إنتخابات “حامية” تنتظر نقابة المهندسين شمالاً… وقلقٌ من استراتيجية الـ “ما خلّونا”

إسراء ديب
إسراء ديب

ستتّجه الأنظار يوم الأحد في 14 نيسان المقبل، إلى نقابة المهندسين في طرابلس والشمال حيث ستُجرى الانتخابات لاختيار نقيب جديد خلفاً للنقيب بهاء حرب، وأربعة أعضاء لمجلس النّقابة عوضاً عن الأعضاء الذين انتهت مدّة ولايتهم وهم: ريما منصور، صولانج حويّك (هيئة عامّة)، محمّد شيخ النجارين (رئاسة فرع الكهرباء)، وزكريا عقل (رئاسة فرع الميكانيك)، في وقتٍ استعدّت فيه الأحزاب والتيّارات السياسية بكلّ ما أوتيت من جهوزية وقوّة للدخول في معترك هذا الاستحقاق النّقابي الذي يبدو أنّه سيشهد معركة حامية تُؤدّي إلى اختيار نقيب جديد من الطائفة الاسلامية هذه المرّة، وفق ما ينصّ عرف النقابة القائم على المداورة.

يُمكن التأكيد، أنّ المنافسة هذا العام ستكون بين لائحتيْن واضحتيْن فقط حتّى اللحظة، ويشير مصدر من النقابة لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ المنافسة حالياً تبدو محدودة أكثر من الأعوام الماضية، “إذْ تنحصر بين لائحة سياسية تتمتّع بنفوذ سياسيّ معروف وقويّ وهي لائحة نقابتنا تحت شعار (معاً نحميها)، وثانيتها تعارض الأولى وهي لائحة (النقابة للجميع)، تحمل أجواءً سياسية مناهضة للأولى، لكن المعركة تبدو جيّدة وحامية الا أنها ما زالت على نار هادئة لم تُعط مفعولها المطلوب إلى الآن لتمثيلها أكثر من 15 ألف مهندس شمالاً”.

وكما جرت العادة، تحرص التيّارات السياسية على بسط نفوذها في الانتخابات النقابية، إذْ يعكس حرصها المستمرّ على التنافس، قيمة العمل النقابي وأهميته والذي لا يخرج محلّياً عن الأطر السياسية والتحالفات الممتدّة لأعوام، لكن في نقابة مهندسي طرابلس، سيكون التنافس مثيراً وقوياً هذه المرّة بين اللائحتين برئاسة كلّ من المهندسيْن المرشحيْن لمركز النّقيب مُرسي المصري وشوقي فتفت.

اللائحتان

وفي تفاصيل اللائحتيْن، فإنّ لائحة “نقابتنا” التي يرأسها المهندس المصري (الذي يحظى بدعم كبير) إلى جانب أعضائها الأربعة وهم: ميشال فغالي (فرع الكهرباء)، محمود الصاج (فرع الميكانيك)، راوول الزريبي (هيئة عامّة) وسليم نشابة (هيئة عامّة)، كان أطلقها تيّار “المستقبل” خلال حفل إفطار في 21 آذار من مطعم “بيتنا”- طرابلس، وهي مدعومة من تحالف “المستقبل”، “القوات” و”المردة”. وأكّد المصري في كلمة حينها عدم استحيائهم يوماً بخياراتهم السياسية، طالما تدخل في إطار دعم النقابة وأهدافها.

أمّا اللائحة الثانية التي يُؤكّد مناصروها أنّها “مستقلّة” وتستهدف “الحدّ من الاستئثار السياسيّ بقرار النقابة ورئاستها، والمتمثل في تيّار المستقبل والقوات منذ أكثر من 10 أعوام”، فيرأسها فتفت الذي يتمتّع بخبرة واسعة ويُقال إنّه مدعوم من الوزير والنائب السابق أحمد فتفت، وذلك بعد انسحاب المهندس فادي عبيد عقب توصّله إلى اتفاق مع المرشح فتفت، كما تمّ الاعلان عن اللائحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً عبر فيديو يتحدّث عن أبرز نقاط برنامجها الانتخابي مع نشر أسماء أعضائها المهندسين وهم:

باسم خياط (عضوية الهيئة العامّة- مدعوم من تيّار “العزم”، وكان مثّل العزم في مجلس النقابة بين عاميّ 2010 إلى 2013)، إيلي عوض (الهيئة العامّة- مدعوم من “حركة الاستقلال”)، بلال طاهر (رئاسة فرع الميكانيك- مرشح تيّار الاصلاح الإسلامي النقابي الذي انبثق من “الجماعة الاسلامية” مسبقاً)، وميلاد غنطوس (رئاسة فرع الكهرباء- ينتمي إلى “التيّار الوطني الحرّ” وفاز كأمين لصندوقه في انتخابات هيئة قضاء الكورة).

ووفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ مناصري اللائحة الأولى أظهروا امتعاضاً من اللائحة الثانية لا بسبب مشاركتها أو منافستها لهم، (إذْ يرون أنّ المنافسة مشروعة ومعتادة) بل بسبب تصويرها على أنّها غير ممثلة في المجلس النقابي شمالاً. كما امتعضوا من الترويج لفكرة أنّها لائحة مستقلّة، وأنّ كلّ من تيّار “المستقبل” و”القوات” يتحكّمان في إدارة النقابة وتمويلها، الأمر الذي يدفعهم إلى التأكيد أنّ ضرب الانتخابات بهذه الأقاويل، يُشير إلى “رغبة في الحصول على مقاعد أكثر وهو ما يُعدّ مشروعاً لكن من دون اللجوء إلى هذه الطريقة”.

ويلفت مصدر نقابي إلى أنّ متابعة أسماء مرشحي اللائحة الثانية، توضح أنّهم ينتمون إلى تيّارات سياسية موجودة فعلاً في السلطة، رافضاً مبدأ لجوء بعضهم إلى عصا الـ “ما خلونا” العونية، ومشدّداً على أنّ كلّ التيّارات المنافسة في اللائحة الثانية تُعدّ مشاركة في مجلس النقابة الحاليّ والسابق والذي يسبقه أيضاً منذ فترة طويلة، وأنّ هذه التيّارات لم تُهمّش كما يروّج التابعون لها، بل جاء تمثيلها ومشاركتها أيضاً في جميع قرارات النقابة (التي لم يرفضوا أيّ منها) بعد التحالف مع “المستقبل” و”القوات”، لا بسبب معارك طاحنة خاضوها نقابياً، فيما لا يُخفي “أنّ عدداً من أعضاء اللائحة الثانية كانوا يرغبون في الانتماء إلى اللائحة الأولى لكن العدد لم يكن مناسباً وفق خريطة التوزيع النقابية”.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ المستقبل كان ممثلاً بعضويْن (خضر حسين ومحمّد شيخ النّجارين)، 2 للإصلاح: (صفوان الشهال الذي وصل إلى منصب أمانة المال ومصطفى فخر الدّين، مع التذكير بوصول بلال عوض إلى أمانة السرّ)، و2 للعزم (زكريا عقل، ورئيس فرع الموظفين لدورتيْن علي هرموش)، وأقلّ عضو فيهم بقي في المجلس لثلاثة أعوام، ومنهم من انتهت ولايته، لذلك لم يكن تمثيلهم محدوداً بل توسعوا في تمثيلهم الذي لم يغب عن أيّ تيّار سياسي خصوصاً منذ العام 2015 إلى الآن، حتّى الوطني الحرّ فهو ممثّل منذ العام 2016”.

المصري: منافسة نقابية بامتياز

يصف المرشح المصري المنافسة الحالية بأنّها “نقابية بامتياز”، نافياً وجود احتكار سياسيّ لـ “المستقبل” و”القوات” في العمل النقابي الذي “لا يُعدّ تمسّك تيّار المستقبل به جديداً، بل كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري مهتماً بنقابات المهن الحرّة بدورها الريادي والدّيموقراطي”.

وفي حديثٍ لـ “لبنان الكبير”، يقول المهندس (الذي ترشح عام 2017 كمستقلّ من دون دعم سياسي، وحظي بدعم حاليّ بعد تفاهم وتبنّي “المستقبل” له): “إنّني بالتأكيد ملتزم بالعمل النقابي وأنا لا أخفي انتمائي السياسيّ، لكن طبعاً نفصل العمل السياسي عن النقابي، أمّا عن المهندس فتفت فهو صديقي وأنا أحترمه للغاية، لكن في المنافسة النقابية، لكلّ منّا وجهة نظر وطموح في تطوير العمل النقابي، ونحترم الرغبة في زيادة تمثيلهم ديموقراطياً”.

أمّا عن أهداف عمله النقابي، فيُشدّد على أهمّية استحداث القوانين الصادرة منذ العام 1951 وذلك عبر مجلس النواب، “حيث التقيت ببعضهم لا من أجل الحملة، بل لأخذ تعهّد من 10 نواب منهم على الأقلّ من خلالهم مباشرة أو عبر ممثلهم، لأتمكّن من استحداث قوانين تُدخل الأموال إلى صندوق النقابة وتُؤمّن المعاشات التقاعدية التي كانت تبلغ ألف دولار قبل الأزمة، وأصبحت بعدها بمئتيّ دولار فقط، وغيرها من الأموال…”.

