التجييش في أعلى مستوياته… والعيش المشترك هش

محمد شمس الدين

التجييش بين اللبنانيين ضد بعضهم البعض وصل إلى حد غير مسبوق، وارتفعت نسبة الكراهية بين الأطياف في البلد بصورة كبيرة، فلم يعد الأمر مقتصراً على “حزب الله” من هنا و”القوات” و”الكتائب” من هناك، بل تحول إلى شيعي ومسيحي وابن هذه المنطقة وابن تلك، وهذا ما ألقت الضوء عليه حادثة رميش الأخيرة، بغض النظر عن تفاصيلها، بحيث شنّ اللبنانيون هجمات من النوع الالكتروني هاجموا فيها بعضهم البعض بأوصاف وعبارات نتحفظ عن كتابتها، الأمر الذي يوحي بأن لبنان لم يتعلم من دروس الماضي، ولم يتطور للمستقبل حيث يعامل الانسان وفق انسانيته، لا وفق دينه ومعتقده أو طائفته. فما السبب وراء كل هذا التعصب بين اللبنانيين؟ وهل لدى القادة السياسيين هذه القدرة على التأثير في الشعب؟

أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية د. نذير جاهل أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “طبيعة البنية الاجتماعية اللبنانية تفرز هذه السياسة، فالطوائف ليست شيئاً مفتعلاً، بل هي أمر فعلي، ولأن المجتمع اللبناني ليس قائماً على الانتاج ولا تقسيم عمل فيه، يلعب كل من له صلة القرابة والدين دوراً كبيراً فيه، وهي علاقات مثلها مثل أي علاقات أخرى، قد تكون إيجابية كالشهابية مثلاً أو السيد موسى الصدر، أو قد تكون سلبية”.

ولفت جاهل إلى أن من غير الطبيعي وجود كراهية بين الطوائف ولا يمكن معرفة أسبابها إن كانت مفتعلة أو سلسلة تراكمات، إلا “أننا نعيش في مجتمع طائفي، وليست هناك دولة، فهل من داعٍ للعجب فعلاً أن هناك كراهية بين اللبنانيين؟”.

التعدد سمة العديد من المجتمعات، قد يكون تعدداً عرقياً أو دينياً أو غيره، وهذه الفئات توجد أحياناً في مجتمع واحد، تنظم علاقتها ببعضها البعض الدولة. ومن الطبيعي في ظل غياب الدولة في أي مجتمع، أن يغيب تنظيم العلاقة بين أطيافها، بل عند كل “كوع” سنجد أن اللغة السائدة هي لغة القبلية أو الطائفية المتعصبة ضد الآخر، وهذا ما يمكن ملاحظته على خلفية حادثة رميش، وقبلها الكحالة، وحوادث أخرى متعددة حصلت في السابق، وما مسارعة القيادات السياسية إلى التأكيد على العيش المشترك إثر كل حادثة إلا دليلاً على هشاشته وهشاشة الدولة من ورائه.

شارك المقال