إجازة رئاسية إلى ما “بعد بعد” الأعياد!

صلاح تقي الدين

بدا حراك لجنة سفراء الخماسية الذي تأجل الى ما بعد عيدي الفصح المجيد والفطر السعيد وكأنه رسالة مباشرة مفادها أن لا تقدّم أحرز أو سيحرز خلال الفترة التي تفصلنا عن هذين العيدين، ما يعني دخول مفاوضات الرئاسة مجدداً إلى “الثلاجة” إن لم نقل العودة إلى تقطة الصفر.

ويزيد من هذه الأرجحية موقف “حزب الله” المتمسك بترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية وعدم استعداده للبحث في اسم مرشح ثالث كما سرّب من مصادره، وربطه الحديث عن الاستحقاق بانتهاء الحرب الصهيونية على غزة.

قد تبدو هذه المعطيات منطقية بالنسبة الى المعنيين المباشرين بالبحث عن حلول تجعل من انعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس أمراً دستورياً وبديهياً، غير أنها بالنسبة الى المرشحين، المعلنين على الأقل، فإنها تخالف كل أصول اللعبة الديموقراطية التي توجب على النواب النزول إلى ساحة النجمة لوضع اسم مرشحهم في صندوقة الاقتراع ولتأخذ اللعبة مداها فيفوز من يحوز الأكثرية ولو كان ذلك بفارق صوت واحد.

على الرغم من أن التأثير الدولي والاقليمي كان سمة كل المعارك الرئاسية التي جرت قبل الطائف وبعده، إلا أن “الوصاية” المفروضة على انتخابات الرئيس العتيد أصبحت إلى حد ما “مستفزة” بالنسبة الى أحد المرشحين الذين يصنفون في خانة “الاسم الثالث” والذي لم يشأ الافصاح عن اسمه.

ويقول هذا المرشح “الثالث” لـ “لبنان الكبير” إنه على الرغم من اقتناعه الكامل بضرورة أن يقوم المرشح لرئاسة لبنان باتصالاته الدولية والاقليمية إلا “أني أرفض كلياً الحال التي وصلنا إليها بمعنى أنه لن يكون هناك رئيس ما لم تفرج اللجنة الخماسية عن الاسم أو تضغط دولها بشتى الطرق لانعقاد المجلس لكي يصار إلى انتخاب رئيس”.

وفي رد على سؤال، لم يخفِ المرشح أنه قام باتصالات مع دول اللجنة الخماسية لكن “ليس بهدف الحصول على دعمها بل من أجل أن أفسّر لهم برنامجي للحكم كما أتصوره والذي لا يختلف عن المواصفات الرئاسية التي أعلنتها هذه اللجنة”.

لكن هذا المرشح الذي يمكن وصفه بـ “الواقعي جداً” والذي يدرك أن حظوظه “قليلة” في المعركة الحالية، يؤكد أن الانتخابات الرئاسية ليست موضوعة على جدول أعمال الدول الخمس على الأقل في المرحلة الحالية بانتظار ما ستؤول إليه الحرب الاسرائيلية على غزة.

وإذ يربط كلامه بموقف “المؤثر الرئيسي على الانتخابات الرئاسية، أي حزب الله، الذي بات واضحاً أنه منشغل بالحرب الدائرة على الحدود الجنوبية ومصير الحرب على غزة، ولن يبحث بأي حال من الأحوال في موضوع الرئاسة قبل أن ينجلي الوضع الاقليمي، والذي ستكون نتائجه العامل الأكثر تأثيراً على اسم الرئيس العتيد”.

وكان رئيس تيار “المردة” أعلن خلال استقباله وفداً من نقابة محرري الصحافة اللبنانية أنه يتمنى “أن تحصل الانتخابات الرئاسية غداً”، غير أنه لم يخفِ أيضاً تأثير الحرب على غزة على الموعد المفترض لانعقاد المجلس النيابي لانتخاب رئيس.

ويلتقي موقف فرنجية بالنسبة الى انعقاد المجلس النيابي مع موقف “المرشح الثالث”، إذ قال لنقابة المحررين: “الحل بالذهاب الى انتخابات في المجلس النيابي ومن يربح فليربح وعندئذ هو سيكون لكل اللبنانيين وليس لفريق أو لحزب معين”.

على الرغم من أن المنطق الدستوري والوطني يؤكد ضرورة انعقاد المجلس النيابي بدورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس السابق، إلا أن لجوء فريق الممانعة إلى تعطيل نصاب الدورة الثانية على مدى الجلسات الـ 14 التي عقدها المجلس بناء لدعوة رئيسه، وذلك خوفاً من وصول رئيس غير مقبول منه، يجعل من مسألة ارتباط الانتخابات الرئاسية بحراك اللجنة الخماسية أو بانتهاء الحرب على غزة واقعاً لا يمكن تجاهله، وهو ما يعني، على الأقل في المدى المنظور، أن لا رئيس للجمهورية قبل انتهاء إجازة الأعياد التي قد تطول إذا تم تمديدها لكي تتوافق مع عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي!

شارك المقال