الانتخابات البلدية ضحية حرب الجنوب؟

آية المصري
آية المصري

كل شيء في البلد بحكم المؤجل، خصوصاً وأن الاستحقاقات لم تعد تجري في موعدها المحدد، فلا انتخاب رئيس للجمهورية حصل في موعده، ولا الانتخابات البلدية والاختيارية ايضاً، وللمرة الثالثة على التوالي يبدو أنها ستؤجل نتيجة التصعيد المستمر جنوباً. ولم يعد أمراً غريباً تأجيل الاستحقاقات الدستورية وتحديداً بسبب المحاصصة القائمة بين القوى السياسية وحساباتها الضيقة. لكن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يؤكد أنه جاهز لهذه الانتحابات في موعدها المحدد أي في شهر أيار المقبل، ولم يتبقَ لهذا الموعد متسع الوقت، فهل من عصا سحرية تنقذ الموقف لا سيما وأن الجميع يرفض تأجيل الانتخابات؟ وهل البطل الخارق قادر على عدم تأجيلها مرة أخرى؟

الواضح أن التصعيد في الجنوب ينذر بخطر كبير، فكيف يمكن اقصاء الجنوب وعزله عن هذا الاستحقاق في حال حصلت الانتخابات في المناطق اللبنانية كافة؟ وهل يجوز أصلاً تأجيلها في مناطق لأسباب موجبة وطارئة كما يعتزم وزير الداخلية؟ ولا يمكن تناسي المشكلات الداخلية الحاصلة بين أعضاء المجلس البلدي الواحد، وكم من بلدية باتت تحت سلطة المحافظ حتى اليوم، فكيف تتحمل هذه المجالس المزيد من المماطلة والتأخير في حل مشكلاتها؟

في هذا السياق، استبعد وزير الداخلية السابق محمد فهمي حصول الانتخابات البلدية، موضحاً أن “ليست لديه معطيات وزير الداخلية الحالي ولكن في مثل هذه الأوضاع من الناحية الأمنية متوقع تأجيل الانتخابات البلدية لكن لا يمكنني الجزم”.

اما حول الانقسامات في المجالس البلدية، فرأى أن “الانقسامات ليست في المجالس فحسب بل في البلد ككل، وهناك شيء أهم من البلديات بكثير اليوم، صحيح أن البلديات تُعالج مشكلات الناس اليومية بحيث من السيء عدم القيام بهذه الانتخابات، لكن الأسوأ أن نضع الناس تحت قصف العدو الصهيوني الذي يقصف يومياً المناطق اللبنانية كافة”.

وعن عزل الجنوب عن الانتخابات البلدية كما يجري طرحه، اعتبر فهمي في حديث عبر “لبنان الكبير” أنه “لا يجوز تقسيم الوطن والبقعة التي يتشكل منها لبنان، والجنوب جزء أساسي من الوطن اللبناني ولا يجوز بأي شكل من الأشكال ومهما تكن الأسباب أن يُقسم”.

في المقابل، قال وزير الداخلية السابق مروان شربل: “قبل وجود العذر قاموا بتأجيل الانتخابات البلدية، ولم يكن هناك أي عذر ولا حتى حرب، واليوم لديهم عذر وحرب قائمة في الجنوب وبيوت مدمرة ومشكلات، فهل من الممكن ألا يؤجلوها؟ المؤكد أنها ستؤجل”. وذكر بـ “أننا بقينا منذ الاستقلال 12 عاماً بلا انتخابات بلدية لأنه كانت هناك اشكاليات سياسية بصورة مستمرة، وحتى اليوم لا تزال هذه المشكلات موجودة، وبالنسبة الى السياسيين الانتخابات البلدية أهم بكثير من النيابية لأن رئيس البلدية والمختار بالتحديد هما مفاتيح انتخابات لهم”.

اما بالنسبة الى تأجيل الانتخابات البلدية، فلفت شربل عبر “لبنان الكبير” الى أنه “لا يجوز انتخاب رئيس بلدية على ست سنوات، وعلى دورة واحدة، صحيح تُقسم على المحافظات ولكن يكون الجميع على ست سنوات، انا كيف أعرف متى تنتهي الحرب في الجنوب؟ يمكن بعد عامين أو ثلاثة، وبالتالي هل يصح أن نعيد الانتخابات في الجنوب بعد هذه الفترة؟ حكماً لا يجوز ذلك”.

ورأى أن “الغلطة الكبرى أننا في انتخابات 2022 كان بامكاننا أن نقوم بانتخابات بلدية وبرلمانية والاثنتان تنتهيان خلال شهر أيار 2022 فلماذا قاموا بتأجيلها؟ لكنا وفرنا ولم ندفع الأموال ووضعنا صندوقة في قلم الاقتراع للبلدية والاختيارية والنيابية على حدة فلماذا لم يقوموا بذلك؟ كلها أسباب سياسية أعاقت الموضوع”.

وعن جهوزية التمويل، أشار الى أن “الأموال موجودة منذ العام 2023 وقاموا بنقلها في موازنة 2024 لأنها لم تُصرف وهناك أكثر من 100 بلدية منحلة”، متسائلاً: “لماذا لم تحدث انتخابات فرعية؟ القانون ينص على أنه بعدما تنحل المجالس بشهرين وبعد انشاء بلديات جديدة من تاريخ الانشاء وتاريخ الانحلال من المفروض اجراء انتخابات بلدية”، قائلاً: “قمت بأكثر من 30 انتخابات فرعية في زمن الحرب لأنني لا أؤمن بأن السلطة الادارية إن كان محافظاً أو قائممقاماً قادر على تسلم البلدية خصوصاً وأن هناك اليوم 5 و6 بلديات بتصرف المحافظ، كيف يعني؟”.

وكشف شربل أن “هناك اشكالية كبيرة في بلدية بيروت اليوم لا يتحدثون عنها، وهي أن تكون مناصفة”، سائلاً: “من يمنع تأليف لائحة واحدة فيها من أصل 24، 3 مسيحيين أو يؤلفوا في الأشرفية بلدية فيها 2 مسلمين، هل القرار بيد القيمين على السياسة في بيروت؟”.

أضاف: “في البداية كان الرئيس سعد الحريري فارضها مناصفةً نصف – نصف، اليوم من يفرضها؟ تألفت لائحة وفازت في الانتخابات البلدية وفيها ثلثان بثلثين، المشكلة أنهم ينتظرون العذر كي يقسموا البلديات في المناطق ونتذكر اقتراحات القوانين التي صدرت عن نواب الأشرفية واليوم نقوم بانتخابات وتصدر النتيجة هكذا، يعني شو منعمل؟ ومثلاً طرابلس كانت نص بنص، اليوم لا مسيحيين في بلدية طرابلس، وفي بيروت لا يمكن القول ماشي الحال، بكل صراحة”.

شارك المقال