ووجّه كلمة الى المهندسين، قائلاً: “دعونا نخرج من الخطابات التي تستهدف ذرّ الرماد في العيون، فنحن نخوض معركة انتخابية تحقّ للجميع، لكن من الأفضل فعلياً أنْ يكون التصويت على لائحة واحدة كلّها لتُثمر نتيجة، تجنباً لوقوع نكايات في وقتٍ لا نغفل فيه عن أهمّية احترام رؤية الآخر وحقّه في التمثيل، فصحيح أنّ هناك ثمانية أعضاء يُمثلون فريقين، إلا أنّه بالأكثرية الموصوفة يُمكننا الإنجاز بصورة فاعلة ضمن برنامج مطروح، ويُمكنكم قطعاً محاسبتنا بالصناديق بعد سنة أو سنتيْن حول إدارة النقابة في حال عدم تلبيتنا للمطالب والبرنامج، لذلك لنكن فريقاً متكاملاً ومتجانساً”.

وعن انتقاد البعض لتنظيمهم الإفطارات (أو السحور) مقارنة بالفيديو الذي نشرته اللائحة الثانية، فيُشير إلى أنّ المرشحين في كلّ حملة انتخابية، يجب عليهم زيارة النّاس للتواصل معهم مباشرة، لكن “نحن في شهر رمضان، نضطر نتيجة ظروف الانتخابات إلى الالتقاء بالنّاس بهذه الطريقة التي حرصت على تسميتها بلقاءات لا إفطارات كبرى لأنّها لا تتجاوز الـ 50 أو 60 شخصاً”.

فتفت: كسر الهيمنة ضرورة 

بدوره، يُشدّد فتفت على أنّ “الاستئثار” المقصود يكمن في القرار الانتخابي والاداري الدّاخلي، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ الشخص إمّا أنْ يكون مرشحاً عبرهم، أو سيضطّر إلى إجراء معركة انتخابية ضدّ البلوك الذي وضع ليُعرقله، ولا ننسى وجود أعضاء كانوا ينتمون إلى تلك الفرق السياسية كقيادات المستقبل مثلاً وانضمّوا إلينا لدعمنا”.

وإذْ ينفي دعم أيّة شخصية سياسية (ومنها فتفت) له، يُؤكّد أنّ المرشح المستقل لا يعني أبداً عدم احتفاظه بعلاقاته بالسياسيين وبالمهندسين كما بالمناطقية والناس. ويُضيف: “التحالف اليوم انتخابي لا سياسي، وهناك تناقضات دعمتني، ومن الواضح أنّني تمكّنت من إنتاج حالة معيّنة أثمرت قبولاً لاسمي، وندرك أنّه إذا دخل المستقل منفرداً من دون دعم فلن يأخذ سوى 400 صوت مثلاً، لكن علاقاته بالآخرين تدعمه خصوصاً حينما يكون المرشح يرغب في إجراء تغيير في العمل النقابي (أبزره مالي وإداري لا يزال يعتمد الطرق التقليدية القديمة)، الذي بات خدماتياً بسبب النفوذ السياسي”.

وعن مشروعه، يوضح أنّه يعتمد على “المكننة” بصورة رئيسة، كما على التغيير. أمّا عن وجود مرشحين على لائحته بنفوذ سياسيّ، فيُؤكّد أنّهم مهندسون تمّ التحالف معهم، ولديهم قدرة تجييرية لصالح اللائحة، “ويحقّ لنا هذا التحالف كما يحقّ لغيرنا، فلسنا بثورة كلهم يعني كلهم، فيما أرى أنّ الخسارة طبيعية وأتصالح معها حتّى أربح، وهي محاولة نتمنّى من غيرنا تنفيذها في حال لم يُحالفنا الحظ بلائحة متكاملة تتجاوب بالحوار”.

وللمهندسين، يقول: “شاركوا جميعاً في هذه الانتخابات بغضّ النّظر لمن تُحسم النتيجة، لأنّها مسؤوليتنا النقابية، ويبقى الانتماء الى النقابة أهمّ من السياسية، ويبقى التعاون باختيار لائحة واحدة أفضل من الفوز بتزكية وهو ما يُشتت أحياناً أو يضرّ بالقوى التجييرية”.

شارك المقال