إضراب الانهيار

لينا دوغان
لينا دوغان

يعيش اللبنانيون بين الصيام الكبير وقرب شهر رمضان المبارك، من دون أن يكونوا قد حصلوا على معاشاتهم لهذا الشهر، مع استمرار إضراب موظفي وزارة المالية الذي يشكل خطراً على صرف رواتب القطاع العام، والذي لم يُعرف بعد متى ينتهي، بحيث أنه لم يتم التوصل الى حل من خلال التفاوض، وتقول مصادر إن اتصالات حكومية تجري في هذا السياق لاحتواء الاضراب والأمور متجهة نحو الحلحلة.

ونقلت صحيفة “الديار” عن بعض الأوساط، الحديث عن صيغة وسط تنص على إعطاء حوافز مرضية لموظفي المالية الذين أعلنوا عدم إنجاز معاملات صرف الرواتب، على الرغم من إقرار مجلس الوزراء المساعدات الاجتماعية، لأنهم يريدون أن تخصصهم الدولة بتقديمات خاصة لهم من سلفة الخزينة.

وبانتظار الحل الذي ينتظره القطاع العام المنهك والذي لم يعد ينقصه الا إضراب مفتوح، يبقى السؤال هل استطاعت الحكومة إرضاء هذا القطاع على اختلاف مكوناته؟

في إطلالة على المشهد في البلاد، فإن موظفي القطاع العام يعيشون أوضاعاً صعبة مع تدهور الليرة إلى مستويات قياسية وارتفاع أسعار السلع وتدني الرواتب والقدرة الشرائية للمواطن، وأيضاً يعيشون قلق الوضع الأمني من خلال ما يجري في غزة وبالتالي في جنوب لبنان، واتُخذ القرار بالاضراب والاحتجاج على عدم زيادة الحكومة الرواتب خصوصاً وأنها كانت وعدت موظفي المالية بمنحهم سلفة وبدلات نقل ما أثار اعتراض بقية الادارات، فأقفل معظم الوزارات والداوئر الرسمية ودخلت البلاد في حالة شلل وأزمة خانقة.

من هنا جاءت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، لتقديم الحلول من خلال مرسوم أصدرته، بحيث من المفترض زيادة ٣ رواتب للموظف والمتقاعد، وبهذه الزيادة تكون الحكومة قد حلت أزمة الاضراب وأنهت الفشل الاداري الذي لحق بالادارات العامة منذ مدة طويلة.

وجاءت ردود الفعل على هذه القرارات والتي تعتبر الأكبر منذ تحولت الحكومة الى تصريف الأعمال، على الشكل التالي: صدر عن تجمع موظفي الادارة العامة بيان يتحدث عن عودة موقتة عن الاضراب شرط حل الأمور المبهمة كافة في المرسوم خلال الأسبوع المقبل والتي هي مهلة فك الاضراب، ومن هذه النقاط التأكيد على مبدأ العدالة والمساواة بين جميع الادارات العامة ووجوب أن تشمل الحوافز كل الادارات، ومع التمني أن لا يكون مصير هذه الحوافز كما كان مصير حوافز شهري أيلول وتشرين الأول سنة ٢٠٢٣، والتي لم يصدر فيها أي مرسوم على الرغم من صدور قرار عن مجلس الوزراء.

بدوره، أعلن تجمّع العسكريين المتقاعدين رفض الزيادة التي أعطيت لهم لجهة قيمتها الهزيلة ومقارنتها مع ما أعطي لموظفي الادارات العامة، من هنا يبدو أن العسكريين لن يستكينوا وبالتالي السؤال اليوم يتعلق بخطواتهم المقبلة.

ضربت الأزمة الاقتصادية ادارات القطاع العام كافة في لبنان، والتي لا يداوم الموظفون فيها سوى يوم واحد في الأسبوع اذا حصل، وجاء الاضراب الأخير الذي من المفترض حله، ليزيد الطين بلة، كما أتت الزيادات الأخيرة دعماً للموظف من جهة، وخوفاً من الانهيار الكامل لكل القطاعات من جهة أخرى، وقد أتى اقتراح المرسوم باعطاء بعض الحوافز لتفعيل عمل الادارات العامة وزيادة الايرادات وتحسين الخدمات العامة ورفع الغبن عن العاملين في الدولة، وهذا الهدف المنشود رهن التطبيق السليم إن من الحكومة أو من الموظف… وإلا!.

شارك المقال