“الأونروا” أكثر من مجرد كيس أرز ووعاء من الحساء!

حسناء بو حرفوش

هل انتهى دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) مع مقتل أكثر من 22 ألف فلسطيني؟ وهل يجب على العالم بأسره الوقوف وراء تمسك إسرائيل بقطع شريان الحياة الذي تمثله هذه الوكالة؟

وفقاً لمقال في موقع “ميدل إيست مونيتور”: “يقف تعنت إسرائيل أمام مساعي السلام، فهي تتمسك بضرب عرض الحائط بالأونروا وخدماتها، وبمحوها عن وجه الأرض، على حد تعبير وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت، في خطابه بعد هجوم أكتوبر الماضي.

المقال الذي حمل توقيع الدكتور مصطفى فاتوري طرح السؤال حول ماهية الحل، مع توخي التركيز على “السبب التاريخي وراء نشأة الأونروا في المقام الأول قبل حوالي 75 عاماً. والاجابة غاية في البساطة، فمع ارتكاب الأمم المتحدة خطيئة تأسيس دولة إسرائيل في العام 1948 في فلسطين، توجب عليها بالتوازي إنشاء وكالة لرعاية مئات آلاف الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم خلال عمليات التطهير العرقي واسعة النطاق التي قامت بها الجماعات والميليشيات الارهابية الصهيونية، والقوات المسلحة الاسرائيلية الناشئة. وهذا يعني أن جل ما يتعين القيام به في حال إيقاف الوكالة هو السماح للفلسطينيين وأحفادهم بالعودة إلى ديارهم.

ولن يصعب في هذه الحالة العثور على اللاجئين؛ فمعظمهم في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا، ومعظمهم على استعداد للعودة إلى منازلهم سيراً على الأقدام من دون أي مساعدة من أي شخص إذا سمح لهم بذلك. وبالنسبة الى هؤلاء، الاعتماد على المساعدات الانسانية والصدقات التي تقدمها الأونروا في الواقع شيء يرغبون بنسيانه في أقرب وقت ممكن، تماماً كما يودون طي صفحة التشرد والشتات. يفضل اللاجئون العيش في منازلهم في بلدهم وكسب رزقهم من دون انتظار أي صدقات.

ومع ذلك، حصرت إسرائيل دور الأونروا بمجرد كيس أرز ووعاء من الحساء من خلال رفضها قبول حق العودة. وعلى مر العقود، جعل هذا وكالة الأمم المتحدة المؤقتة المفترضة أكثر استدامة من القضية التي تخدمها. ولم تعرف أجيال من اللاجئين الفلسطينيين سوى الأونروا في توفير الغذاء والمأوى، فضلاً عن التعليم والرعاية الصحية، والأهم من ذلك، إبقاء اللاجئين معاً في مخيمات تشبه الغيتو حيث يمكنهم تبادل ذكرياتهم المشتركة عن النزوح والحرمان. الوكالة هي في الأساس مؤسسة خيرية كبرى، وكانت الطريقة الوحيدة للاجئين لكي لا ينسوا من هم ومن أين أتوا ولماذا أصبحوا لاجئين في المقام الأول.

ولم يكن لدى الأونروا ميزانية مخصصة من الأمم المتحدة على الاطلاق، باستثناء مبلغ صغير نسبياً لتغطية رواتب كبار المسؤولين والاداريين. ويأتي معظم ميزانيتها السنوية، التي تقدر بنحو 1.6 مليار دولار، من التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وبالتالي تعاني الأونروا بصورة دائمة من نقص الأموال بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والعدد المتزايد من اللاجئين الذين يتعين عليها إطعامهم وتعليمهم وتوفير الرعاية الصحية لهم.

ينبغي لإسرائيل أن تخجل من هجومها ضد الأونروا بحجة أن 12 (من أصل 13.000) من موظفي الوكالة شاركوا في عملية طوفان الأقصى. واليوم، توقف الولايات المتحدة وحلفاؤها تمويل الأونروا من دون أي دليل على الإدعاءات الاسرائيلية وعلى الرغم من إطلاق تحقيق مع جميع الأفراد المعنيين وفصلهم أو إيقافهم عن العمل بانتظار انتهاء التحقيقات. كما أن تزييف الوقائع ليس بجديد بالنسبة الى إسرائيل وحتى لو كان الادعاء صحيحاً، فإن حرمان الأونروا من الأموال – وحرمان أكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجل لدى الوكالة من الضروريات الأساسية – بسبب ما قد يفعله أو لا يفعله 12 شخصاً، هو أمر شائن. والعواقب الكارثية التي يتحملها 2.3 مليون شخص في غزة واضحة؛ يمكننا أن نتابع الإبادة الجماعية عبر مواقع التواصل وفي الوقت الفعلي. والواقع أن الضغط من أجل وقف التبرعات للأونروا، في حين أنها وكالة الأمم المتحدة الوحيدة التي تعتني بالفلسطينيين في غزة في هذا الوقت، يفضح جرائم إسرائيل ضد الانسانية، بما في ذلك التجويع المتعمد والعقاب الجماعي.

الحل بسيط للغاية! إذا أراد العالم إيقاف الأونروا، فليُعد اللاجئين إلى ديارهم.. وبالانتظار، إن تحلى هذا العالم بأي حس للعدالة، فيجب عليه مضاعفة ميزانية الأونروا وإجبار إسرائيل ليس على قبول عودة أولئك الذين طردتهم في عامي 1948 و1967 وحسب، ولكن أيضاً تعويضهم عن عقود من المنفى والاعتماد على الوكالة”.

شارك المقال