اقليم الخروب وكمال بك… فكر ونهج ومسار

حسين زياد منصور

في مثل هذا اليوم، ومنذ 47 عاماً، اغتالت أيادي الغدر الزعيم الوطني كمال جنبلاط. جنبلاط الدرزي، كانت زعامته وشعبيته وطنية، عابرة للطوائف والمذاهب. مؤسس الحزب “التقدمي الاشتراكي” كان أيقونة لكثير من اللبنانيين، ففكره الوطني والقومي والعروبي كان جاذباً، خصوصاً بالنسبة الى القضية الفلسطينية.

الزعيم الدرزي ابن الشوف، كونه زعيماً وطنياً عروبياً، كانت له علاقة خاصة بإقليم الخروب. فبعيداً عن الترابط الجغرافي، أبناء الاقليم بغالبيته السنية كان موقفهم واضحاً تجاه كل القضايا والأزمات التي واجهت لبنان والعالم العربي حينها، والتقت مع أفكار “المعلم” الاستثنائي وتعاليمه المتنوعة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والفلسفية والانسانية، وأصبح لهم حضور وازن داخل الحزب “التقدمي”، واستمروا الى جانبه حتى بعد الاغتيال مع تسلم نجله وليد جنبلاط رئاسة الحزب، والآن مع الحفيد تيمور.

اتجاه عروبي

يروي عدد من الأشخاص “الكبار” الذين يمكن وصفهم بـ “التاريخ”، طبيعة العلاقة بين “المعلم” وأبناء الاقليم، فهو وقف معهم في الكثير من المواقف والأحداث، وكان الى جانبهم بعد زلزال عام 1956، الذي ضرب عدداً من بلدات الشوف ومنها الاقليم، من خلال المساعدات والمعونات. ويشيرون لموقع “لبنان الكبير” الى أن “المعلم” وزع أيضاً عدداً من الأراضي التي كان يملكها على الفلاحين في إقليم الخروب، خصوصاً في سبلين، من دون نسيان انشاء المعمل فيما بعد وتأمين فرص العمل.

ويتابعون: “في المقابل الاقليم كان ولا يزال وفياً لدم كمال بك، وخلفه بغالبية أبنائه وطاقاته، عند انتفاضه على حكم بشارة الخوري، ثم الانتفاضة الشعبية عامي 1957 و1958”.

ويؤكدون أن “الاقليم كان ولا يزال عروبياً مقاوماً، والقضية الفلسطينية أساسية بالنسبة اليه، من هنا كان التلاحم مع المعلم الشهيد، خصوصاً في فترة الناصرية. والاقليم كان له حضور جماهيري في الوفد الذي رافق المعلم الى دمشق عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الوحدة بين مصر وسوريا، ولا يمكن نسيان المقاتلين والشهداء في صفوف الحركة الوطنية والانتفاضة الفلسطينية”.

وهنا تجدر الاشارة الى أن كمال جنبلاط قال ذات مرة في أبناء الاقليم: “الاقليم عزيز على قلبي، وهو جزء من نفسي. وأبناؤه الطيبون وطنيون يعرفون طريقهم”.

علاقة تاريخية طويلة

وكيل داخلية إقليم الخروب في الحزب “التقدمي الاشتراكي” ميلار السيد يقول: “في الدرجة الأولى الارتباط التاريخي بين إقليم الخروب ودار المختارة، كان منذ ما قبل استلام المعلم الشهيد كمال جنبلاط مقاليد السياسة والقصر، لكنه عززها من خلال علاقاته الاجتماعية والسياسية، وفي الوقت نفسه تأسيس الحزب الذي كان يمثل تطلعات شباب الاقليم الذي كان له اتجاه نحو الثقافة والعلم فكان بمثابة المعلم لهم بكل ما للكلمة من معنى، اذ كانت هناك بيئة حاضنة تقرأ كتبه”.

ويضيف السيد في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “الاقليم كان سباقاً الى العلم لذلك كان أبناؤه قراءً لكل ما يدور في لبنان ومحيطه العربي، بعد ذلك أتت الموجة الناصرية وعلاقة المعلم بالرئيس جمال عبد الناصر وهذا ما خلق جواً إيجابياً أيضاً في العلاقة مع أبناء الاقليم الى جانب تبنيه للقضية الفلسطينية التي عززت هذه العلاقة”.

ويتابع السيد: “الى جانب كل ذلك، العلاقة الخدماتية التي كانت مفتوحة دائماً بين الاقليم ودار المختارة، من خدمات اجتماعية وصحية وتوظيفية وحفظ حق أبناء الاقليم بالدولة. آل جنبلاط لديهم وجود جغرافي كبير في الاقليم فهم يمتلكون أراضي شاسعة جداً في بلدة سبلين، ومن ثم تأسيس معمل سبلين. وكان المعلم الشهيد أيضاً من أبرز المساهمين في الاقليم، إن كان من خلال المراسيم والتعجيل بها لتأسيس معظم الدوائر الحكومية في الاقليم، ومعظم المدارس في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، اذ وصلنا في الستينيات الى مرحلة ليست هناك ضيعة في الاقليم الا وفيها مدرسة”.

ويشير الى أن “الجو الوطني اللاطائفي لا يزال مسيطراً حتى اليوم وعلى الرغم من كل الموجات التي عصفت بالاقليم، في ظل ترسخ الجو الوطني التاريخي، من دون أن ننسى الرجالات التي مرت على الاقليم أمثال أنور الخطيب والذي كان نائب رئيس الحزب في فترة من الفترات ونائباً عن الحزب وإقليم الخروب. كل هذه العوامل جعلت الروابط تترسخ بين المعلم الشهيد والعائلات في الاقليم”.

ويشدد السيد على أن “الوفاء لا يزال موجوداً لأن تركة المعلم كانت ثقيلة وكبيرة وصاحب الأمانة كان قدها رئيس الحزب السابق وليد جنبلاط، وحملها بكل ثقة، ونتيجة سرعة الحياة أصبحت علاقاته مع أبناء الاقليم أقرب وأسرع ورسخ العلاقة، فالاقليم وصل الى درجة من العلم والثقافة، ومضطر الى أن تتعامل معه على أساس مؤسساتي لا عشائري والحزب كان له دور في هذا الموضوع، فهو الأساس لذلك كان تأسيسه بخلفية وطنية عروبية فلسطين قضيته الأساسية”.

شارك المقال