معركة غزة أصبحت “تشغيلية” لجبهة لبنان الأصلية (٢/١)

زياد سامي عيتاني

بعدما تمكنت قوات الاحتلال الاسرائيلي من تدمير شبه كامل لغزة، وتهجير أهلها وتشريدهم، وقتلت بهمجيتها الاجرامية الآلاف من الأبرياء، وقضت على كل مقومات العيش والحياة فيها، هل باتت غزة بالنسبة الى العدو “جبهة مشاغلة” لتصبح الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة الجبهة الأساسية لاسرائيل؟

يرى المراقبون أن إسرائيل و”حزب الله” أدخلا لبنان في قلب الحرب، وذلك أمام إصرار الحزب على ربط جبهة الجنوب بالتطورات العسكرية في غزة، في ظل نأي إيران بنفسها عن المشهد، فأدخل لبنان في دوامة المواجهة المفتوحة مع إسرائيل، وهذا ما أكده المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بقوله: “العمق اللبناني أصبح ساحة قتال”. فالجبهة اللبنانية – الاسرائيلية، تشهد تصاعداً كبيراً يتعاظم ويتراكم بكل تداعياته يوماً بعد يوم، بحيث إن تقديرات محللين عسكريين تُجمع على أن حدة التوترات على الجبهة الشمالية تتصاعد بصورة غير مسبوقة منذ العام 2006.

إقدام “حزب الله” إعتباراً من ٨ تشرين الأول على فتح جبهة الجنوب ضمن قواعد الاشتباك، تسبب في تشتيت الجيش الاسرائيلي، الذي اضطر الى تجهيز ثلاث فرق ثابتة مدعّمة بوحدات خاصة مخضرمة قاتلت في غزة وأصبحت على الحدود اللبنانية. إذ تعتقد القيادة الاسرائيلية أنه لولا دخول “حزب الله” المعركة، لَوضعتْ إسرائيل كامل قوتها في غزة وأنهت المعركة في وقت أقصر. لذلك، فإن هذه القيادة التي فرض “حزب الله” عليها حرباً مصغرة، باتت تبحث عن حل دائم للخطر على حدودها الشمالية، التي تهجر منها أكثر من 100 ألف من سكانها، خصوصاً وأن هذه الحدود طويلة، تمتدّ لنحو 110 كيلومترات، والحزب المنتشرة وحداته على إمتدادها في جاهزية دائمة، بحيث تتعامل هذه الوحدات مع الضربات الاسرائيلية بالأسلحة الموازية. وهذا من شأنه أن يدحرج الأمور إلى الأسوأ، بالتزامن مع إكتمال عناصر الحرب، خصوصاً بعدما ارتفعت الأصوات داخل إسرائيل بضرورة بدء معركة كبرى مع لبنان، لا سيما وأن مساعي واشنطن، التي قادها سابقاً موفدها الخاص آموس هوكشتاين، لفصل جبهتي لبنان وغزة باءت بالفشل.

ومع تحول الحدود اللبنانية إلى مسرح لحرب فعلية مصغرة، من خلال التصعيد الكبير بعدما تبادل الجيش الاسرائيلي و”حزب الله” قصفاً مكثفاً، فإن هذه الحرب (التي كانت مضبوطة) بدأت تخرج عن ضوابطها بفعل إصرار جيش الاحتلال على توسيع بنك أهدافه، ليشمل أهدافاً لم تطاولها الحرب منذ بدايتها، ما يدفع الحزب الى التعامل معها بالتصعيد نفسه مستهدفاً مراكز ومواقع وأبراجاً عسكرية في العمق الاسرائيلي حتى بلغت الجولان المحتل. فهل إن عناصر الحرب الشاملة بدأت تكتمل، لتصبح الحدود اللبنانية – الاسرائيلية مسرحاً لها؟

إقرأ الجزء الأول:

شارك المقال