أهالي الشهداء: نريد الحقيقة ولا نريد الانتقام من أي جهة

هيام طوق
هيام طوق

منذ سنة بالتمام والكمال يطالب أهالي شهداء المرفأ بكشف الحقيقة في ثالث أكبر انفجار في التاريخ والذي أودى بحياة أغلى ما لديهم، مطالبين السلطة القيام بكل ما أمكن للوصول إلى العدالة لتتبلسم جراحهم ولترتاح أنفس شهدائهم تحت التراب، وإجراء تحقيقات بدءاً من رأس الهرم وصولاً إلى أصغر موظف في الدولة، ومن تظهر براءته سيرفعون له القبعة، ومن يثبت تورطه يجب أن ينال عقابه.

وفي هذا الإطار، وجه القاضي طارق البيطار كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل، وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس، لإعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك “للشروع باستجواب هؤلاء جميعا بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير”.

ومنذ يومين، قرّر مجلس نقابة المحامين في بيروت إعطاء الإذن لملاحقة النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر كما قرر مجلس نقابة المحامين في طرابلس أمس، في جلسته المنعقدة برئاسة النقيب محمد المراد، منح الإذن بملاحقة المحامي يوسف فنيانوس بعدما اعتبر أن “الموضوع المطلوب الإذن في صدده غير ناشئ عن ممارسة مهنة المحاماة ولا في معرضها كونهم كانوا جميعا وزراء وقيودهم معلّقة في نقابتي المحامين وهم منقطعون عن ممارسة مهنة المحاماة ولم يكونوا يتمتعون بصفة المحامي ليدرس مجلس النقابتين مسألة الموافقة على رفع الحصانة عنهما أو حجبها”.

وكان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر قد أعلنا استعدادهما “فوراً وقبل صدور الإذن المطلوب للحضور أمام المحقق لإجراء اللازم للمساعدة للوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤوليات في هذه الجريمة”.

أهالي الشهداء يرحبون بقرار نقابة المحامين، وهم ينتظرون بفارغ الصبر ما إذا كان المجلس النيابي سيرفع الحصانة عن النواب لمثولهم أمام القضاء “لأننا لا نريد سوى الحقيقة ولا نريد الانتقام من أي شخص أو أي جهة إنما نتمنى على كل المعنيين أن يلتزموا بالقضاء وبقرارته، وهذا يوفر علينا وعليهم الجهد ويسرع في مسيرة التحقيق”، كما يقول وليام نون شقيق الشهيد جو نون الذي يعتبر أن نقابة المحامين ربما لديها شيء ما لا نعلمه نحن لإعطائها الإذن بالملاحقة”.

آراء الأهالي معروفة، يريدون شيئاً واحداً: إظهار الحقيقة مهما كلف الأمر، لكن هل حسابات البيدر تختلف عن حسابات الحقل؟ والسؤال المنطقي اليوم في قرار نقابة المحامين لماذا تأخرت في إعطاء الاذن بالملاحقة؟ وما أهمية هذا القرار طالما أن عضوية النائبين كانت معلقة في النقابة الحكمية بتوليهما مراكز نيابية ووزارية، وبالتالي لم يكونا يحملان صفة “محام” في تلك الفترة؟ أسئلة توجه بها ” لبنان الكبير” إلى مفوّض قصر العدل المحامي ناضر كسبار الذي أوضح أن ” المحقق العدلي يحول الملف إلى النيابة العامة التمييزية التي حولته لنا، ونحن من تاريخ وصوله الينا إلى نقابة المحامين لدينا مهلة شهر لإصدار القرار لأنه خلال هذه المهلة إذا لم نبت بالملف يعتبر الإذن معطى حكماً. عندما يصلنا الملف يصل إلى الإدارة التي تحوله إلى النقيب الذي يحوله بدوره إلى مفوض قصر العدل الذي يتصل بصاحب العلاقة. وفي حالتنا اليوم بالوزيرين حسن خليل وزعيتر كي نعرف ما هو موقفهما، وهذا الاجراء إلزامي . نفتح محضر لأن الشكوى تصلنا من طرف واحد، لذلك علينا الاستماع للمحامي المدعى عليه للاطلاع على دفاعه بالموضوع. بعد الاستماع إلى المحامي المدعى عليه يعرض مفوض قصر العدل الملف أمام مجلس النقابة، ويشرح الوقائع وتتم مناقشة الموضوع ثم يحصل ما يسمى بالتصويت”، مشيراً إلى أن “الملف وصلنا في الخامس من الشهر الجاري ومعنا مهلة حتى الخامس من الشهر المقبل لنبت بالموضوع. هذا الملف كغيره من الملفات، من المهم البت به ضمن المهلة المحددة لنا وهي شهر” .

