ربط تصعيد الجنوب بغزة يبطل مفاعيل مساعي هوكشتاين

زياد سامي عيتاني

خلال زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة للبنان في 4 آذار الجاري، والمتوقع أن تتكرّر، دعا خلالها في لقاءاته مع مسؤولين لبنانيين “إلى ضرورة فصل لبنان عن غزّة وفرض الهدوء على الجبهة الجنوبية”، ما فسره المراقبون بأنه نوع من الضغط لفصل ساحات الصراع في المنطقة. وأفادت المعلومات حينها بأن المبعوث الأميركي تراجع عن شروط انسحاب “حزب الله”، ولم يذكر هذا الأمر في اجتماعاته، بحيث صار كل مطلبه وقف إطلاق النار. كما أنه ربط الهدوء والاستقرار بالاقتصاد، وهو الأمر نفسه الذي استخدمه في عملية ترسيم الحدود البحرية، من دون أن يتحقق ذلك، ما أدى إلى إستمرار الانهيار المالي والاقتصادي.

لكن من يستمع إلى الخطابات المتكررة للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، يدرك أن الحرب القائمة بعيدة كل البعد عن الطروح التي حملها هوكشتاين، والتي يمكن وصفها بأنها خالية من المضمون الرئيسي للصراع القائم، باستثناء جديده، وهو “عدم الطلب من حزب الله الانسحاب من الحدود”. فحسابات “حزب الله” ترتبط بمبدأ “وحدة الساحات” ما يعني أن الجبهة اللبنانية لا ترتبط بالمفاوضات الديبلوماسية، ولا بزيارات هوكشتاين المكوكية للبنان، بل بمحور يرسم حدود نفوذه في المنطقة العربية من البحر الأحمر وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط.

هذا يؤكد أن الجبهة الجنوبية والحرب القائمة حالياً، بعدما وضعها الحزب في إطار “جبهة مساندة”، لا تتعلق ولا ترتبط بانسحاب إسرائيل مما بقي من أراضي لبنان، ضمنها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، باعتبار أن الحزب طرفٌ من مجموعة أطراف تشكل محوراً في ما بينها، وتعمل على تكريس واقع جديد في التعاطي مع الاسرائيلي والأميركي.

لذلك، فإن جبهة الجنوب لا ترتبط وفقاً لحسابات “حزب الله” بما يحمله هوكشتاين من طروح وضغوط، وحتى إغراءات، بل انها تتعلق بجزء مهم من الصراع الاقليمي ذي البعد الدولي، والذي لا يقتصر على حرب الإبادة على غزة، بل يتجاوزها، بما يخص الخريطة “الجيو-سياسية” للشرق الأوسط “الجديد”، ما يعني أن الوضع على جبهة لبنان مرشح للاستمرار على ما هو عليه من تصعيد متنام، وبالتالي الاصرار على ربط تصعيد الجنوب بحرب غزة يبطل مفاعيل مساعي هوكشتاين.

شارك المقال