“حماس” وإسرائيل بين اللاهزيمة والانتصار الحذر

عاصم عبد الرحمن

عادةً ما تنتهي الحروب بانتصار طرف وهزيمة آخر ليسود على الأثر واقع جديد يتأرجح بين النهضة والاستنزاف على الصعيدين البشري والحجري. ومن نهايات بعض الحروب أيضاً عقد هُدَن لفترات محددة يؤمل منها أن تنهي الصراعات لكنها سرعان ما تنفجر كنتيجة طبيعية لعدم معالجة الأسباب جذرياً، حالٌ تنطبق على العدوان الصهيوني على فلسطين المحتلة منذ أكثر من 80 عاماً ولا يزال.

اليوم، ومع دخول حرب الابادة الجماعية التي تمارسها العصابات الاسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس وما خلفته من ويلات كارثية غير مسبوقة في التاريخ، أُطلقت جهودٌ دولية وإقليمية وعربية لوضع حد للنزيف الفلسطيني، وتوالت جلسات التفاوض بين كل من حركة “حماس” الجناح السياسي لـ “كتائب القسام” التي تخوض معركة “طوفان الأقصى” منذ 7 تشرين الأول 2023 وكيان العدو الاسرائيلي الذي يعاني ليس عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحسب، بل يرزح تحت رحمة رئيس الوزراء المهووس بالسلطة بنيامين نتنياهو الذي يقبع أسير هواجسه الشخصانية والزعاماتية محاولاً استنساخ تجربة مؤسس الكيان وباني المجد الاسرائيلي المزعوم والملطخ بدماء قرية دير ياسين ديفيد بن غوريون، مفاوضاتٌ تسير بوتيرة بطيئة تفتقر في معظمها إلى ممارسة ضغط حقيقي دولي وأميركي على وجه الخصوص على إسرائيل لحثها على وقف العدوان بالنظر إلى تعنتها بغية تحقيق انتصار سياسي عجزت عنه في الميدان العسكري. وعليه كيف يمكن تقويم ما حققته كل من القسام وإسرائيل في ميزان الهزيمة والانتصار؟

ماذا حققت المقاومة؟

على الرغم من الخسائر البشرية الدامية التي لحقت ولا تزال بالفلسطينيين وسقوط قطاع غزة بمعظمه تحت ركام العدوان الصهيوني كما سقوط الانسانية بأوجهها كافة، فلا شك في أن المقاومة الفلسطينية قد حققت ما لم يسبق حدوثه في تاريخ القضية على الصعيدين السياسي والعسكري. في هذا السياق، يقول أستاذ التنظيم الاداري والسياسات العامة في الجامعة اللبنانية البروفيسور برهان الخطيب (لبنان) لـ “لبنان الكبير”: “إنَّ معركة طوفان الأقصى أعادت الى القضية الفلسطينية حيويتها وكشفت مواقف الدول من جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني، فعلى الرغم من استخدام إسرائيل للأرض المحروقة من خلال الهجوم واسع النطاق على المدن والقرى ومظاهر إذلال وسوء معاملة أو تعذيب السجناء أو المعتقلين أو غير المقاتلين من مدنيين والكوادر البشرية الصحية، والهجوم غير المبرر على مراكز وممثلي المنظمات الانسانية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، بالاضافة إلى مواقف قادة الدول المؤثرة على المسرح الدولي أبرزهم الرئيس الأميركي التي أكدت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أنَّ ما حققته المقاومة الفلسطينية أدهش العالم وإسرائيل على السواء ويمكن اختصاره بالآتي:

