هوكشتاين يتجاوز “الخماسية”… رئاسياً!

صلاح تقي الدين

في وقت كان الرهان على مهمة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين نجاحه في التوصل إلى اتفاق لمنع توسّع الحرب الدائرة على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة، قفز إلى الواجهة موقفه غير المتوقع في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية حين دعا نواب المعارضة الذين التقاهم إلى الحوار من أجل انتخاب رئيس عتيد للجمهورية.

وكان هوكشتاين التقى خلال زيارته القصيرة إلى بيروت النواب جورج عدوان وجورج عقيص ممثلين حزب “القوات اللبنانية”، سامي الجميل والياس حنكش عن حزب “الكتائب”، والنائب ميشال معوض رئيس “حركة الاستقلال”، كما التقى الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في لقاء حمل أكثر من معنى ومغزى.

واستناداً الى مصدر من المعارضة، فإن استغراب لقاء هوكشتاين بوفد يمثل المعارضة “السيادية” ليس في محله ولا داعي للاستغراب، بل يأتي في إطار محاولة الادارة الأميركية الجادة التوصل إلى اتفاق شامل عبّر هوكشتاين عن بعض ملامحه ويشمل ترتيبات أمنية توقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

وكانت مصادر المعارضة قالت في حديث إلى “لبنان الكبير”: “لا يمكن تجاوز المعارضة التي تضفي على زيارة هوكشتاين بعضاً من التوازن وخصوصاً أن حلحلة الملف الرئاسي لا يمكن أن تكون عبر الاستماع إلى فريق الممانعة والمسؤولين الرسميين الذي يمثّلون هذا الفريق في الدولة فقط، وكان هوكشتاين مقتنعاً بأن هذه المعارضة تمثّل أكثرية من اللبنانيين وبالتالي من الضروري الاستماع إلى صوتها ورأيها، علماً أنها تتمتع بشعبية كونها منتخبة. وفي حين أنّ الحزب يفرض إرادته من خارج الدولة، تعمل المعارضة من داخل الدولة”.

وتشير المعلومات إلى أن نواب المعارضة الذين التقوا هوكشتاين خرجوا بانطباع مفاده أنه وإدارته يؤيّدان الخيار الثالث، وهذا الموقف الأميركي ليس بعيداً عن طرح الرئيس نبيه بري حول الحوار الذي ترفضه المعارضة، ودعوة هوكشتاين إلى الحوار تعتبر موقفاً متقدماً يلاقي موقف رئيس المجلس.

وعما إذا كان موقف هوكشتاين يتقدّم على موقف اللجنة الخماسية التي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، تشير مصادر سياسية معنية إلى أن ما يحكى عن خلافات داخل اللجنة الخماسية، ومن ثم نفي سفراء الدول الخمس في لبنان وجود هذه التباينات، لا يمكن إلا أن يكون قد خرج إلى العلن على قاعدة “لا دخان من دون نار”.

وانطلاقاً من هذا الواقع، تضيف المصادر: “ان إعلان هوكشتاين عن أن مباحثاته مع الذين التقاهم بدءاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط كما نواب المعارضة، شملت الملف الرئاسي، يعني في ما يعني أن المبعوث الأميركي قد يكون أضاف إلى مهمته الأمنية مهمة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية وبالتالي قد يكون سحب هذا الملف من يدي مبعوث اللجنة الخماسية الوزير الفرنسي السابق جان إيف لودريان”.

غير أن المحلل السياسي القريب من محور المقاومة سالم زهران يعتبر أن محوره يملك معلومات بأن “هوكشتاين مسؤول عن ملف الأمن والنزاع الحاصل بين لبنان وإسرائيل ومسؤول أيضاً عن ملف النفط والترسيم، في حين أن الملف الرئاسي عند وزارة الخارجية الأميركية وتحديداً لدى مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف”.

واستنتج زهران في حديث صحافي أن “هوكشتاين أتى إلى بيروت ليقول للفرنسي كش ملك وأن الحل الديبلوماسي لن يكون إلّا برعاية أميركية”، مضيفاً: “في كل الأحوال إذا تم التوصل إلى وقف القتال في غزة ولبنان وإلى حل سياسي على الجبهة الجنوبية فسيكون ذلك قوة دفع للإستحقاق الرئاسي، إلّا أن هذا الأمر مشروط بأمور وآليات طويلة ومعقدة”.

من الواضح أن نواب المعارضة كما فريق الثنائي الشيعي لا يزالون على موقفهم من حيث التمسّك بشروطهم الرئاسية، فالثنائي لن يتخلّى عن رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، في حين أن المعارضة التي تقاطعت مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، ليست بعيدة عن فكرة الالتقاء مجدداً على اسم “ثالث” وهو ما ألمحت إليه مصادر المعارضة التي التقت هوكشتاين.

وفي هذ الاطار، يجب الأخذ في الاعتبار نواب “الاعتدال” الذين يجولون على “رفاقهم” في الكتل النيابية بمبادرة تحمل اسماً رئاسياً ثالثاً على الرغم من أن نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” أعلنوا أنهم يدرسونها، في حين أن الرئيس بري التقى معها على مبدأ الحوار غير المشروط، وهو ما دعا إليه هوكشتاين أيضاً.

فهل يكون نجاح هوكشتاين في ملف ترسيم الحدود البحرية، سبباً لكي تقوم الادارة الأميركية بتكليفه البحث في الملف الرئاسي علّه يخرج “بترسيم رئاسي” مقبول من الجميع؟

شارك المقال