مفاوضات قطر مستمرة للتوصل إلى هدنة وتنديد باستخدام الجوع “سلاح حرب”

لبنان الكبير

واصل الجيش الاسرائيلي اليوم الثلاثاء عمليته واسعة النطاق في مجمع الشفاء بمدينة غزة، في وقت تجري مفاوضات في قطر للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة “حماس” في القطاع المحاصر مع تزايد التحذيرات من مجاعة بات يصعب تجنبها.

وعشية جولة إقليمية جديدة لدفع محادثات الهدنة وزيادة المساعدات الانسانية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الثلاثاء: “يعاني 100% من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو”.

ورأت الأمم المتحدة أن القيود الصارمة جداً التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع وتستخدم التجويع كسلاح، “قد تشكل جريمة حرب”.

وأعلن متحدث باسم الجيش الاسرائيلي أن العملية التي بدأت فجر الاثنين ما زالت متواصلة اليوم في أكبر مستشفيات القطاع حيث أعلن الجيش “القضاء” على أكثر من أربعين مقاتلاً داخل المجمع الذي تطوقه الدبابات وفي محيطه.

وأكد الجيش قتل فائق المبحوح الذي قال إنه “رئيس العمليات الخاصة في جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس” لكن شرطة “حماس” قالت إن “اغتيال مدير عمليات الشرطة في قطاع غزة وهو على رأس عمله في مستشفى الشفاء جريمة مكتملة الأركان، لخلق حالة الفوضى وغياب القانون في شمال القطاع”.

وأشار الجيش الى أنه اعتقل أكثر من 200 شخص يجري التحقيق معهم داخل المجمع، لكن وزارة الصحة التابعة لـ “حماس” قالت إن بين المعتقلين “كوادر طبية ومصابين ومرضى”.

وتعرضت أحياء محيطة بالمجمع مثل الرمال والنصر لوابل من القصف من الطائرات الحربية والدبابات والمسيرات، حوّلت عشرات المنازل إلى ركام وأرغمت من تبقى من ساكنيها على الفرار.

وأحصى الدفاع المدني في حي الرمال والنصر تدمير “أكثر من 45 شقة سكنية” جراء الغارات، مؤكداً أن “عشرات الشهداء والمصابين ما زالوا في المنازل أو الطرق، حيث يطلق الاحتلال النار على من يحاول انقاذ الجرحى”. وأشار الى أن “اشتباكات عنيفة تركزت في حي الرمال ومخيم الشاطئ بغزة”.

ودعا الجيش الاثنين سكان الأحياء المحيطة بالمجمع الى إخلائها “بصورة فورية” بعد توغل دباباته فيها وصولاً إلى المجمع الذي طوقته.

وعبّرت منظمة الصحة العالمية عن “قلق بالغ” من استهداف المشافي التي تعمل بالحد الأدنى من طاقمها وتعاني نقصاً كبيراً في المستلزمات الأساسية.

ونفذ الجيش وفق مكتب الاعلام الحكومي “عشرات الغارات الجوية الدموية في مناطق قطاع غزة”. في حين دارت اشتباكات عنيفة في الشمال والوسط ولا سيما في خان يونس في الجنوب.

وأعلنت وزارة الصحة أنها أحصت خلال 24 ساعة حتى صباح الثلاثاء “78 شهيداً على الأقل، وغالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن”.

وأضافت أنها سجلت “15 شهيداً بينهم ثلاث سيدات وأربعة اطفال، جراء غارات جوية إسرائيلية استهدفت منازل وشققاً سكنية في مخيم ومدينة رفح”.

“مباحثات إيجابية”

بعد أشهر من المحادثات التي فشلت في التوصل إلى هدنة عبر الولايات المتحدة وقطر ومصر، زار رئيس الاستخبارات الاسرائيلية ديفيد برنيع الدوحة الاثنين للقاء رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ومسؤولين مصريين.

وغادر برنيع قطر لكن المفاوضات حيال هدنة في غزة لا تزال مستمرة، بحسب ما أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الذي أضاف خلال مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء أن “الفرق الفنية تجتمع بينما نتحدث”.

وذكر موقع “أكسيوس” الأميركي أن المباحثات التي جرت كانت “إيجابية” وأن المفاوضين الاسرائيليين سيبقون في الدوحة لمواصلة البحث في “التفاصيل” مع الوسطاء.

وقال مسؤول في “حماس” لوكالة “فرانس برس” مساء الاثنين: “قدمت الحركة رؤيتها للوسطاء في مصر وقطر ونحن في حماس بانتظار رد العدو على ما قدمته الحركة في لقاءات الدوحة مع الوسطاء… حتى الآن لا يوجد أي تقدم ولا أي اختراق”.

وأضاف: “الكرة (الآن) في ملعب (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو لنرى هل سيماطل ويعطل التوصل الى اتفاق كما في كل جولة، أم أنه سيغير باتجاه التوصل الى اتفاق؟”.

وقدّمت “حماس” الأسبوع الماضي مقترحاً للتهدئة في قطاع غزة يقوم على مرحلتين على أن يتم في البدء الاتفاق على هدنة لستة أسابيع والإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين بينهم للمرة الأولى مجندات.

وفي أول اتصال هاتفي منذ نحو شهر الاثنين، أعلن نتنياهو أنه أكد للرئيس الأميركي جو بايدن تصميمه على “تحقيق جميع أهداف الحرب” بما في ذلك “القضاء على حماس”، وهو على الرغم من الضغوط الدولية يعد لهجوم بري في رفح عند الحدود المغلقة مع مصر.

وأعرب بايدن عن “قلق عميق” بشأن هذا الهجوم المحتمل، معتبراً أنه سيشكل “خطأ”، إذ أن إجلاء 1,5 مليون شخص إلى مكان آمن شبه مستحيل، بحسب ما تؤكد منظمات عاملة في المجال الانساني

“مجاعة وشيكة”

وفيما صار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، نازحين يحتمون في خيام بالية لا تقيهم البرد ولا المطر ولا الجوع، حذر تقرير أعدته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة من أنه من دون زيادة المساعدات وتنظيم توزيعها، ستضرب المجاعة 300 ألف شخص في شمال غزة بحلول أيار لا محالة.

وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر، لا تتوقف هيئات الاغاثة والأمم المتحدة عن تكرار تحذيراتها من خطر المجاعة في قطاع يخضع لحصار محكم وصفه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنها “مقبرة مفتوحة”. وكرّر إسرائيل باستخدام المجاعة “سلاح حرب”.

وقالت هبة الطيبي، مديرة منظمة “كير” غير الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة: “الأطفال يقل وزنهم يوماً بعد يوم، أطفال بالكاد قادرون على الكلام والمشي بسبب الجوع”.

واتهمت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية إسرائيل بـ”تعمد” منع دخول المساعدة الانسانية إلى القطاع.

وأعلن الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس في الأمم المتحدة في جنيف اليوم الثلاثاء أن “نطاق القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة فضلاً عن الطريقة التي تستمر فيها بشن العمليات القتالية، قد ترقى إلى استخدام التجويع كسلاح حرب الأمر الذي يشكل جريمة حرب”.

ولكن إسرائيل تؤكد أنها تسمح بدخول كميات كبيرة من المساعدات. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلاثاء إنها سمحت بدخول 200 ألف طن من الأغذية منذ اندلاع الحرب.

شارك المقال