  • إعادة القضية الفلسطينية إلى سلم أولويات القضايا العربية خصوصاً لدى جيل الشباب والأطفال الذين ظن البعض أنهم نسوا قضيتهم وأسقطوها.
  • فاجأت “كتائب القسام” العالم وضربت الدعاية السائدة عن تفوق إسرائيل المطلق وأنها القوة التي لا تقهر، فألقت “طوفان الأقصى” بظلال الإرباك والدهشة على كل من الميدان العملياتي والمسرح السياسي، وكانت العملية نقطة تحول في الصراع، حيث وجهت ضربة استراتيجية غير متوقعة الى الجيش ما أحدث ردود فعل كبيرة داخل المجتمع الاسرائيلي.
  • للمرة الأولى في تاريخ الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي نجحت المقاومة في تعزيز سيطرتها على الأرض، مؤكدةً إصرارها على الاحتفاظ بكل شبر منها. هذه السيطرة أدت إلى وضع المدنيين الاسرائيليين تحت طائلة سلطتها لفترة وجيزة، ما أثار حالة من الانفلات والتخبط في الجانب المقابل للجدار مع قطاع غزة.
  • تمكنت المقاومة، بجرأة وتكتيك غير مسبوقين، من اقتحام الجدار الأمني الذي تميز بالتحصينات المتقدمة والتكنولوجيا العالية، والذي بلغت تكلفته مليارات الدولارات.
  • شكلت “طوفان الأقصى” ضربة قاصمة للقوة والهيبة اللتين كان يتمتع بهما الجيش الاسرائيلي، وغدت مصدراً لإلهام المعنويات الفلسطينية وتحفيزها، وتأكيداً على قوة العزيمة والتصميم، بأسلوب لم يكن في حسابات الكثيرين.

في السياق نفسه، يقول رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في “مؤسسة القدس الدولية” الدكتور هشام يعقوب (فلسطين) لـ “لبنان الكبير”: “طوفان الأقصى كانت عملية عسكرية محكمة حققت أهدافًا سياسية وعسكرية واستراتيجية كبيرة، فقد جاءت في وقت تحاك فيه المؤامرات لتصفية القضية الفلسطينية، عبر مشروع السلام الاقتصادي الذي يسلب الفلسطينيين حقوقهم السياسية، وعبر دمج كيان الاحتلال الصهيوني في المنطقة العربية والاسلامية، وتشكيل تحالف عربي وإسلامي يتكامل مع هذا الكيان سياسيّاً، وأمنيّاً، واقتصادياً، وثقافيّاً، وهذا يتطلب بالضرورة إزالة العقبات أمام هذا المشروع، ولا سيما المقاومة التي ترفض تطبيع العلاقات مع الاحتلال، وترى في ذلك طعناً للشعب الفلسطيني.

ويضيف يعقوب: “علاوة على ذلك، جاءت طوفان الأقصى في ذروة صعود الصهيونية الدينية التي يمثل وزراؤها المتطرفون نصف حكومة نتنياهو في سابقة لم تشهدها حكومات الاحتلال منذ تأسيسه، وتيار الصهيونية الدينية لا يؤمن بوجود شعب فلسطيني، ولا يعترف بأي حق للفلسطينيين، ويعمل على حسم هوية القدس والمسجد الأقصى وسائر المناطق الفلسطينية المحتلة لتكون يهودية بالكامل عبر التهويد والتهجير والاستيطان”.

ويتابع يعقوب: “وسط هذا العدوان السياسي والاستيطاني والأمني على الشعب الفلسطيني، وأرضه، ومقدساته، جاءت طوفان الأقصى التي شكَّلت ضربة عسكرية غير مسبوقة لكيان الاحتلال، وأفقدته توازنه، وأعادت رسم معادلة الرد الفلسطيني المؤلِم على الإجرام الصهيوني، وخلطَت أوراق الاحتلال والمطبِّعين والمتآمرين والمتنازلين، وأكَّدت أنه ليس بوسع أحد شطب حقوق الشعب الفلسطيني”.

أما المتخصص في السياسات العربية الصحافي حامد فتحي (مصر) فيقول لـ”لبنان الكبير”: “من الصعب الخروج بنتائج للحرب الجارية في قطاع غزة قبل انتهائها، ومع هذا فالمكسب الوحيد هو إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، في الوقت الذي كادت فيه أن تغيب عن أجندة الاهتمامات في المنطقة العربية والعالم. كذلك نجحت طوفان الأقصى في إبطاء التطبيع بين السعودية وإسرائيل، لكن ذلك لن ينعكس إيجاباً على القضية؛ إذ إنَّ السعودية عازمة على المضي في التطبيع لتحقيق مصالح شعبها، وفق ما يراه صانع القرار السعودي، بل إن طوفان الأقصى أجّجت الغضب الشعبي في السعودية ضد حركة حماس، التي لا تنفصل عن السياسة الإيرانية، لهذا فتلك خسارة تفوق إيقاف التطبيع”.

