ترحيل السجناء السوريين… التطبيق العشوائي يوصل الى الموت!

عمر عبدالباقي

تواجه قضية السجناء السوريين في السجون اللبنانية تحديات جمة، بحيث وصلت إلى مرحلة “طفح الكيل” نتيجة غياب حلول مناسبة لمشكلة الاكتظاظ والظروف الانسانية المتراكمة. ولا يزال هذا الملف يشكل قضية حساسة، وقد تزايد التوتر بعد محاولة انتحار أربعة سجناء سوريين في سجن رومية المركزي، وذلك بعد تسليم السلطات اللبنانية شقيق أحد الموقوفين الى النظام السوري، ما أثار قلقاً واستياءً بين السجناء الآخرين الذين يعيشون مصيراً غامضاً وظروفاً صعبة، ففكرة تسليمهم الى السجون السورية بالنسبة اليهم أكثر من الموت. وبين الاكتظاظ داخل السجون والضغوط التي تتحملها السلطات اللبنانية، وبين الحالات الانسانية المظلومة بفكرة ترحيلها الى مصير مخيف أكثر من الحالي، فان الفوضى والمعاناة يزيدان ولا حل يضع حداً لما يحصل.

هذا الموضوع يشهد تصاعداً للضغوط التي يتعرض لها نظام السجون في لبنان، وتتركز هذه الضغوط خصوصاً على الاكتظاظ الذي تشهده ووجود العديد من السجناء من جنسية سورية. ويوضح الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لموقع “لبنان الكبير”، أن التقارير تشير إلى أن نسبة السجناء السوريين في السجون اللبنانية بلغت 38%، عدا عن وجود مساجين من جنسيات أخرى.

هلع السجناء

وبالتركيز على موضوع ترحيل السجناء وتسليمهم الى النظام السوري، الذي شغل الرأي العام في الأيام الأخيرة، يتساءل العديد عن سبب تجاهل البحث عن حلول لهذا الموضوع الذي يهدد أمن السجون في الداخل وخصوصاً لهؤلاء المعارضين الذين هم على يقين من وصولهم الى مرحلة أكبر من الموت في حال نُفذ قرار ترحيل أي واحد منهم، كما من المعروف أن الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة وقعتا سابقاً اتفاقية تقضي بعدم تسليم أي شخص سوري إلى بلاده، إذا كان من المنشقين عن النظام، أو ممن التحق بالانتفاضة السورية.

المدير العام لـ “مركز سيدار للدراسات القانونية” المحامي محمد صبلوح، الذي كان له دور في هذا الملف من خلال توكيله لمتهمين سوريين لهم علاقة بهذا الموضوع، قال لموقع “لبنان الكبير”: “ان قضية موكلي ي.ع هي من القضايا البارزة حالياً، فما حدث أنه صدر قرار بإخلاء سبيله بكفالة قدرها 300 مليون ليرة، وفيما بعد صدر قرار قضائي يمنعه من السفر. نقل إلى جهاز الأمن العام، وبعد مرور شهرين من التحقيق في الجهاز، اتخذ قرار بترحيله. وحين قمنا بمراجعة الوضع، أفادونا بأن هذا القرار صدر عن المدير العام. وعندما أصبح صوتنا مسموعاً في وسائل الاعلام، توقف تنفيذ قرار الترحيل، لكنه لا يزال محتجزاً لديهم، ولدى المراجعة أبلغونا أن هناك قراراً صادراً عن مدعي عام التمييز بإبقائه محتجزاً حتى جلسة يوم 28 من شهر أيار. وفي الختام، لم نحصل على نسخة من قرار مدعي عام التمييز، ما يعوق إمكان مراجعته أو التماس استئناف ضده”.

أضاف صبلوح: “الحالة الأخرى التي سببت ضجة كبيرة لدى الرأي العام في ما يخص هذا الموضوع هي قضية م.و، الذي لديه أشقاء محتجزون في سجن رومية، ويعتبرون عائلة سورية معارضة. قدمت طلباً خطياً إلى مدعي عام التمييز، أعربت فيه عن مخاوفي من أن تسليم هذا الرجل قد يعرض حياته للخطر. وقام المدعي العام بتحويل الملف إلى المدير العام للأمن العام للنظر فيه. بعد مراجعتنا للملف في الأمن العام، تلقينا إخطاراً بأنه قيد الدرس. وفي اليوم التالي، تلقت والدة الموكل اتصالاً هاتفياً من ابنها الذي أخبرها وهو في منطقة المصنع أنه تم ترحيله، وهذا من دون إبلاغنا أو إخطارنا بأي شكل من الأشكال بخصوص ترحيله في هذا الوقت نهائياً”.

وأكد صبلوح أن “هذا الوضع تسبب في حالة قلق وخوف بين السجناء في سجن رومية، ما دفعهم إلى محاولة الانتحار، مع العلم أن هذه المحاولة لم تشكل تهديداً وحسب، بل بالفعل يريدون تنفيذ الانتحار. كان عددهم أكثر من أربعة، والأربعة الذين ظهروا في الصورة هم جزء من مجموعة تضم حوالي سبعة أشخاص، ولكن الآن تم إنقاذ حياتهم وعادوا إلى حالتهم الطبيعية”.

ورأى صبلوح أن “عملية ترحيل السوريين تشهد تطبيقاً عشوائياً من دون إجراء دراسة شاملة لكل حالة على حدة. فقد قمنا سابقاً بتوثيق حالات توقيف 24 سورياً تم ترحيلهم إلى سوريا، وتبين أن 22 شخصاً تمت إعادتهم بواسطة الجيش السوري، وذلك مقابل دفع مبالغ مالية للمهربين وعبر طرق غير قانونية”.

شارك المقال