جبران وإسرائيل (1)

الراجح
الراجح

قليلون في لبنان يعرفون ماذا يجري عندما يعقد جبران باسيل اجتماعاً لكتلته البرلمانية، والأهم والأكثر تأثيراً عندما يعقد اجتماعاً لمكتبه السياسي.

جلسة المكتب السياسي للتيار تعني أنهم يبحثون أمراً خطيراً تماماً كما يجري في اجتماعات حلف الناتو. ولا بدّ من نقاش مواضيع عسكرية بسبب اعتداءات العدو الإسرائيلي على جنوب لبنان. والأَكيد أن مستوى النقاش علمي واستراتيجي لدرجة أنه لو سُمح للإعلام بالدخول إلى قاعة الاجتماع لما كان أحد ليفهم شيئاً!

يستهل القائد جبران الجلسة باعتباره خبيراً عسكرياً استراتيجياً، فيشرح الخطة الدفاعية المستوحاة، حسب رأيه، من “عصير” نظريات كلاوزفيتز وفريدريك الثاني. وقال انه شخصياً، وعلى الرغم من كل تقديره الموضوعي لأساس نظرية كلاوزفيتز في الحرب الكلاسيكية، يميل عاطفياً نحو تطبيق أسلوب فريدريك الثاني. وهذا ما يضعه في موقع الخلاف مع عمه، الجنرال كيم إيل عون (بالإذن من الدكتور عارف العبد)، الذي يفضل الأخذ بتطويرات جوديريان، خصوصاً بالنسبة إلى المدرعات والقوات المحمولة، والذي يحذر دائماً من الانحياز إلى كلاوزفيتز.

ولأن الشعب لم يعد يحتمل حسم جبران، وانطلاقاً من رغبة البعض في التوجه شرقاً، يميل الموقف لصالح آراء الجنرال الروسي ميخائيل توخاتشيفسكي.

وقد يتدخل بعض الرموز “البروليتارية” في المكتب السياسي مؤيداً لنظرية ليدل هارت حول تكثيف الخطوط الأمامية مع تحريك الخطوط الخلفية، مستشهداً بمعركة “أوسترليتز” التي انتصر فيها نابوليون على أعدائه كنموذج حي لصحة هذه النظرية. فيتدخل جبران معترضاً على نظرية هارت، واصفاً إياه بالانكليزي الرجعي.

ويعلو الصراخ في القاعة حيث انقسام الرأي كان واضحاً بين مجموعة كلاوزفيتز ومجموعة فريدريك الثاني ومجموعة جوديريان، فضلاً عن مجموعة توخاتشيفسكي.

إزاء هذا الانقسام الذي يهدد وحدة التيار، وانسجاماً مع سياسة جبران وحرصه على وحدة التيار والوحدة الوطنية، اتخذ جبران موقفاً محايداً في خضم الصراع الفكري والعسكري الخطير الدائر في الجلسة. وأعلن إيمانه وتمسكه بعلاقات الصداقة والود القائمة بينه وبين السادة فريدريك الثاني وكلاوزفيتز وجوديريان وهارت وتوخاتشيفسكي، والتي تُعد نموذجاً لعلاقاته الداخلية اللبنانية والدولية القائمة على مبدأ احترام سيادة كل الشعوب واستقلالها القائمين على اللامركزية الاداريّة الموسعة والصناديق الائتمانية العائدة لها.

كل ما تقدم كان من الخيال الواقعي، على غرار الخيال العلمي، لكنه يجري في ظل أكبر أزمة تعيشها البلاد. أما الدافع إلى سردها فهو تصريح جبران مهدداً إسرائيل في حال قررت شن الحرب الواسعة على لبنان. الله الساتر…

يتبع

شارك المقال