ويضيف فتحي: “علينا ألا ننسى أنّ عودة القضية الى الاهتمام الدولي بهذا الشكل ليست المرة الأولى من نوعها، فدائماً ما يرفض الرأي العام العالمي العدوان على الشعب الفلسطيني، لكن الاستثمار في هذه الفرص ليس بالأمر السهل، ويتطلب اتفاقاً فلسطينياً ما زال غائباً، وتحولات كبيرة في السياسة الدولية وذلك لن يتحقق بسهولة، كما أن إسرائيل لن تقبل بأي ضغوط دولية ولن يستطيع أحد فعل شيء حيال ذلك. من الجانب الآخر لا يجب أن نتجاهل المعاناة الكبيرة التي تسببت فيها عملية طوفان الأقصى على سكان قطاع غزة التي أوصلت السكان إلى التظاهر ضد حكم حماس، فلكي نقيس المكاسب يجب ألا ننسى الخسائر، ولا يبدو ذلك أمراً يدعو الى التفاؤل”.

أما الاعلامي خالد بوفكان (الجزائر) فيقول لـ”لبنان الكبير”: “إن الحديث عما حققته حركة حماس وكتائب القسام بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على عملية طوفان الأقصى يمكن تناوله من جوانب عدة سياسية واقتصادية وعسكرية، بحيث أن حماس فرضت نفسها ضمن الأجندة السياسية على الساحة الاقليمية وحتى الدولية وأصبحت طرفاً أكثر أهمية من ذي قبل وذلك من خلال جرها للكيان الصهيوني إلى طاولة المفاوضات، وهي خطوة مهمة في اتجاه فرض القضية الفلسطينية إقليمياً وزيادة الاهتمام الدولي بها ولعلَّ هذا ما ترجمته التصريحات المتتالية والمتعاقبة من الدول الغربية التي تدعو إلى ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية”.

ويضيف بوفكان: “حماس ومن خلال عدم مشاركتها في المفاوضات بصفة مباشرة يمكن قراءته على أن المقاومة الفلسطينية خصوصاً لا تزال ترفض الرواية الصهيونية التي تتحدث عن وجود دولة صهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذه نقطة يمكن اعتبارها إيجابية في السياق العام. ما حققته حركة حماس بعد قرابة ستة أشهر من العدوان الصهيوني يمكن تحديده أيضاً من خلال المعارك العسكرية المهمة التي خاضتها المقاومة وحققت من خلالها نتائج مهمة إبان ضعف جيش الكيان ميدانياً وعسكرياً على الرغم من الدعم الذي يتلقاه في هذا الشأن من الدول الغربية وتحديداً من الولايات المتحدة الأميركية المتمسكة بحماية حليفها التقليدي في المنطقة من أي تحرك أممي لصالح قيام الدولة الفلسطينية”.

ويختم بوفكان بالقول: “إنَّ انعكاس عملية طوفان الأقصى على مستقبل الشعب الفلسطيني على الصعد كافة، يبدو إيجابياً على اعتبار أن العملية قد حققت العديد من النقاط المهمة التي لم تتحقق على مدار أكثر من 80 عاماً واستطاعت عملية طوفان الأقصى بالفعل أن تعيد القضية الفلسطينية وأحداثها إلى واجهة القضايا إقليمياً ودولياً، خصوصاً على المستوى الأممي والجلسات الماراثونية التي عقدت في مجلس الأمن بدعوة من الجزائر التي تقوم بدور مهم في هذه الهيئة الأممية على الرغم من سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية”.

ماذا خسرت إسرائيل؟

من حرب النكسة عام 1967 وحرب الأيام الـ 6 عام 1973 إلى حرب تموز عام 2006 وما تخللها وما تبعها أيضاً من معارك وحروب حتى تاريخ اليوم، لم تواجه إسرائيل حرباً بقوة عملية “طوفان الأقصى” التي تعتبر المواجهة الأطول في تاريخ المواجهات التي شنها الكيان الصهيوني وأكثرها خسارة على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية والنفسية. في هذا السياق، يقول الخطيب لـ “لبنان الكبير”: “من المؤكد أن تداعيات ما بعد عملية طوفان الأقصى لن يكون كما قبلها، فهناك تغيير كبير سوف يحصل في الصراع مع العدو الصهيوني على الصعد كافة، وعلى الرغم من التفوق العسكري للاحتلال، فالكيان الاسرائيلي بجميع أحزابه واتجاهاته يفكر في اليوم التالي لإعلان انتهاء الاعتداءات العسكرية على غزة. ومن المؤكد أن الكيان الاسرائيلي تعرض لهزة عنيفة أصابت كبرياءه وقوته وقدراته السياسية والعسكرية وصورته في العالم، وستتحول الحرب إلى أزمة سياسية حادة داخل الكيان، محاكمات ولجان تحقيق ستطال كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين، كما شهدنا ردود فعل سياسية من القيادات الاسرائيلية التي تتوعد بدمار لقطاع غزة لن ينساه الفلسطيني”.

