كلام جعجع لـ”الخماسية” لتسمع الممانعة!

جورج حايك
جورج حايك

لا يتوقّف الثنائي الشيعي عن التحايل على الدستور، لإخضاع القوى السياسية المعارضة إلى مشيئته السياسية، ويتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري تسويق أفكار ومبادرات محمّلة بأفخاخ للإلتفاف على الآليات الديموقراطية الدستورية، متحكّماً بمفاتيح البرلمان الذي يتوجّب عليه أن يفتح أبوابه لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق جلسات مفتوحة بدورات متتالية حتى إنتخاب الرئيس العتيد. إلا أن قدرة الرئيس بري على إستخراج “الأرانب” كبيرة جداً، وهو يستغل النوايا الحسنة للجنة الخماسية المؤلّفة من سفراء خمس دول صديقة للبنان هي السعودية، مصر، فرنسا، قطر والولايات المتحدة، للضغط على المعارضة كي تقبل بفكرة الحوار على طريقة طاولة رسمية يدعو اليها بري أو الأمانة العامة للمجلس، لنقل مركز الانتخاب من الدستور إلى رئاسة المجلس وتحويلها إلى رئاسة مولّدة للرئاسات من خارج الدستور، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ فصل السلطات والآليات المنصوص عليها في انتخاب الرئيس وتكليف رئيس الحكومة وتشكيل الحكومات.

وفي المعطيات أن سفراء “الخماسية”، وبهدف ايجاد مساحة مشتركة، لكل القوى السياسية، حملوا ما سمعوه من الفريق الممانع وخصوصاً بري وبدأوا بجولة على القوى السياسية، على الرغم من أن قلّة منهم اقتنعت بهذا الطرح، وربما كان السفير المصري علاء موسى من أكثر المقتنعين بالحوار، إلا أنه لم يتوقّف عند الشكل، كما يريد بري، إنما كان صريحاً في موقفه كاشفاً أن “انتخاب رئيس لم يتم في أي زمن في لبنان من دون حوار والفارق بين الحوارات السابقة والحالية أنها برئاسة بري ويجب ألا نتحدث عن شكل الحوار”.

لا شك في أن لقاءات “الخماسية” مع بري وغيره من مرجعيات الممانعة، لا تسمع فيها كلاماً واضحاً يتطابق مع الدستور، إلا أنها مضطرة الى أن تصغي إلى الجميع، علّها تجد مساحات مشتركة، لذلك حاولت مدفوعة بالتقارب الايراني-السعودي، فتح كوّة لتبقي الاستحقاق الرئاسي، على الأقل، قيد التداول، فيظل على نار معتدلة ولو لم تكن ساخنة.

في أولى لقاءات “الخماسية” كانت مصارحة مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وأكّدت أوساط كنسيّة، أن اللجنة طرحت أفكار بري من حيث الواقعية، إلا أن البطريرك كان صريحاً مع السفراء رافضاً تكريس أي اعراف لجهة اشتراط ربط الجلسة الانتخابية المفتوحة كما ينص عليها الدستور بأي مؤتمر أو منتدى أو لقاء حواري يسبقها.

أما اللقاء الثاني مع رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب أمس، فقطع الشكّ باليقين، وعلى الرغم من انفتاح جعجع على كل ما يُسهّل الاستحقاق الرئاسي، وتقديره لجهود اللجنة الخماسية لإيجاد مساحة مشتركة، إلا أنه لاحظ أن لا مبادرة ولا أي طرح تحمله سوى جسّ نبض المعارضة في ما يتعلّق بطرح الرئيس بري. وتتحدث مصادر مطلعة عن أن كلام جعجع بدا منسجماً تماماً مع كلام البطريرك الراعي، ولم يخفِ ذلك أمام الاعلام قاصداً توجيه رسالة حادة إلى بري و”حزب الله”. وكشف أنه كان صريحاً وواضحاً مع أعضاء اللجنة الخماسية في ظل عدم الوضوح معها، محمّلاً المسؤولية للفريق المعطّل وهو فريق الممانعة “الذي لا يريد انتخابات رئاسية أو أن تكون على قياسه”. ووجه سهاماً إلى بري كردّ على مناوراته، واصفاً اياه بهذه الكلمات: “ما شفت أشطر منو للرئيس برّي بتضييع الشنكاش، عامل Babysitter لمحور الممانعة وهوي فَخوَت طرح الاعتدال”.

وتلفت المصادر إلى أن جعجع كان في ذروة الوضوح مع سفراء “الخماسية” وقد أثنى كثيراً على مساعيهم، لكن المسألة لا تحتمل أنصاف الحلول والخداع الذي يمارسه بري، محدداً التعطيل بالثنائي الشيعي، واضعاً خطوطاً حمراً على التلاعب بالدستور، ومؤكداً أن خريطة الطريق الوحيدة هي جلسة مفتوحة بدورات متتالية تسبقها حوارات ثنائية أو تداعي كما طرحت كتلة “الاعتدال”.

في المقابل، أجمعت الأوساط الكنسيّة ومصادر معراب على أن “الخماسية” تريد أن تصل إلى مساحة مشتركة لكن من دون تجاوز الدستور، وبالتالي لم يضطر البطريرك الراعي أو جعجع إلى اقناع السفراء بشيء، فهم يعرفون هوية المعطّلين ولا يحتاجون إلى شرح من أحد.

وتعتبر مصادر معارضة أن اللجنة الخماسية لا تريد حتماً أن يبقى عملها في إطار العلاقات العامة ولا يجوز أن تستمر على هذا النحو، بل يجب عليها، على الأقل، في البداية تسمية المعطّلين بأسمائهم وخصوصاً الذين يحولون دون انتخاب رئيس ولا يلتزمون بالآليات الدستورية، وليس مطلوباً منها أكثر من ذلك، قبل أن تذهب نحو خطوة متقدّمة تصل فيها إلى العقوبات.

شارك المقال