زيارة أمنية بأبعاد سياسية (2)… عودة سوريا لاعباً إقليمياً؟ 

زياد سامي عيتاني

فاجأت زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله”، وفيق صفا الى دولة الامارات العربية المتحدة، الأوساط السياسية اللبنانية، نظراً الى التوترات والخلافات القائمة بين الحزب ودول الخليج العربي في العديد من القضايا الاقليمية، والتي وصلت إلى حد تصنيف مجلس الوزراء الاماراتي للحزب كمنظمة إرهابية عام 2014، ليتخذ مجلس التعاون الخليجي الخطوة نفسها في العام 2016. هذا القرار جاء نتيجة ما كان يقوم به الحزب من الأعمال العدائية وتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الارهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها.

على الرغم من المفاجأة التي أحدثتها زيارة صفا، تردد وفق مصادر سياسية أن الامارات كانت قد أجرت تواصلاً في السنوات الماضية مع “حزب الله” عبر وفود أمنية بهدف متابعة حيثيات الملف اليمني والسوري خصوصاً.

في العام ٢٠١٨ أعادت الامارات علاقتها الديبلوماسية مع النظام السوري، كما لعبت دوراً محورياً لاعادة العلاقات بين الدول العربية وسوريا بعد تعليق عضوية الأخيرة في جامعة الدول العربية لأكثر من عقد، كما أعادت الامارات التواصل مع إيران.

بناءً على كل ذلك، يمكن إسقاط صفة “المفاجأة” عن الدور المحوري الذي لعبه الرئيس السوري في ترتيب زيارة صفا الى الامارات، الذي بقي سرياً حتى الاعلان عن الزيارة، على الرغم من أن الامارات لم تصدر أي تعليق رسمي على الموضوع، كما تجاهلت وسائل إعلامها خبر استقبال صفا في أبو ظبي. وبحسب المعلومات فإن رئيس جهاز المخابرات العامة السورية اللواء حسام لوقا عمل خلال الأشهر السابقة على فتح ثغرة في جدار العلاقة بين “حزب الله” ودولة الامارات، تحت عناوين سياسية وأمنية يسوق النظام في سوريا أنه القادر على ضمانتها. إذ تؤكد المصادر أن التفاوض الذي جرى لعدة أشهر وتحديداً منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، كان بطلب شخصي من الرئيس السوري.

مع فتح الامارات مساراً سياسياً جديداً مع سوريا، من خلال تعزيز حضورها فيها، هل عادت سوريا الى لعب أدوار سياسية جديدة في محاولة لإظهار نفسها طرفاً إقليمياً فاعلاً، علها تخرج من عزلتها الخارجية، بغية تحصيل منافع مالية لإنعاش النظام الذي يقود أسوأ المراحل السياسية والاقتصادية في تاريخ سوريا؟

ستكشف الأيام والأسابيع القليلة القادمة عن مشهد متعدد الأبعاد والارتدادات، في ضوء ما قامت به سوريا من دور في ترتيب زيارة صفا الى الامارات، ما يشكل خرقاً متعدد الأبعاد في السياسة والأمن والاستراتيجية لعزلتها، خصوصاً أن الزيارة تتجاوز في تداعياتها وأبعادها العنوان المعلن.

شارك المقال