بدورها رداً وجهه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الى رئيس مجلس الأمن في 26 شباط المنصرم أي بعد 4 أيام من وصول الرسالة الاسرائيلية الى مجلس الأمن. وتتضمن الرسالة التي ينشر موقع “لبنان الكبير” مضمونها، نفياً للاتهامات والادعاءات الاسرائيلية.

وأكدت الرسالة احترام لبنان الثابت والكامل للقرارات الدولية كافة ومندرجاتها والتزامه بتطبيقها، كما يشير لبنان إلى عدم التزام إسرائيل بكل قرارات مجلس الأمن ومنها بالأخص القرار 1701 الذي بدأت إسرائيل بخرقه منذ إقراره.

وأشارت الخارجية اللبنانية الى أن الاتهامات الاسرائيلية ارتكزت على تواريخ وأرقام وأسماء من دون اقترانها بأي سند حقيقي. ولم ترَ في الاتهامات سوى حجج استباقية تستند إليها اسرائيل لتبرير حربها على لبنان.

وتضمنت الرسالة اللبنانية اشارات واضحة الى التصريحات والتهديدات الاسرائيلية اليومية بأن حربهم مستمرة ويريدون إعادة لبنان إلى العصر الحجري.

ويدعو الرد اللبناني العدو الاسرائيلي الى أن يقر، أنه وبعد أكثر من سبعة عقود من انتهاج سياسة الحرب والدوران في حلقة مفرغة من العنف وانعدام الاستقرار، بصعوبة لا بل باستحالة تحقيق أمن شعبها بينما هي مستمرة في انتهاك سيادة لبنان واحتلال أراضيه وقضمها وقتل مواطنيه وتدمير بيئته وبنيته التحتية، وسياسة هضم الحقوق الفلسطينية واحتلال الأراضي، ورفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالعيش بكرامة وحرية في وطنه كما وتهجيره ثم حرمان اللاجئين منهم من حقهم بالعودة وتجويعهم من خلال منع المساعدات الدولية من الوصول إليهم. وهي سياسة أدّت الى زجّ لبنان ودول المنطقة في أتون صراعاتٍ دامية، وخلقت حالة من العداء بين إسرائيل والدول المحيطة بها. لذا فقد آن الأوان لاسرائيل أن تسلك طريقاً مختلفاً هذه المرة في مقاربة الأزمة.

وجاء في الرد: “نحن كلبنانيين نجيب أننا نريد الأمن والاستقرار للحفاظ على سيادتنا ورخاء شعبنا. في حين أن إسرائيل لن تتوصل إلى ضمان أمن شعبها واستقراره بالحرب والدمار. فلتوقف اعتداءاتها اليومية على سيادة لبنان براً وبحراً وجواً ولتنسحب من الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري ولتُستكمل عملية إظهار الحدود المعترف بها دولياً وفقاً لاتفاقية الهدنة لعام 1949. وقد سبق لنا أن طرحنا رؤية لبنان لتحقيق الأمن والاستقرار المستدامين في الجنوب والتي تقوم على التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701 ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة وفقاً لخارطة طريق حددنا بنودها تفصيلياً في خطابنا الذي ألقيناه أمام مجلس الأمن في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني الفائت”.

ويؤكد بو حبيب رفض لبنان حكومةً وشعباً للحرب، ويشدد على أهمية التحرك للبحث في سبل تطبيق خارطة الطريق التي اقترحها لبنان ضمن إطار زمني محدد يضمن إعادة الحقوق لأصحابها ويمنح الاستقرار والأمن والازدهار للمنطقة.

ويختم بو حبيب رسالته بالقول: “أمامنا فرصة ولدينا الخيار وبأيدينا القرار. فلنتحرك قبل فوات الأوان”.

للإطلاع على رد الخارجية اللبنانية، إضغط هنا

شارك المقال