سياسي مخضرم يروي قصة “الانهيار الشامل”

ليندا مشلب
ليندا مشلب

معيب جداً أن تُمارس الألاعيب نفسها وصولاً إلى نتيجة معروفة مسبقاً، مستفيدين من مثل دارج “منهددو بالحمى بيرضى بالسخونة” هكذا يلخص سياسي مخضرم ما يحصل.

ويستعيد السياسي المخضرم بدايات الأزمة ويقول ل”لبنان الكبير”: “البداية كانت مع ربطة الخبز منذ سنتين، أي ما قبل انتفاضة ١٧ تشرين عندما بدأ الحديث عن كباش بين تخفيض الوزن وزيادة السعر فوصلنا اليوم إلى الاثنين معاً. ثم دخلنا مرحلة الأعذار المتسلسلة حول تأثير سلسلة الرتب والرواتب على الوضع الاقتصادي والمالي علماً أن زيادة الرتب والرواتب (التي أتت بعد ٢٢ عاماً من الجمود فيها) رفعت الدخل القومي من ٤٠ ملياراً إلى ٥٠ مليار دولار، فطارت الرتب والرواتب وأصبح دخل الفرد لا يعادل قيمة اشتراك المولد”.

يضيف: “بعدها تباينت المصالح وتفككت التسويات، من الرئاسية إلى معراب مروراً بتحالفات ١٤ آذار بين المستقبل والاشتراكي والقوات، فاشتد الخلاف المناطقي واحتكر قرار الإدارة المدنية وارتفعت حدة الخطاب الطائفي واستعمل الكذب وسيلة لتطمين العقل الجمعي، ولا سيما سياسة التطمين على وضع الليرة وايجابيات الهندسات المالية الواهية مع الفوائد العالية. في هذا الوقت كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتخذ قراره بتشديد العقوبات على إيران وحلفائها ومن سخرية القدر أن يصاب لبنان كما سوريا بمقتل هذه العقوبات وليس الحلفاء (قيصر- ماغنتسكي-أوفاك) متبوعة بتصاريح متسلسلة ومتزامنة للمسؤولين الاميركيين شنكر وهيل حول شروط أميركا لرفع أو تخفيف الحصار. والشرط الأساسي هو إلغاء أو إضعاف حزب الله بشتى الطرق ولو كانت على حساب الأهالي، ثم جاءت ١٧ تشرين القشة التي قصمت ظهر البعير فداب التلج وبان المرج”.

يضيف: “فما كان مواربة أصبح علنياً والكل بدأ يدرك أن المعركة طويلة وقاسية وسيستعمل بها كل أنواع المحرمات. انقسم البلد عمودياً، فمنهم من وجدها فرصة للفدرلة أو التقسيم وذلك بعودته إلى العقل الباطني الرائج في الثمانينات، ومنهم من اتبع الصبر الاستراتيجي عبر تحفيز القطاع الإنتاجي وتحصين البيئة الحاضنة والتلويح بخطط بديلة جاهزة للصمود رهانا على أفول عهد ترامب وعودة أميركا إلى الاتفاق النووي”.

يتابع: “في هذا الوقت كانت مندرجات الصراع تتوسع كل بحسب أدواته، انهيار سعر الصرف (تطبيقات مجهولة المصدر وممولة بشكل واضح) تجميد الأموال، انكماش الاستيراد ورواج سياسة الاحتكار (وهي اسوأ أنواع الحروب التي تقوم على التجويع والافقار) دخلوا على كل القطاعات الحيوية والحياتية بنية تفجير البيئات من داخلها تزامنا مع افتعال تصدعات بين الأحزاب والقوى السياسية تحت شعار شد العصب الطائفي. أما المحاولات السياسية الداخلية للحل فكانت تصطدم بإرادات دولية وإقليمية كبرى تمنع تحقيق أي تقدم على مسار الحراك الداخلي الساعي لمنع الارتطام الكبير على الرغم من المسعى الفرنسي. ولما لم تصل كل هذه السياسات إلى أهدافها انتقلوا إلى الخطة B عبر أولاً: خطة إعلامية موجهة واضحة تنطلق من تحميل مسؤولية كل ما يحصل للبنانيين إلى المقاومة؛ ثانياً: استثمار انفجار المرفأ استكمالاً لتصريحات نتنياهو حول تخزين الحزب صواريخ حول المطار واستخدامه المرافق اللبنانية؛ ثالثاً: حرب قطع الطرقات؛ رابعاً: الفتن المتنقلة… والطامة الكبرى إظهار صورة تمرد البيئة على المقاومة ومحاولة ضرب العلاقة التكاملية بين حزب الله والمقاومة وليس بعيداً محاولة كسر قواعد الاشتباك من قبل إسرائيل مستفيدة من تداعيات الوضع الراهن عبر قصف جوي بعمق ٤٠ كلم داخل الأراضي اللبنانية…. كل هذا لم يحقق الهدف حتى الساعة فماذا بعد؟”.

ويرى السياسي المخضرم أننا أمام ثلاثة احتمالات:

“أما وعي داخلي يخفف من الأوامر الخارجية على مستوى المسؤولين يبدأ بقرار داخلي بتشكيل حكومة وهذا مستبعد كلياً.

وعي خارجي لخطورة الانهيار الشامل وانعكاسه على توازن القوى الحالي، ما يسمح بولادة حكومة الضرورة تعطي الفرصة للتسوية الإقليمية الدولية، فتأتي الانتخابات النيابية انعكاساً لمضمون التسوية، وهذا احتمال وارد في النقاش الداخلي.

3- وهو الأخطر والأصعب، الحرب الشاملة وهذا مرتبط بتطورات الملف الإقليمي والدولي”.

شارك المقال