اللبناني ومومو

الراجح
الراجح

“فبعد أن صار العميل والخائن والجاسوس واللّص والمهرِّب والمزوِّر واللّوطي والقوّاد والعاهرة وسماسرة الأغذية الفاسدة والمخلّفات الكيمياويّة وتجارة الأعضاء البشريّة والجغرافيّة والتاريخيّة والقوميّة لا يتحدّثون إلاّ عن الوطن وهموم المواطن والمقاومة والاحتلال وعار الاحتلال، فعن ماذا نتحدث نحن؟ … “عن جنون البقر”؟

هذا ما قاله يوماً محمد الماغوط، وهذا ما يأخذنا اليوم إلى قصة “مومو” القصيرة لتورغينيف، إلاّ أنها طويلة لتروى في مقالة؛ فأرى من الضروري اختصارها وتقديمها لتشابهها مع واقع الكثيرين.

“يعمل بطل القصة جيراسيم حارساً عند سيِّدة ثريّة جدّاً؛ وهو أصم، أبكم، ضخم الجثة، طيِّب القلب. وقع في حب إحدى الخادمات في منزل السيّدة العجوز الثريّة، إلّا أنّها أمرت بزواج الخادمة من إسكافي الحي السّكير، والذي يعمل لديها أيضاً. حزن جيراسيم كثيراً، وذات يوم، وهو يتمشّى قرب النهر، رأى كلبة تغرق لعدم قدرتها على مقاومة التيّار المائي. فقفز وأنقذها وكرّس لها حياته تعويضاً عن حرمانه من الخادمة. إلا أن نباح الكلبة في اللّيل جعل ربّة المنزل تأمره بقتلها. أخذ الكلبة إلى النهر وربط عنقها بحجر ورماها في المكان الذي أنقذها فيه… بدل أن يتمرّد على أمر سيدته. لكنه لم يعد إلى عمله بل أكمل طريقه إلى قريته التي تبعد بضعة أيّام عن قصر السيّدة”.

أراد تورغينيف القول إنّ الشّعب الأبكم والأصم يتجاهل قهر السّلطة ويتجاهل كل ما قاله الماغوط، لكنّه يبحث عن حريته الداخليّة في أي مكان!

شارك المقال