خفايا معركة انتخابات نقابة المهندسين… والنكهة سياسية!

جورج حايك
جورج حايك

لا يمكن وضع انتخابات نقابة المهندسين اللبنانيين خارج الاطار النقابي، لكن في الوقت نفسه، نبتعد عن الموضوعية إذا اعتبرناها خالية من السياسة، بل ان التنافس فيها يجري بين القوى السياسية الحزبية، ولو أن شريحة كبيرة من المهندسين ليست حزبية، مع ذلك تجد نفسها في خضم معركة تخوضها الأحزاب، لأنها الأكثر تنظيماً وقادرة على الحشد والتأثير على خيارات المهندسين.

من الواضح أن الاصطفاف السياسي الذي يخيّم على البلد، ينسحب على الانتخابات النقابية التي تجري على مرحلتين: الأولى يوم الأحد 10 آذار الجاري لانتخاب أعضاء مجلس النقابة، و14 نيسان المقبل لانتخاب النقيب.

المشهد العام للتحالفات ينقسم إلى تكتلين كبيرين: الأول يضم “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وحركة “أمل”، والثاني يتألف من “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” و”الكتائب” و”الوطنيين الأحرار”. وتشير المعطيات من مهندسين مطلعين على حيثيات المعركة الى أن “التغييريين منقسمون إلى قسمين: المهندسون اليساريون الذين سيصوّتون لمرشحي الفريق الأول، والمهندسون اليمينيون الذين سيصوّتون للفريق الثاني”.

أما الحزب “التقدمي الاشتراكي” فيقف في الوسط، بل لم يعلن موقفه حتى الآن، إلا أن مصادر سياسية تؤكّد أنه سيكون في المرحلة الأولى على الحياد، ويسعى مع حركة “أمل” إلى التوصّل لاتفاق حول نقيب يجمع الأطراف كافة.

من المتوقّع أن تكون المعركة ساخنة بين “التيار” و”القوات” تحديداً يوم الأحد المقبل، وكلاهما يحشدان لهذا الاستحقاق في عرض قوة تمهيدي قبل إنتخاب النقيب، وتضم اللائحة العامة المدعومة من “التيار” عن “الهيئة العامة” لعضوية مجلس النقابة المهندسين: جهاد شاهين، أكرم خوري وحسن دمج. وستدعم “القوات” المهندسين إيلي كرم وجويس المتني وجيلبير بو منصف وادي اندراوس وكميل هاشم وبشير بعينو ومحمد زنكر وفاطمة حيدر.

أما المعركة الكبرى فستكون يوم الأحد 14 نيسان المقبل على مركز النقيب، وتلفت المصادر السياسية إلى أن “رئيس التيار جبران باسيل يولي هذه الانتخابات أهمية كبرى بعد سلسلة إخفاقات في الانتخابات الطلابية والنقابية، ويريد أن يحقق إنتصاراً يعيد بعض الأمل الى مناصريه الذين يعانون من خيبة الأمل، لذلك رشّح شريكه في بعض الأعمال وصديقه المهندس فادي حنا الذي أوكلت اليه لجنة المنشآت في التيار الوطني الحر”. وتعتبر المصادر أن “تحالف التيار مع الحزب في المعركة النقابية واستعداد الأخير للتصويت للمهندس حنا، يكشف أن كلام الرئيس السابق ميشال عون وباسيل عن الحزب ليس صادقاً، بل ان ما يجمعهما هو المصالح واستمرار المعادلة القديمة بينهما، فالتيار يغطي عقيدة الحزب وسلاحه، أما الحزب فيدعم نهج التيار على الرغم من كل علامات الاستفهام حوله بإدارة باسيل”.

في المقابل، تدعم “القوات” و”المستقبل” لمركز النقيب المرشّح المستقل المهندس بيار جعارة، الذي تؤكّد المصادر أنه “يتمتع بخبرة كبيرة في العمل النقابي، ويمتلك كل الكفاءات المطلوبة لتولي هذا المنصب، والتي لا تهدف الا الى تنظيم النقابة وتحديث أساليب العمل فيها والارتقاء بها نحو الأفضل”. ولن تغيب “النقابة تنتفض” عن أجواء المنافسة مع المهندس جوزف مشيلح، ويطرح المهندس جورج غانم نفسه مستقلّاً.

واللافت أن هذه المعركة الانتخابية النقابية تأتي على أنقاض تجربة غير موفّقة لمجموعات الثورة التي فازت بخطاب ونهج “17 تشرين” وتمكّن المرشح عارف ياسين من انتزاع مركز النقيب، مسجلاً انتصاراً تاريخياً على الأحزاب والقوى السياسية، وسرعان ما واجهت النقابة انشقاقات وتخبّطاً داخلياً وسوء إدارة وتلكّؤاً في معالجة الكثير من الملفات المفصلية. من جهة أخرى، فشل النقيب في إنقاذ الوضع وتحييد النقابة عن النزاعات السياسية، إضافة إلى غياب الشفافية في التعاطي!
أمام هذا الفشل الذريع، تؤكّد المصادر المطلعة أن “الأحزاب عادت بقوة لإسترجاع ما فقدته، ويبدو أن القوات وتيار المستقبل يدعمان البرنامج الاصلاحي للمرشّح جعارة وأهمه تحسين ظروف المهندسين المتقاعدين والمعاش التقاعدي وتغذية الصندوق التقاعدي والاستشفاء، ويحرص جعارة على استعادة الثقة بالنقابة ليكون المهندسون واثقين من وجود نقابة صلبة”.

وتشير المعلومات إلى أن عدد المهندسين المنتسبين الى النقابة في بيروت نحو 70 ألف مهندس، منهم نحو 50 ألفاً يحقّ لهم المشاركة في الانتخابات، أما نقابة المهندسين في طرابلس والشمال فتضم ما لا يقل عن 15 ألف مهندس مسجلين على لوائح الشّطب.

لا يختلف اثنان على أن الأحزاب تضفي نكهة سياسية على معركة الانتخابات النقابية للمهندسين، إلا أن هناك عدداً لا يُستهان به من المهندسين المستقلين لن يصوّتوا إلا لمن يُقنعهم ببرنامجه ومصداقيته ونهجه.

شارك المقال