قصف بعلبك… رسالة اسرائيلية بالتفرغ للجبهة اللبنانية

آية المصري
آية المصري

بعدما كانت الجبهة الجنوبية تعيش قصفاً متواصلاً منذ 8 تشرين الأول الماضي، اشتعلت الجبهة الشمالية في اليومين الماضيين بعدما نفذت اسرائيل عدّة غارات متواصلة على مراكز متعددة في بعلبك. وفي أول أيام شهر رمضان المبارك عاش أهالي منطقة بعلبك بعد الافطار الخوف والهلع بسبب القصف الجنوني الذي أسفر عن مقتل شاب وإصابة العديد من المواطنين، ما استدعى طلب وحدات الدم من مختلف الفئات. وتُعد هذه الضربة الثانية من نوعها بعد قصف بعلبك منذ أقل من شهر للمرة الأولى منذ العام 2006.

وفي اليوم الثاني لم يهدأ الجنون الاسرائيلي بحيث استمرت الغارات على المناطق البقاعية ومنها النبي شيت، سرعين وحوش الرافقة، ويبدو أن هذه الجبهة باتت مفتوحة اليوم للمزيد من الضربات التي سيشنها الجيش الاسرائيلي بعدما باءت محاولة التهدئة بالفشل، وطالما أن القرار 1701 لم يطبق بعد على أرض الواقع. فهل سنشهد المزيد من الضربات على بعلبك أم بات البلد أمام حرب شاملة على مختلف المناطق خصوصاً وأن صاروخاً اسرائيلياً سقط في أراضي منطقة كسروان.

في هذا السياق، رأى العميد المتقاعد يعرب صخر أن “ما يحدث في بعلبك رسالة اسرائيلية بأنها فرغت من كل شيء و95% من الأمور في غزة صارت تحت السيطرة، وهي متفرغة للجبهة اللبنانية بطولها وبعرضها، بشمالها وجنوبها وتقوم باستدراج البلد منذ 3 أشهر وحزب الله لا يزال بين الحرب واللاحرب واسرائيل جاهزة ومستعدة له أينما كان وحيثما كان وكيفما كان”.

وأشار في حديث عبر “لبنان الكبير” الى أن “الرسالة الأهم هي اما تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته أي خطة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ومبادئه والانسحاب الكامل من جنوب لبنان لمدى 40 كيلومتراً وتمكين الجيش اللبناني والقوى الشرعية اللبنانية من الانتشار في الجنوب اللبناني أو الحرب، يعني أن اسرائيل تقول ليس هناك حل وسط اما تطبيق الـ1701 بكامل مندرجاته أو الحرب”.

وحول احتمال ازدياد الضربات بقاعاً، علق صخر بالقول: “نحن في خضم الحرب، اسرائيل تتبع الآن حروب الجيل الخامس أي بدل الحرب عالية الكلفة تتبع اصطياد الرؤوس ومراكز القيادة والأهداف القيادية والسيطرة أينما كان في سوريا، لبنان، في العراق وكل ما يطلق عليه صفة ممانع اسرائيل تبعث له رسالة بأنه لم يقرر المحاربة لكنها تحارب بالجيل الخامس وبطريقتها وبأقل كلفة وتقوم بما تريد خصوصاً وأن الأجواء والساحات مستباحة، والحزب لا يزال ما بين الحرب واللاحرب واسرائيل في خضم الحرب”.

وتعليقاً على نقل الجبهة الجنوبية الى الشمالية بعد القصف الذي طال مناطق عدّة في بعلبك، رأى مدير “مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية”، الباحث الفلسطيني هشام دبسي أن “من الصعب الحديث عن هذه الغارات بصفتها مسألة جزئية مرتبطة بالصراع الاسرائيلي مع حزب الله وايران فقط، وأعتقد أن هذه الغارات مرتبطة بمفهومين للتصعيد السياسي والأمني والعسكري في المنطقة، المفهوم الذي طرحه (بنيامين) نتنياهو من أجل استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه الكبرى بالتهجير والارضاخ، والمفهوم الايراني الذي يريد أيضاً التصعيد وعدم الوصول الى أي هدنة سواء في فلسطين أو في لبنان نظراً الى حاجة الحكومة الايرانية والنظام الايراني الى استدراج مواقف أميركية لها علاقة بما يجري حول الملف النووي ووكالة الطاقة الذرية ولها علاقة بتوقف المباحاث حول العقوبات وطريقة تخفيفها عن ايران”، لافتاً الى أنه “عندما يكون هناك تصعيد ايراني في اليمن، وتصعيد يُجبر بدرجة من الدرجات حركة حماس على عدم إبرام هدنة في هذا الوقت بالتحديد فان الموقف بالنسبة الى نتنياهو هو فرصته لترجمة سياسته بالأساس سياسة الاعتداء وارضاخ الآخرين باستعمال القوة العسكرية التي نراها في هذه الطريقة”.

وأوضح دبسي عبر “لبنان الكبير” أن “الايرانيين نجحوا نجاحاً لا بأس به في ادارة الصراع بين الحدين، الحد الأعلى هو التفاهم مع واشنطن على عدم الوصول الى حرب واسعة وشاملة، والحد الأدنى هو تحدي واشنطن ودفعها لكي تقدم تنازلات في ملفات جزئية وبهذا المعنى استطاع الايرانيون عبر الحوثي واجبار حماس على عدم ابرام هدنة وعبر الاشتباك المباشر في الجنوب اللبناني وبعض الاشتباكات في جبهة الجولان المحدودة، استطاعوا فعلاً أن يديروا حلقة صراع مدروسة ومحكمة يمارسون فيها التحدي الأمني لأميركا لكي تُقدم لهم تنازلات من دون أن يمسوا بالاتفاق الشامل بأن لا يذهبوا الى حرب شاملة”.

وأكد دبسي أن “نتنياهو يهدد من طرف بحرب شاملة لكن القرار ليس بيده وهو يقصف لأنه مرتاح الى أن الموقف الايراني لا يريد حرباً شاملة وفي الوقت عينه يدرك أن مصلحته في التصعيد وأن ايران مصلحتها في التصعيد ولذلك ثمة تناغم في هذا الشأن على حساب الفلسطينيين واللبنانيين معاً”.

وحول امكان توسع الحرب لتصبح شاملة، قال دبسي: “في الواقع العمليات العسكرية ما زالت مضبوطة والتفاهم الايراني – الأميركي على منع توسع الحرب الشاملة لا يزال قائماً وفي الوقت عينه التحدي الايراني من أجل استدراج عروض أميركية الآن لحظتها المناسبة بحيث تدخل الادارة الأميركية طور الانتخابات ومعالجة الملفات الساخنة بطرق قد تؤثر على نسب المؤيدين في التصويت فيها”.

شارك المقال