ويضيف الخطيب: “سيعاني الكيان من أزمة اقتصادية بحيث تُقدر التكاليف العسكريّة للحرب بنحو مليار دولار في اليوم الواحد، فبالاضافة إلى الخسائر البشرية في صفوف جيش العدو، بحسب ما هو مُعلن وما هو مخفي، هناك الكثير من الخسائر في العتاد العسكري. ومن أسباب تلك الخسائر توقف عشرات الرحلات الجوية وتعُطل الحياة الاقتصادية، مع هبوط أسعار الأسهم والسندات في بورصة تل أبيب وإلغاء حجوزات الفنادق عموماً؛ ما يعني توقف الحياة السياحية التي يعتمد عليها الاقتصاد الصهيوني، إضافة إلى توقف بيع السلاح، وهو المورد الأول للكيان، ناهيك عن إغلاق حقل تامار للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، تخوفاً من استهدافه بالصواريخ”.

ويختم الخطيب بالقول: “هناك 4 أنواع من التكاليف الاقتصادية التي يتكبدها العدو الاسرائيلي: أولاً التكلفة المباشرة للقتال، ثانياً كلفة دفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بممتلكات المستوطنين، ثالثاً المساعدات المالية للعائلات والمصالح التجارية، رابعاً فقدان إيرادات الدولة بسبب الأضرار التي لحقت بالنشاط الاقتصادي. بالاضافة الى الآثار الاجتماعية والنفسية التي ستطال جيش العدو والمستوطنين”.

وفي السياق عينه يقول يعقوب لـ “لبنان الكبير”: “يمكن الحديث عن خسائر فادحة لحقت بالاحتلال الصهيوني في مختلف المجالات، فقد استطاعت طوفان الأقصى ضرب فكرة التفوق العسكري المطلق لكيان الاحتلال، وضرب المنظومة الأمنية والعسكرية التي قامت على أركان أربعة هي: الإنذار المبكر، الردع، الحسم السريع وخوض المعركة في أرض العدو. وهذه الضربة تخطَّت المكاسب العسكرية والأمنية للمقاومة الفلسطينية، ووصلت حدّ دفع الصهاينة إلى طرح أسئلة وجودية تتعلق بمصيرهم ومستقبلهم في فلسطين في ظل تهديد كبير من وزن طوفان الأقصى التي ستتكرر إذا ما بقي الاحتلال جاثماً على أرض فلسطين”.

يضيف يعقوب: “طوفان الأقصى أشعلت فتيل المعارك الداخلية الصهيونية، فقد نشب الخلاف بين العلمانيين والمتدينين على خلفية التجنيد في الجيش وقضايا أخرى، واندلع خلاف ظاهر بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، وخلاف بين معسكر الصهيونية الدينية ومعكسر غانتس وغالانت داخل المجلس الوزاري المصغر ومجلس الحرب، وخلاف بين مجالس المستوطنات الموجودة على حدود غزة وحدود لبنان مع القيادة السياسية والعسكرية، وخلاف بين القيادة السياسية والمسؤولين الاقتصاديين الذين يحذرون من انهيارات وخسائر تستنزف الاقتصاد الصهيوني، وغير ذلك من جبهات الخلاف التي تأججت بفعل طوفان الأقصى. ولا شك في أنَّ هذه الخلافات أعادت طرح مسألة عقد الأمان الاجتماعي الذي يربط بين كيان الاحتلال ومستوطنيه الذين جاؤوا من أصقاع الأرض مخدوعين بوهم أنّهم سيأتون إلى واحة الأمان والرفاهية”.

