بري: أنا الرئيس… والأمر لي

رواند بو ضرغم

أنا من أضع الآلية للحوار أو التشاور، ولا رئيس غير رئيس المجلس… قالها الرئيس نبيه بري جازماً “الأمر لي”، فلا تشاور الا وطنياً ومتوازناً ولا يُلغي أحداً.

ففي الشكل، لا شيء اسمه تداعياً للنواب، إنما للحوار آليته تبدأ من دعوة واضحة موجهة الى رؤساء الكتل النيابية من الأمانة العامة لمجلس النواب، يترأسه رئيس المجلس على اعتباره رئيساً لكتلة نيابية أو نائبه، ليُطرح البحث في الرئاسة على طاولة مستديرة.

أما في المضمون فلا يذهب أي فريق بنية إلغائية ولا يتجاوز حق أي فريق في ترشيح إسم رئاسي. فرئيس المجلس هو نائب شأنه كشأن باقي النواب وله الحق في اختيار مرشحه الرئاسي، ولا شروط مسبقة للحوار ولا استبعاد لأي مرشح ولا تقرير أي توجه نحو مرشح ثالث الا خلال التشاور، لا قبله. أما سلب النائب حقه الدستوري في التصويت أو الامتناع أو مقاطعة الانتخاب عبر الخروج من القاعة العامة فأمر غير مقبول، وخصوصاً أن سلاح التعطيل استخدمه كل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وقوى المعارضة في الهيئات العامة واللجان النيابية، كما لوّح باستخدامه رئيس حزب “القوات” سمير جعجع في حال تأكد وصول رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى أكثرية الانتخاب التي توصله الى الكرسي الرئاسي في بعبدا. وفي كل المحطات لم يعترض الرئيس بري على استخدام النواب حقهم في التعطيل، لا بل احترم حقهم الدستوري في الامتناع عن الحضور، لذلك لا يحق لأي أحد أن يسلب هذا الحق من الثنائي الشيعي، ولا تُقاس الحقوق على قياس المصالح الحزبية الضيقة.

وعن محضر الجلسة، تجزم عين التينة بأن رئيس المجلس لن يسمح بتعطيل المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تقوم بواجباتها التشريعية على اعتبارها آخر مؤسسة مكتملة المواصفات في ظل فراغ رئاسة الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال. فالجلسات المتتالية تطيح التشريع، وعدم ختم المحضر يعطّل تشريع قضايا الناس والقوانين الملحّة، لذلك بعد كل جلسة مفتوحة بدوراتها المتتالية سيُختم المحضر ليحدد بعدها رئيس المجلس وفق صلاحياته موعداً للجلسة المفتوحة التالية.

ولكي تبقى الوحدة الوطنية فوق كل اعتبار، يحرص الرئيس بري على أن توافق الأطراف النيابية كافة على حضور الحوار والتشاور بإنفتاح على كل الاقتراحات الاسمية من ضمنها فرنجية وجهاد أزعور والمرشح الثالث. الا أن “القوات” اذا امتنعت عن حضور الحوار، فلن يدعو بري الى جلسة حوارية حتى لو حضرها “التيار الوطني الحر”، فالهدف من الحوار هو التقاء الأطراف المتعارضة والوصول الى توافقات، لا ترسيخ الانقسامات الداخلية وإقصاء أطراف سياسية.

في المقلب السياسي الآخر، يرى مصدر قيادي في المعارضة أن مشاركة “القوات” في أي حوار، وإن كانت تحت ذريعة “الايجابية في التعاطي مع مبادرة الاعتدال”، تعتبر تراجعاً جديداً عن مبادئها وشعاراتها السياسية، وخصوصاً بعد أن تبيّن إمساك رئيس المجلس بمفاصل آلية المبادرة، فتكون “القوات” قد شاركت في جلسات تشريعية بعد أن حسمت عدم مشاركتها الا في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. وقالت إن لا جدوى من جلسات الحوار وهي تفضّل اللقاءات الثنائية والثلاثية، وها هي اليوم منفتحة على مبادرة “الاعتدال”. فهل ستشارك “القوات” في التشاور بعد أن وضع بري إطاره واستدرجهم الى الحوار بعد تعطيلهم لدعواته ثلاث مرات على مدى سنة ونصف السنة؟! إن مصداقية “القوات” على المحك والمعارضة بانتظار قرارها النهائي بعد انكشاف حقيقة المبادرة! يختم المصدر.

شارك المقال