تعيش إسرائيل صراعاً كبيراً مع دخول حرب غزة شهرها السادس، وفقاً لمقال في موقع “جيروزاليم بوست” الاسرائيلي. فهي بمواجهة “الصراع المستمر والانقسامات الداخلية بالتوازي مع الضغط غير المسبوق الذي يعاني منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع تصاعد التوتر على أكثر من جبهة”.
وحسب المقال، “على الرغم من أن الجيش الاسرائيلي قلص عملياته بصورة كبيرة، لا تزال قواته تعمل داخل قطاع غزة. وفي الوقت عينه، تشتعل الحدود الشمالية أيضاً وفراغ في المناطق السكنية المجاورة. واندلعت الحرب بعد عام مضطرب في إسرائيل أثارت فيه محاولة الحكومة إصلاح السلطة القضائية حركة احتجاجية واسعة النطاق. ومع وضع الانقسام جانباً مؤقتاً مع هجوم حماس، عاد الشرخ الى الظهور مع استمرار الحرب، وهذا يعني أن ما بدأ كمسألة توافقية أصبح الآن مسألة سياسية.
نتنياهو في عين العاصفة
“إرث نتنياهو: فشل بعد فشل، وكارثة بعد كارثة”، يختصر هذا العنوان في صحيفة “هآرتس” المعروفة بمعارضتها لنتنياهو وكتلة اليمين، بصورة رئيسية سنوات نتنياهو الأخيرة في السلطة. وركزت الصحيفة على انخفاض التأييد الذي يحظى به رئيس الوزراء الاسرائيلي منذ بداية الحرب. واحتج آلاف الاسرائيليين السبت في تل أبيب مطالبين بإجراء انتخابات جديدة. ويرفض نتنياهو حتى الآن تلك الدعوات، والساحة السياسية تنتظر التطورات على الخطوط الأمامية وفي أماكن أخرى.
في الداخل، إحدى القضايا الأكثر إثارة للخلاف هي الإعفاء الشامل الممنوح لليهود المتشددين من الخدمة الاجبارية. ومع اقتراب الموعد النهائي لإقرار قانون يمدد الإعفاء، يحتدم الجدل في إسرائيل. وقد يؤدي الموعد النهائي الوشيك إلى صدع كبير داخل ائتلاف نتنياهو، الذي يمثل كبار أعضائه ممثلي الأحزاب المتطرفة.
وما يثير قلق نتنياهو وحكومته أيضاً نشر تقرير الأسبوع الماضي حول كارثة جبل ميرون وتدافع 2021. وقد صنّفت اللجنة نتنياهو، بالاضافة إلى مسؤولين كبار آخرين، كمسؤول شخصي عن الكارثة. ورفض حزب الليكود بزعامة نتنياهو النتائج، ما أثار غضباً شعبياً. وقارن الكثيرون بين رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي قبول المسؤولية عن كارثة 2021 ورفضه تحمل المسؤولية عن دوره في الفترة التي سبقت الهجوم المفاجئ الذي شنته “حماس” قبل خمسة أشهر.
دور نتنياهو في تعزيز “حماس”
ووفقاً لـ “جيروزاليم بوست”، “قاد نتنياهو إسرائيل معظم الفترة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة. ولعب دوراً رئيسياً في تعزيز حماس، ما سمح للمساعدات المستمرة والأموال بالدخول إلى غزة والتي كانت موجهة إلى حد كبير نحو القدرات العسكرية لحماس، وبالتالي المساعدة في تعزيز قبضتها على قطاع غزة. وأدت هذه السياسة إلى إدامة الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ونُقل عن نتنياهو قوله إن إبقاء حماس في السلطة في غزة سيمنع في نهاية المطاف إقامة دولة فلسطينية، وهو حجر الزاوية في سياسته تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. ويبدو أن إسرائيل في حالة انتظار وعلى حافة الهاوية، حيث أن القضايا الرئيسية على أعتابها تنتظر الحل”.
وحسب المحلل السياسي الاسرائيلي أبراهام ديسكين، “هناك تضارب في المصالح والمواقف، ومحدودية في السلطة، والكثير من الضغوط. من الصعب جداً السيطرة على كل شيء. ولسنوات، تجنب نتنياهو اتخاذ القرارات الكبرى، وغالباً ما اختار انتظار التطورات على الأرض. وعلى رأس أجندة إسرائيل هناك الحرب المستمرة ضد غزة، والعملية البرية الوشيكة في مدينة رفح جنوب القطاع، ومصير 134 رهينة إسرائيلية. وما بدأ كحملة جوية وبحرية واسعة النطاق ضد حماس انضمت إليه فيما بعد القوات البرية. وفي بداية هذا العام، دخل الجيش ما وصفه بالمرحلة الثالثة من الحرب التي ستشهد المزيد من العمليات الدقيقة التي تهدف الى إطلاق سراح الرهائن وقتل كبار قادة حماس أو أسرهم.
لكن هذه المرحلة قد فشلت، وفقاً للدكتور مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، بحيث لم يتم إطلاق سراح الرهائن أو إطاحة حماس. وحسب ميلشتاين، غزة مقسمة الآن بين مناطق خاضعة لسيطرة حماس ومناطق تنتشر فيها الفوضى”.
وتكافح إسرائيل، وفقاً للمقال، “للحفاظ على الدعم الدولي لحربها ضد حماس، وهي على وشك اتخاذ قرارات حاسمة في ظل تضاؤل ثقة العالم فيها. وأضاف ميلشتاين أن إسرائيل تفتقر الى الاطار الاستراتيجي. على إسرائيل أن تسأل نفسها كيف تنوي تغيير الواقع في غزة، وحتى الآن، لا يبدو أنها تقدم لنفسها إجابات صادقة. لا يمكنك تغيير الواقع أو إسقاط حماس من دون السيطرة على غزة بأكملها مع الوجود المستمر للقوات على الأرض. وبالانتظار، الحرب لم تنته والشارع يريد إطلاق سراح الرهائن وإزاحة حماس عن السلطة. وفي الوقت الحالي، تبدو هذه الأهداف بعيدة جداً عن متناول إسرائيل”.