هل تفضي الضغوط الدولية على اسرائيل الى هدنة في العيد؟

لبنان الكبير

مع مرور ستة أشهر على اندلاع الحرب في غزة التي تستمر في حصد الأرواح في القطاع المدمر والخاضع لحصار إسرائيلي مُطبق، أعربت دول غربية عن غضبها إزاء الزيادة الكبيرة في عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين الذي وصل الى 33207 وكذلك الأزمة الانسانية الناجمة عن الحملة الاسرائيلية الرامية الى القضاء على “حماس”، في حين تضغط كل من فرنسا والأردن ومصر من أجل وقف فوري لإطلاق النار بالتزامن مع الضغوط الأميركية لإحراز صفقة قد تفضي إلى هدنة ستة أسابيع في عيد الفطر كما يتوقع البعض.

وطرحت الدول الوسيطة وهي قطر ومصر والولايات المتحدة اقتراحاً على ثلاث مراحل، تنص الأولى على هدنة لمدة ستة أسابيع. وأفاد مصدر داخل “حماس” بأن مقترح الهدنة الذي تلقته من الوسطاء في القاهرة لا يستجيب لمطالبها، ويتضمن تبادلاً بين سجناء تعتقلهم إسرائيل ورهائن محتجزين في قطاع غزة حيث تحدث العائدون إلى خان يونس عن فقدان كل شيء وسط “الخراب”.

وقالت “حماس” في بيان اليوم الثلاثاء: “إذ نقدر الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء، ومع حرص الحركة على التوصل الى اتفاق يضع حداً للعدوان على شعبنا، إلا أن الموقف (الإسرائيلي) لا زال متعنتاً ولم يستجب لأيٍ من مطالب شعبنا ومقاومتنا. وعلى الرغم من ذلك فإن قيادة الحركة تدرس المقترح المقدم بكل مسؤولية وطنية، وستبلغ الوسطاء بردّها حال الانتهاء من ذلك”.

وبالاضافة إلى وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، ينص المقترح في البداية على إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني تعتقلهم إسرائيل، ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يومياً وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم، بحسب مصدر في “حماس”.

ومن دون الاعلان عن الالتزام بوقف إطلاق النار، سحبت إسرائيل الأحد قواتها من منطقة خان يونس في الجنوب حيث نفذت عمليات كثيفة في الأسابيع الأخيرة. كذلك قالت إنها سمحت بدخول 419 شاحنة مساعدات إلى القطاع الاثنين، وهو العدد الأعلى منذ اندلاع الحرب.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري لهيئة “بي بي سي” إنه أكثر “تفاؤلاً” مما كان عليه قبل أيام قليلة، لكن المفاوضات ما زالت بعيدة عن الوصول إلى خط النهاية.

وعلى الرغم من قول وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت إن التوقيت مناسب لإبرام هدنة، لم يُترجم ذلك إلى وقف القصف المدفعي والغارات الجوية على القطاع. وأعلن الجيش الاسرائيلي الثلاثاء في بيان أنه شن غارات في جميع أنحاء قطاع غزة الاثنين، و”دمر عدة مجمعات عسكرية”. وأشار الى أن قواته “تواصل عملياتها في وسط قطاع غزة”، متحدثاً عن معارك مع مقاتلين فلسطينيين.

وكتبت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” كاثرين راسل في اليوم الذي دخلت فيه الحرب الأحد شهرها السابع: “المنازل والمدارس والمستشفيات تحولت إلى أنقاض. المعلمون والأطباء والعاملون في المجال الإنساني قُتلوا. المجاعة وشيكة”.

في دير البلح في وسط القطاع، وصل إلى “مستشفى شهداء الأقصى” جرحى بينهم أطفال، بعضهم حملهم أهلهم، خلال ليل الاثنين إلى الثلاثاء.

ومباشرة بعد إعلان انسحاب القوات الاسرائيلية منها الأحد، عاد آلاف النازحين الفلسطينيين إلى خان يونس، على بعد بضعة كيلومترات إلى الشمال من رفح، بعضهم على ظهر عربات تجرها الحمير بينما البعض الآخر سيراً على الأقدام، لكن ما رأوه كان مشهداً مروِّعاً.

وقالت امرأة بين العائدين رفضت الكشف عن اسمها: “لا ماء ولا كهرباء، ولا أعمدة ولا جدران ولا أبواب، لم يبق شيء. غزة لم تعد غزة، إنها خراب”.

وأكدت صفاء قنديل التي عادت كذلك لتفقد ما تبقى لهم “لم يبق شيء من منزل العائلة. إنه أمر لا يوصف”.

وتحدثت إسرائيل عن انسحاب تكتيكي من خان يونس سيسمح للجنود بالتحضير “لمواصلة مهامهم في منطقة رفح”، في أقصى جنوب القطاع عند الحدود المغلقة مع مصر التي ارتفع عدد الموجودين فيها إلى نحو 1,5 مليون فلسطيني، غالبيتهم نازحون.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه حدد موعداً لم يكشف عنه للهجوم على رفح التي يقول إنها المعقل الأخير لحركة “حماس” في غزة. وجددت حليفته الوثقى واشنطن التعبير عن تحفظها على شن هجوم بري واسع النطاق على المدينة، لأن ذلك سيوقع أعداداً كبيرة من الضحايا المدنيين.

كذلك، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من “العواقب الخطيرة” لمثل هذا الهجوم، في مقال نشر في أربع صحف من بينها “لوموند”.

وكتبوا في المقال إن “الحرب في غزة والمعاناة الانسانية الكارثية التي تتسبب فيها يجب أن تنتهي الآن… على ضوء الخسائر البشرية التي لا تطاق، ندعو إلى التنفيذ الفوري وغير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2728″، مع الدعوة إلى إطلاق سراح “جميع الرهائن”.

من جانبها، فرضت تركيا التي يعد رئيسها رجب طيب أردوغان من أشد المؤيدين للقضية الفلسطينية، قيوداً اليوم الثلاثاء على صادراتها إلى إسرائيل التي اتهمتها بأنها “تنتهك الاتفاقيات التجارية” الموقعة معها.

شارك المقال