مبادرة “الاعتدال” بحمى “الخماسية” وسط البيدر الاقليمي

رواند بو ضرغم

لم يتطابق حساب الحقل اللبناني مع البيدر الاقليمي، فتعقيدات مفاوضات غزة أطاحت الأجواء الايجابية التي رافقت انطلاقة مبادرة “الاعتدال”، وعادت لترتفع السقوف السياسية ولتوضع الشروط المعرقلة في طريق التشاور.

وعلى أساس تلك التعقيدات، وبانتظار أجوبة الكتل النيابية المتمهلة في حسم موقفها، تريثت كتلة “الاعتدال” في استكمال جولتها الثانية، وهي في طور متابعة حراكها بلقاء سفراء اللجنة الخماسية، إذ التقت كلاً من سفير المملكة العربية السعودية وسفير مصر الأسبوع الماضي، وستلتقي الأسبوع المقبل سفراء قطر والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

وتقول مصادر “الاعتدال” لموقع “لبنان الكبير”: “إن الخماسية ستطلق محركاتها مطلع الأسبوع المقبل، وستستهل تحركها بلقاء جماعي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسيتوزع السفراء بصورة انفرادية على الأطراف السياسية (تحت مظلة الخماسية) ضمن مهمة مساندة لمبادرة كتلة الاعتدال والضغط على هذه الأطراف للمشاركة في التشاور، وإن أصر الرئيس بري على آليته، من غير تدخل خماسي في الأسماء”.

وتضيف المصادر: “ان مهمة الخماسية ستكون ما بين إقناع الرئيس بري بالتغاضي عن ترؤس التشاور ودعوة الأمانة العامة أو الضغط على الأطراف المسيحية والمعارضة للقبول بالآلية وخفض سقف الفيتوات للوصول الى اللقاء في المجلس”.

وضعُ الرئيس بري النقاط على حروف مبادرة “الاعتدال” لم يُفسد في الودّ قضية، لا بل يقول النائب أحمد الخير لموقع “لبنان الكبير”: “إن علاقة الاعتدال برئيس المجلس تتخطى كل هذه التفاصيل، ونواب الكتلة على يقين بأن الرئيس بري هو رجل دولة ولديه الحكمة وأكثر من يعرف التوازنات في البلاد. وبكلامه في اللقاء الثاني في عين التينة، أبدى الرئيس بري كل إيجابية خلال حديثه عن الآلية، ولم يكن منغلقاً على الحلول البديلة لكل فكرة قد تواجه الاعتراض، وقال للكتلة إنه على استعداد للمساعدة والاتفاق معها لتذليل العقبات التي تواجهها”.

الثنائي المسيحي والمعارضة يرفضان أن يكون للقاء رئيس (لا بري ولا الياس بو صعب)، لأنه لقاء تشاوري لا حوار، ويحتاج فقط الى منسق لإدارة الجلسة وشخص يدوّن المحضر، أما إرسال الدعوات من الأمانة العامة فيعدّ إدخالاً لأعراف جديدة على الدستور للتأثير على العملية الانتخابية.

جوهر الجولة الأولى لكتلة “الاعتدال” يكمن في تمكنها من تأمين موقف متقدم من المسيحيين وانتزاع إعلان من ثنائي “التيار”-“القوات” بالمشاركة في اللقاء التشاوري، الذي كانا يرفضانه شكلاً ومضموناً. ويقول مصدر في “الاعتدال”: “إن الطرفين المسيحيين لم يتحدثا في الأسماء الرئاسية، ولم يطلب باسيل أو جعجع استبعاد أسماء مرشحة، إنما وجّها فقط سؤالاً الى الكتلة عن خيارها الرئاسي خلال جلسة الانتخاب. فكان جواب الاعتدال أن الموقف يحدد خلال اللقاء التشاوري، وعلى كل فريق أن يحاول إقناع الآخر بمرشحه، وفي حال عدم الوصول الى التوافق يذهب كل فريق بمرشحه الى صندوق الاقتراع. بنظر المعارضة، ستنحصر المعركة بين مرشحين، أما بنظر الاعتدال فالجلسة الانتخابية من دون توافق فستنقسم الأصوات بين ثلاثة مرشحين أو أربعة”.

يقول مصدر نيابي مشارك في حراك “الاعتدال”: “إن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يتحدث بشرط استبعاد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، إنما تحدث عن الخيار الثالث لتبرير ذهابه الى اللقاء التشاوري. كما أن كتلة الاعتدال لا تقبل بأي طرح يلغي فرنجية، وخصوصاً أنها تتعامل بإيجابية مع ترشيحه”.

انطفأ إذاً محرك “الاعتدال” مرحلياً، وانطلقت “الخماسية” بالتوازي، أما النتائج الرئاسية فتبقى مجمّدة بفعل المراوحة الاقليمية وتمدد حرب غزة واستعصاء الهدنة الرمضانية.

شارك المقال