“خفراء الجمارك”… تكريس للطائفية وضرب للكفاءات

حسين زياد منصور

يبدو أن بناء الدولة واستقامة الادارات العامة لن يحصلا، طالما أن أي قضية أو تعيين أو وظيفة، لا يمكن إقرارها أو المضي فيها الا بالتوافق الطائفي والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وإن كانت هذه الوظيفة من أدنى الفئات.

هذا ما يحصل في قضية خفراء الجمارك، والتي تخطت المجلس الأعلى للجمارك، ووصل الخلاف الى جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وظهر التباين بصورة واضحة بين الوزراء. اذ وفق معلومات “لبنان الكبير” كان وزير السياحة وليد نصار ووزير الاتصالات جوني القرم رأسي حربة في السجال الذي حصل بين الوزراء، بالاضافة الى وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي. لذلك اضطر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى سحب الاقتراح بعدما قال انه لن يسمح بنقل الخلاف الى مجلس الوزراء وأن يتم استغلال الموضوع من أي طرف كان.

صحيح أن قضية خفراء الجمارك ليست جديدة، لكن استغلالها من بعض الأطراف لا يزال قائماً ومستمراً، مناكفاً بذلك الحكومة ورئيسها.

أوساط حقوقية وقانونية متابعة للملف تأسف في حديث لموقع “لبنان الكبير” للواقع الذي نعيشه والخلافات التي تحصل بدل تسيير أمور الناس خصوصاً في ظروف كهذه. وتقول: “الجمارك لديها نقص، وهي بحاجة الى العديد، وهؤلاء ناجحون، ومن حقهم الحصول على الوظيفة التي تقدموا اليها ونجحوا في مباراة الدخول”.

وتشير الأوساط الى أن “الخلاف اليوم على وظيفة خفير، وهي أصلاً ليست من ضمن وظائف الفئة الأولى، أي أنها لا تندرج ضمن الوظائف التي تراعي التوزيع الطائفي. الآن الإشكال على أساس أن الجميع من المسلمين، وليس هناك مسيحيون. وكان يجب استدعاء الناجحين وفق الكفاءة والاختصاص لا على الأساس الطائفي، لكن ما حصل في البداية كان على أساس التوازن الطائفي لا الكفاءة”.

وترى أن “استدعاء الشباب وإن كانوا من طائفة أو مذهب واحد يعني أن هذا الغاء للمسيحيين من الدولة، بل ان تغييب أصحاب الكفاءة والاختصاص عن أعمالهم، هو تغييب لدور الدولة”.

في المقابل، تصف مصادر وزارية في حديث لموقع “لبنان الكبير” ما حصل في جلسة مجلس الوزراء بما يخص خفراء الجمارك بالأمر “المقرف”، معتبرة أن “النفس الطائفي معيب في البلد، ولأنه ليس هناك مسيحيون لا يمشي الموضوع وبعدين؟”، متسائلة “الى متى سنبقى هكذا؟ فالجمارك اليوم يحتاجون الى هذا العديد، لكن المؤسف أن بعض الوزراء قال ان عدد المسلم في الجمارك أكثر من المسيحي، ويا عيب الشوم بدلاً من النظر الى الكفاءة ننظر الى الطائفة”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها الخلاف بين مختلف القوى السياسية حول هذا الملف، وخصوصاً القوى المسيحية، اذ ترى أن اختلال التوازن بين المسلمين والمسيحيين واضح، وتطالب بضرورة اعتماد المناصفة، لذلك تقترح إلغاء الدورة وإعادة النظر في دورة جديدة.

وخلال السنوات الماضية، وبعد صدور النتائج برز الخلاف نفسه، فاعتمدت الحكومة التوازن الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، بدل الاعتماد على الكفاءة، هذا الأمر دفع ببعض الفائزين من المسلمين، والذين تقدموا عن غيرهم بالعلامات من طوائف أخرى، وحرموا من حقهم بالوظيفة، الى التقدم واللجوء لمجلس شورى الدولة، الذي أنصفهم العام الماضي، وأبطل قرارات الحكومة والمجلس الأعلى للجمارك ليتم تعيينهم وأخذهم، وذلك في الوقت الذي تحتاج فيه الجمارك الى العديد لسد النقص الذي تعاني منه.

شارك المقال