غزة: الأقمار الصناعية ترسم خريطة الصراع

حسناء بو حرفوش

تعكس صور الأقمار الصناعية درجة الأضرار التي حلت بقطاع غزة وتسمح بتتبع خرائط الصراع في ظل محاولات التعتيم الاعلامي. وتظهر الصور كيف أحدثت الحرب تغييراً عميقاً في المشهد الحضري في غزة، وكيف تسببت في تدمير أو الإضرار بأكثر من نصف المباني في القطاع في أقل من 6 أشهر. كما فقد أكثر من 30 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، حياتهم في حرب غزة وحدها.

تحليل للصور

وفي ظل الانقطاع المستمر للإنترنت الذي يعزل 2.3 مليون نسمة عن العالم منذ بدء الحرب، والحصار ونقص الوقود، والتحديات المتمثلة في عزل التقارير من منطقة الصراع عن المراسلين الدوليين، يصعب نقل الأحداث على الأرض. ونتيجة لذلك، أصبح رسم خرائط الأضرار أمراً لا غنى عنه للإبلاغ عن تأثير الحرب، وفقاً لتقرير لـGlobal Investigative Journalism Network. هانا دوغال الصحافية في الشبكة طرحت في هذا السياق الأسئلة على غامون فان دن هوك، أستاذ الجغرافيا في جامعة ولاية أوريغون وكوري شير، الباحثة في جامعة (CUNY) في نيويورك حول استخدام رادار الأقمار الصناعية لتوثيق التغيرات الصغيرة في خصائص المشهد الطبيعي في غزة.

وتمكن فان دن هوك وشير، باستخدام الأساليب المصممة لرسم خريطة للأضرار بعد الزلازل، من بناء صورة تفصيلية لحجم التأثير، وهما يقدران أن ما لا يقل عن 54٪ من المباني في غزة من المحتمل أن تكون قد تضررت أو دمرت. ولحقت الأضرار بأكثر من 250 مبنى سكنياً و17 مدرسة وجامعة و16 مسجداً وثلاثة مستشفيات وثلاثة مقابر. وهذا يعني أن الأمر قد يستغرق عقوداً للتعافي وإعادة بناء “البنية التحتية المدمرة”. وفي ما يلي بعض الأسئلة التي تطرقت إليها المقابلة:

ما الذي أذهلكما أثناء رسم خريطة لهذا الصراع بالذات؟

صدمتنا الكثير من الأشياء ومنها مدة الصراع وسرعته وشدته. الضرر كان سريعاً للغاية وآثاره ملأت الخريطة بسرعة كبيرة وفي كل النواحي. ومن المؤكد أن شدة الصراع فريدة من نوعها. والعمليات العسكرية الاسرائيلية تجاوزت بكثير كل هذه العمليات العسكرية الماضية على الأقل في العقد الماضي، بصورة استثنائية.

ما هي التقنيات المستخدمة لتقدير الدمار في غزة؟

استخدمنا مجموعة من الأساليب الخاصة برسم خرائط الأضرار بعد الزلازل باستخدام بيانات رادار الأقمار الصناعية وقياس التداخل. وقمنا بتحليل سنوات عديدة من بيانات رادار الأقمار الصناعية للبحث عن تغييرات صغيرة في خصائص صدى موجات الرادار.

تسمح الصور بملاحظة زعزعة استقرار المناطق التي كانت مستقرة في السابق بصورة حادة ومفاجئة ومستمرة.

ما مدى أهمية جمع البيانات المحلية على أرض الواقع؟

تهدف الأساليب المستخدمة الى اكتشاف التغيرات الدقيقة في الخصائص الهيكلية للمنطقة. وبما أن هناك الكثير من النزوح فإن المشهد ديناميكي للغاية لدرجة أن هناك الكثير من التغييرات التي لا بد من أخذها في الاعتبار. ومن العوائق المواجهة محاولة الحصول على خط أساس ثابت لإجراء مقارنة في الوقت الفعلي والحفاظ على الاتساق في إعداد التقارير والتواصل مع الصحافيين ومحاولة التحلي بالشفافية الشديدة بشأن التغييرات التي نراها وحول القيود المفروضة على البيانات. ونحن نستخدم أيضاً أساليب جمع البيانات مفتوحة المصدر، وننظر إلى الصور ومقاطع الفيديو حيث يمكننا تحديد مواقعها وتفسير ما يحدث في الصورة في ما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالمباني. نقوم بهذا النوع من التدقيق في كل مرة نقوم فيها بإنشاء خريطة جديدة حيث ننظر إلى المكان الذي نرى فيه معظم البيانات الجديدة على مستوى المحافظة. ومن ثم ننظر إلى ما ورد حول مكان القتال.

ما هو تأثير هذه الخرائط؟

تعكس هذه الخرائط التأثير الكبير للضرر ويصعب النظر إليها بصورة متزايدة على الرغم من أنها لا تظهر الخسائر في الأرواح. لكن الروابط مع الواقع أصبحت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فهي مجرد مرآة لكل هذا الرعب والمعاناة. ولعل هذا التقويم هو أصعب ما قمنا به على الإطلاق!

شارك المقال