“حزب الله”… خراب الدولة 

محمد نمر
محمد نمر

يعيش “حزب الله” حالة نكران مستمرة. بعد 15 عاماً على حرب “تموز 2006″، لا يزال جمهور “هيهات منا الذلة” مقتنعاً، بتأثير الدعاية الديماغوجية لقيادته، أنه انتصر في حرب قتلت أكثر من ألف مدني لبناني وجرحت أكثر من 4 آلاف، فضلاً عن التدمير الممنهج لما فوق الأرض وتحتها، في المقابل سقوط عشرات القتلى والجرحى في إسرائيل.

صورة سوداء راسخة في أذهان اللبنانيين، تحفز هاجساً لديهم من تكرار حرب أعادتهم 20 سنة إلى الوراء، وكانت بداية الانهيار الذي نعيش فظائعه حالياً. بينما السيد حسن نصرالله، المنقطع على ما يبدو عن واقع جهنم الذي نعيشه، يعتبر أن “حرب تموز” أمّنت 15 عاماً من الاستقرار والأمان.

فعلا 15 عاماً من “لا الحرب” أمنت الاستقرار والأمان لإسرائيل، فبات اقتصادها قوياً وشعبها في رفاه ورخاء. أما “حزب الله” فتفرغ لتفتيت الدولة اللبنانية وإضعافها، وفرض القرارات السياسية كأمر واقع بعدما فاضت به القوة، حتى محا حدود الدولة ودخل على سوريا ليسحق ثورة مظلومين على نظامهم الظالم.

ومن كثرة انتصارات الحزب وصلنا إلى ما نحن عليه… ينتصر اللبناني إذا اصطاد ظرف “بنادول” أو حظي بـ 10 ليترات من البنزين أو بساعة كهرباء.

صار “حزب الله” فرع “الحرس الثوري” في لبنان بقيادة نصرالله وكيل ولي الفقيه. دخلنا في جهنم “الجمهورية الإسلامية اللبنانية” برئاسة جنرال “البؤس والتيئيس”.

15 عاماً وصار “حزب الله” يعتبر نفسه الدولة والقانون والقضاء. عناصره الذين يقبضون بدولار الشيطان الأكبر قدّيسون. أمواله نظيفة. سلاحه مقاوم حتى لو اعتدى فيه على أهل بلده، أو حتى على قوات “اليونيفيل”.

يقول نصرالله في خطابه إن ما حصل في شويا الجنوبية خطير، وإنه يجب التعامل مع المعتدين الذين أوقفوا عناصر الحزب وسرقوا راجمة الصورايخ وأغراض العناصر. هي حادثة شبيهة بشكلها مع حادثة أخرى قام بها عناصر الحزب في جنوب لبنان. ففي آب من العام 2018 اعتدت مجموعة مسلّحة على دورية لقوات “اليونيفيل” (قوات حفظ سلام)، أحرقوا إحدى آليات الدورية وكسروا الآليات الأخرى، واعتدوا على قائد الدورية والعناصر وسرقوا الأسلحة والمعدات. وأكد الجيش اللبناني في تقريره للأمم المتحدة أن “مجموعة منظّمة” قامت بهذا الاعتداء وحتى اليوم لا يزال الأمين العام للأمم المتحدة ينتظر توقيف المعتدين. المفارقة أن “حزب الله” من اعتدى على قوات “اليونيفيل” التي لا تهدد اللبنانيين بأي خطر بل باتت محضر أمان بالنسبة إلى المدنيين، وأي انسحاب لها من الجنوب يعني وقوع الحرب حكماً، ما يثبت أن القرار 1701 الذي نشر “اليونيفيل” صاحب الفضل في إبعاد شبح الحرب عن لبنان. فيما “حزب الله” كان في شويا مصدر خطر على المدنيين وسكّان حاصبيا.

“حزب الله” لا تعنيه تصرفات عناصره، فهو بات يعتبر نفسه الدولة، وأي عنصر يحمل بطاقة “حزب الله” يخضع لقانون الحزب ولا علاقة للدولة به، ومن يعتدي عليه يجب توقيفه لأنه “عميل” أو “داعشي”. عنصر الحزب يحق له أن يفعل ما يشاء، أن يرتدي الجعبة ويزنّر نفسه بالذخائر والقنابل ويحمل رشاشاً ويهدد عشائر عرب خلدة وينزع صورة شهيدهم ويستفزهم ويشتمهم، فيما لا يحق للعشائر أن يدافعوا عن أنفسهم وإلا باتوا “دواعش”.

أحداث خلدة وصّفها نصرالله بـ”مجزرة” بحق “حزب الله”، ومن اعتدى على عناصره هم عصابة يجب توقيفها. أما عناصر الحزب القديسون فيحق لهم أن يفعلوا ما يشاؤون. أحداث تجعلنا نسأل أين الموقوفين في أحداث “7 أيار” حينما وجّه “حزب الله” سلاحه نحو أهالي بيروت والجبل؟ لماذا لم يوقف الجيش العصابة التي ملأت شوارع بيروت إرهاباً… ولماذا لم يوقف الجيش مسلحي موكب شبلي المفخخ بالسلاح؟

لا يعرف “حزب الله” معنى كلمة دولة ولا حدود ولا شرعية ولا سيادة… ولن نعيش في دولة آمنة ومستقرة طالما “حزب الله” يسيطر على الـ 10452 كيلومتراً بقوة السلاح. فمنذ 15 عاماً لم تعد إسرائيل عدوة “حزب الله” بعدما ثبّت قواعد الاشتباك معها…

باتت الدولة هي العدو بالنسبة لـ”حزب الله”… واللبناني يدفع الثمن.

شارك المقال