ويختم يعقوب قائلاً: “أعتقد أنَّ الخلافات بين المكونات السياسية والدينية والاجتماعية داخل كيان الاحتلال تعمقت بصورة غير مسبوقة، وهذا سيكون له تأثيره الكبير على مستقبل هذا الكيان ووجوده”.

أما فتحي فيقول في الاطار نفسه لـ “لبنان الكبير”: “الخسائر الاسرائيلية يمكن تعويضها، فإسرائيل دولة اعتادت الحرب بخلاف جوارها، ولديها من الدعم الغربي والقدرة الاقتصادية الداخلية القادرة على التعويض، سياسياً هي خسرت الكثير بالفعل لكنها دوماً في هذا الموقف، وهي لا تهتم بما يراه الآخرون عنها بل ما تستطيع تحقيقه. أما اجتماعياً فهي استفادت من الحرب التي أعادت اللحمة نسبياً الى المجتمع الاسرائيلي الذي مزقته أزمة الاصلاحات القضائية، وحتى مع وجود خلافات داخلية فهي مجتمع قادر على إدارة خلافاته من دون إحداث فوضى مثل دولنا العربية”.

ويضيف فتحي: “أما خسارة السمعة أمام الرأي العام فهذه قضية يمكن الاستثمار فيها، لكن طالما بقيت المقاومة رهينة محور إيران المعادي للمنطقة، وطالما استمرت المقاومة المسلحة ستجد إسرائيل مبررات للتشنيع عليها، وتوظيف الاعلام الدولي ضدها”.

ويختم فتحي بالقول: “الحقيقة أنّ علينا التفكير في الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، التي ستدفع حتماً بالسكان الى الهروب من القطاع الذي لم يعد صالحاً للحياة، ولهذا فكل المكاسب لا تُقارن بتبعات تدفع نحو تصفية القضية”.

ويقول بوفكان لـ “لبنان الكبير”: “إنَّ أبرز أوجه الخسائر التي مني بها الكيان الصهيوني هي إصابة المؤسسة العسكرية الصهيونية بهشاشة وانقسامات، وهذه نقاط أثرت بشكل أو بآخر على اقتصاد الكيان الذي بات يتخبط في أزمات كثيرة شملت العديد من المجالات والميادين”.

ويضيف بوفكان: “إنَّ الانعكاسات الايجابية لطوفان الأقصى بالنسبة الى الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة يمكن أن تشكل انعكاساً سلبياً على مستقبل الكيان الصهيوني السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك من خلال توسع رقعة الخلافات بين المسؤولين الصهاينة سواء داخل الجيش أو على مستوى حكومة نتنياهو نفسها، وزيادة الإدانة الدولية للجرائم المستمرة التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

إذاً، وعلى الرغم من أنه لا يزال من المبكر تقويم العدوان الصهيوني على قطاع غزة ومآلات عملية “طوفان الأقصى” سواء فلسطينياً أم إسرائيلياً، بالاضافة إلى ضرورة انتظار وقف إطلاق النار والاتفاق على شروطه التي ستعكس ملامح الانتصار والهزيمة، لكن يمكن القول ان ما كتب قد كتب لناحية الإنجازات التاريخية وغير المسبوقة في تاريخ المواجهات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ثم إنها المرة الأولى التي يُمنى فيها الصهاينة بهذا القدر من الخسائر. في السياق نفسه يقول الخطيب، وعلى الرغم من حجم القتل والدمار، سوف يعم في الأراضي الفلسطينية كافة ولدى مختلف أطياف الشعب الفلسطيني الشعور بنشوة النصر نتيجة لما شهده الفلسطينيون من انجاز غير مسبوق، أدى إلى حالة من الالتفاف الشعبي الواسع حول المقاومة وخصوصاً “كتائب القسام” ورموزها في غزة. وعليه يتعين على مختلف الأطراف الفلسطينية استغلال نصر “7 تشرين الأول” وألا تضيع هذا الإنجاز وتعيد ترتيب البيت الداخلي على اعتبار أنه انتصار يوازي “طوفان الأقصى” وخلاف ذلك نكون أمام “مقاومة منتصرة وسلطة محاصرة”. ويبدو أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة أقرب الى التحقق اليوم أكثر من أي وقت مضى شرط التكاتف في الداخل والخارج بعيداً من الاصطفافات والمحاور.

شارك المقال