أطفال غزة يموتون بصمت… واسرائيل تتلكأ في الاتفاق على هدنة

لبنان الكبير

دخلت الحرب بين إسرائيل و”حماس” في غزة شهرها السادس اليوم الخميس، في وقت غادر وفد الحركة الفلسطينية القاهرة من دون اتفاق على هدنة يحاول الوسطاء انتزاعها في القطاع المحاصر قبل بدء شهر رمضان، في حين يتضور الأطفال جوعاً حتى الموت وسط تحذير الأمم المتحدة من أن المجاعة “تكاد تكون حتمية”.

وأسفر الهجوم الاسرائيلي العنيف حتى الآن عن سقوط 30800 قتيل معظمهم من المدنيين، بحسب آخر أرقام وزارة الصحة التابعة للحركة.

وفي مواجهة الكارثة الانسانية والخسائر الفادحة بين المدنيين، تأمل الولايات المتحدة وقطر ومصر تحقيق هدنة تتيح الإفراج عن الرهائن الاسرائيليين مقابل إدخال مزيد من المساعدات. لكن الجولة الأخيرة من المباحثات التي بدأت الأحد في القاهرة من دون مشاركة إسرائيلية، انتهت من دون التوصل الى نتيجة، مع تأكيد “حماس” أن اسرائيل لم تلبِّ بعد “الحد الأدنى” من مطالبها.

وأعلن مسؤول رفيع في حركة “حماس” طلب عدم كشف اسمه أن “وفد حماس يغادر الخميس القاهرة للتشاور، وحتى الآن في انتظار الرد النهائي الرسمي للعدو”، مؤكداً أن “الردود الأولية (لاسرائيل) لا تلبّي الحد الأدنى لمتطلباتنا المتعلقة بالوقف النهائي لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقواتها من غزة… وعودة النازحين إلى بيوتهم والبدء في الاغاثة والإيواء والاعمار”.

وكانت قناة “القاهرة الاخبارية” القريبة من السلطات في مصر، نقلت في وقت سابق عن “مصدر رفيع المستوى” إعلانه مغادرة وفد الحركة “للتشاور حول الهدنة، على أن يتم استئناف المفاوضات الأسبوع القادم”، لكن من دون أن يحدد تاريخاً لذلك.

وأكد المصدر أن “المشاورات مستمرة بين الأطراف كافة للوصول إلى الهدنة قبل حلول شهر رمضان المبارك” المتوقع في 10 آذار أو 11 منه.

“الرعب يجب أن يتوقف”

وأكد المسؤول في “حماس” اليوم الخميس أن ما تطلبه الحركة في المفاوضات “هو أيضاً مطلب شعبنا بكل مكوناته السياسية والمجتمعية على الرغم من الألم والمعاناة”، مشدداً على أن “العدو يماطل ويتلكأ و(رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو يضيع فرصة الوصول إلى وقف إطلاق النار وانهاء العدوان بدوافع شخصية وحزبية”.

وقال: “نحن لن نتنازل عما يحقق لشعبنا الأمان والعودة إلى بيوتهم وإطلاق عملية اغاثة وإعمار تلبي احتياجاتهم الأساسية واستعادة القدرة على الحياة في قطاع غزة بعد التدمير الهمجي الذي ارتكبه الاحتلال”.

وترفض إسرائيل هذه الشروط، مؤكدة أن هجومها سيستمر حتى القضاء على “حماس”، وتلوّح منذ أسابيع بشنّ عملية برية في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، والتي باتت الملاذ الأخير لنحو 1,5 فلسطيني نزحوا جراء المعارك والدمار في مناطق القطاع، وفق الأمم المتحدة، التي أعلنت أن المجاعة باتت تهدّد 2,2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكان القطاع المحاصر. والوضع خطير بشكل خاص في الشمال، حيث تجعل أعمال النهب والمعارك والتدمير، إضافة الى القيود الاسرائيلية، إيصال المساعدات إلى نحو 300 ألف نسمة عملية شبه مستحيلة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء على منصة “إكس”: “هذا الرعب يجب أن يتوقف الآن”، مشددا على أن “وقفاً إنسانياً لإطلاق النار لا يمكن أن ينتظر”.

ولجأت دول عدة في الأيام الأخيرة، بينها الولايات المتحدة أبرز داعمي إسرائيل سياسياً وعسكرياً في هذه الحرب، الى إلقاء المساعدات من الجو. ودعت الصين الخميس الى “وقف فوري لاطلاق النار”. ووصفت الحرب في غزة بأنها “عار على الحضارة”، مجددة موقفها المؤيد لإقامة دولة فلسطينية.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي للصحافيين في بكين: “إنها مأساة للبشرية ووصمة عار على الحضارة، حيث اليوم، في القرن الحادي والعشرين، هذه الكارثة الانسانية لا يمكن وقفها”.

دمار هائل

ميدانياً، تواصل القصف الإسرائيلي على مناطق القطاع، وأدى الى مقتل 83 شخصاً خلال الساعات الـ24 الأخيرة، كما ذكرت وزارة الصحة التابعة لـ”حماس” اليوم الخميس. واستمرت المعارك صباحاً في شمال القطاع، خصوصاً حي الزيتون بمدينة غزة، وفي الجنوب في قرية الشوكة القريبة من رفح، وكذلك في الجزء الغربي من خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع. وأفادت سلطات “حماس” بأن الدبابات الاسرائيلية غادرت وسط خان يونس هذا الأسبوع، مخلفة وراءها دماراً هائلاً بعد قتال استمر أسابيع.

وأشار الدفاع المدني الى أن “القوات الإسرائيلية دمّرت أكثر من 1500 منزل ومبنى وعمارة سكنية ومئات المحال التجارية بين تدمير كلي أو بأضرار جسيمة”، إضافة الى “كل شبكات المياه والمجاري والكهرباء والاتصالات والطرق في أحياء وسط مدينة خان يونس التي انسحبت منها الدبابات”.

وذكر مكتب الاعلام الحكومي التابع لـ “حماس” أن “الاحتلال يشنّ أكثر من من 30 غارة جوية” واستهدف منازل في مناطق مختلفة شمال القطاع ووسطه. فيما أعلن الجيش الاسرائيلي “مواصلة عملياته ضد البنى التحتية الارهابية في خان يونس ووسط قطاع غزة”.

“يموتون بصمت”
وأعلنت وزارة الصحة وفاة عشرين مدنياً على الأقل معظمهم من الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف. وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة: “نعتقد أن عشرات الأشخاص يموتون بصمت من الجوع من دون الوصول إلى المستشفيات”.

وأوضح المتطوع بسام الحو لـ “فرانس برس” خلال توزيع وجبات على نازحين في جباليا بشمال قطاع غزة “يمكننا البقاء على قيد الحياة لساعات من دون طعام، لكن ليس أطفالنا”، مضيفاً: “إنهم يموتون ويغمى عليهم في الشوارع بسبب الجوع. ماذا يمكننا أن نفعل؟”.

وحذرت الأمم المتحدة من أن المجاعة “تكاد تكون حتمية”. وإضافة الى إلقاء المساعدات من الجو، يتم البحث في إرسال إمدادات بحرية.

وستزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الجمعة ميناء لارنكا في قبرص، الدولة الأوروبية الأقرب جغرافياً إلى غزة.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي مجدداً جلسة مغلقة الخميس لبحث الوضع.

شارك المقال