ويتحدث عن “المادة 15 من قانون تنظيم مهنة المحاماة حيث تنص الفقرة السادسة منها على أن المحامي عندما يصبح وزيراً ينقطع عند البدء بمزاولة عمله كوزير عن ممارسة المهنة ويعلم نقيب المحامين بذلك. هنا الوزيران انقطعا عن ممارسة المهنة. الفعل المنسوب اليهما الذي يمكن أن يكون صحيحاً كما يمكن أن يكون غير صحيح، نحن لا نتدخل به لأنه في هذه الحالة كان الوزيران منقطعين عن مزاولة المهنة يعني غير ناشئ عن ممارسة المهنة، وهنا ينتهي دورنا، ولا نكمل ولا نتدخل في الجزء الآخر من الموضوع إنما نقف عند الجزء الشكلي”، موضحا أنه “لا نقول رفعنا الحصانة لأن الوزيرين كانا منقطعين عن ممارسة المهنة وبالتالي أن المحامي الذي كان وزيراً لا يتمتع بالحصانة، ونحن لا ننظر في الخطوة اللاحقة إذا كان الفعل المنسوب إليه فيه شيء من الصحة أو لا”.

ويشرح كسبار الآلية التي يتم اعتمادها حيث “نرسل الملف إلى المرجع الذي أرسله إلينا وهو النيابة العامة التمييزية التي بدورها ترسله إلى المحقق العدلي”، مشيراً إلى أن “الوزيرين لديهما حصانتان، الحصانة النقابية والحصانة النيابية، وملفا الحصانتين منفصلان عن بعضهما كلياً، ونحن قمنا بما يمليه علينا الدستور والآن لديهما الحصانة النيابية”.

أما في ما يتعلق بالنائبين حسن خليل وزعيتر، فإن الرئيس نبيه بري كما كتلة التنمية والتحرير، أعلنا خلال أكثر من مناسبة انهم مع رفع الحصانات، كما جدد الرئيس برّي موقفه أمس بأن “المجلس النيابي وضمناً التنمية والتحرير على أتمّ الاستعداد لرفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء”، حيث تمنى النائب محمد خواجة في حديث مع ” لبنان الكبير” أن ” نكون قريباً أمام رفع الحصانات، لكن ذلك يجري وفق آلية قانونية، وإذا كانت القضية عند المجلس النيابي يمكن اعتبارها مشيت”، معتبراً أن “النقابة تصرفت وفق القانون على أمل أن نصل إلى إلغاء الحصانات وليس فقط تعليقها. أي مسؤول من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف، الجميع سواسية أمام القانون”.

إقرأ أيضاً: ذكريات لحظات الانفجار الأولى..

ويتحدث عن شهداء المرفأ الذين “اعتبرناهم كشهداء الجيش اللبناني، ونتعامل معهم على هذا الأساس، لكن لماذا هذه الهجمة على المجلس النيابي وعلى النواب؟ . المتاجرة بدم الشهداء مع احترامنا وتقديرنا لأهالي الشهداء ومعاناتهم، لكن هذا لا يعطي الحق لبعض الإعلام المنتفع الإساءة إلى النواب”.

وعن شكوك بعض الأهالي في النوايا في رفع الحصانات، واعتبارهم كل ذلك يجري الآن بهدف امتصاص غضبهم، ومحاولة إفشال ما سيحصل في الرابع من آب، يشدد خواجة على أن “ذلك غير صحيح. الرئيس الحريري كان واضحاً في هذا الموضوع والرئيس بري أيضاً. بالنسبة لنا نريد معرفة من أدخل هذه المواد ومن استخدمها وإذا كان هناك عمل مفتعل في التفجير من كان وراءه. الحقيقة مطلب كل اللبنانيين وليس فقط أهالي الشهداء. القضية وطنية بامتياز، وأنا سألاحق الموضوع حتى النهاية”.

شارك المقال