اسرائيل تستغل الطقس الحار للتمادي في إحراق الأحراج

فاطمة البسام

على وقع الاستهدافات الاسرائيلية اليومية لمناطق محاذية للحدود في جنوب لبنان منذ قرابة 7 أشهر، اندلعت النيران في أحراج اللبونة منذ ليل أول من أمس بسبب القصف المعادي بالقذائف.

وكان الجيش الاسرائيلي أكد منذ بداية الاشتباكات مع “حزب الله”، أنه مستعد لحرق المنطقة الحرجية الموازية للحدود كي يمنع عناصر الحزب من التستر خصوصاً في البقع المطلّة على مستوطناته، إذ قام بإطلاق مئات القنابل الفوسفورية الحارقة، بالاضافة إلى إسقاط خراطيم تحتوى على مواد مشتعلة عثر عليها الجيش اللبناني قبل أن ينفذ مآربه.

وفي كلّ عام مع إقتراب موسم الصيف والحرّ، تلتهم ألسنة النيران جزءاً كبيراً من الغطاء الأخضر لاسيما الواقع في المنطقة الحدودية لأسباب مجهولة، يرجح البعض أنها مفتعلة إستغلالاً لحالة الطقس التي تدحض الشكوك. إلاّ أن صيف هذه السنة مشتعل من دون حرائق، فهل سيستغل الاسرائيلي حالة الطقس لصالحه، ليكمل ما بدأ به منذ أشهر؟

مصدر من وزارة الزراعة يشير لموقع “لبنان الكبير”، إلى أن الجيش الاسرائيلي افتعل منذ بداية الاعتداءات عشرات الحرائق على طول الخط الحدودي، وبتاريخ 26 تشرين الأول 2023 افتعل 96 حريقاً في يوم واحد فقط من منطقة الناقورة وصولاً إلى مزارع شبعا، قضت على ألف دونم.

ويقدر عدد الحرائق الاجمالي تقريباً بـ 737 حريقاً، واستهداف 55 بلدة بالفوسفور الأبيض المحرّم دولياً، كان النصيب الأكبر منها لبلدات اللبونة، علما الشعب، وكفرشوبا.

ويحسب المصدر، تضم هذه الأحراج أشجاراً معمّرة من الزيتون، والملول، والصنوبر والسنديان، قضي عليها بلمح البصر. ويلفت الى صعوبة وصول رجال الاطفاء إلى بعض الأماكن المصنفة بـ “منطقة خطر”، لإخماد الحرائق قبل امتدادها.

وكانت الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الخارجية تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن، حول الأضرار الناجمة عن استخدام الفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وفق المصدر، إلاّ أن الدعوى مثل سائر الدعاوى التي قدّمت منذ وقوع مجزرة قانا، ستكون بلا جدوى.

ويؤكد مدير منطقة جبل عامل الأولى للدفاع المدني في الهيئة الصحية، عبد الله نورالدين، لموقع “لبنان الكبير”، أن “الجيش الاسرائيلي تعمّد بالأمس إستغلال حالة الطقس، واشتداد الرياح الحارة، لإلقاء القنابل المضيئة القابلة للإشتعال، وهذا ما جعل المهمة أصعب بأضعاف لناحية السيطرة على النيران وسرعة إنتشارها”.

ويضيف نور الدين: “بالاضافة إلى الصعوبات التي يزيدها الطقس، هناك صعوبات أخرى تواجه رجال الإطفاء، مثل الخوف من إستهدافهم كونهم يعملون على مقربة من الحدود. فجنود الاحتلال تعمدوا إطلاق النار في الهواء أثناء قيام العناصر بإخماد النيران. ومن جهة أخرى، المنطقة التي تحصل فيها الحرائق مليئة بالقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة، وفي أكثر الأحيان لا يمكننا السيطرة على النيران لهذا السبب”.

ويشدد على أن فرق الإطفاء في جهوزية تامة خصوصاً مع بدء موسم الحرائق.

أما رئيس بلدية الناقورة عبّاس عواضة فيقول: “إنّ حرج اللبونة الأجمل في المنطقة بات قاحلاً اليوم. يفترش الحرج الممتدّ بين الناقورة وعلما الشعب آلاف الدونمات، ويعتبر موئلاً للعديد من الحيوانات البرّيّة. وقد شكّل على الدوام رئة بيئيّة وصحيّة للناقورة”.

هذا الحرج تحوّل بحسب عواضة إلى أرضِ قاحلة، إذ إنّ جزءاً كبيراً منه تمّ حرقه بالفوسفور الأبيض والقنابل الحارقة التي أتت على جميع أشجار السنديان والحور في داخله.

ويشير في حديث صحافي إلى “أننا خسرنا بقعة خضراء كنا نتغنى بها، وكانت تضفي لوحة جماليّة مميزة على المنطقة. لم يترك العدو شجرة في داخل الحرج إلا وأحرقها بقصفه اليومي والمتكرّر”، لافتاً إلى “تداعيات خطيرة على المناخ والبيئة باتت تهدّد المنطقة بسبب خسران أحراج المنطقة والجوار”.

واتهمت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الانسان، الجيش الاسرائيلي بإطلاق قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض في عمليات عسكرية على طول الحدود الجنوبية للبنان في الفترة من العاشر إلى 16 تشرين الأول.

وقالت نائبة مديرة المكتب الاقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية في بيان: “استخدام الجيش الاسرائيلي للفوسفور الأبيض بشكل لا يميز بين المدنيين والعسكريين هو فعل مروع وينتهك القانون الدولي الإنساني”.

ونظراً الى أن الفوسفور الأبيض له استخدامات مسموح بها قانوناً فهو غير محظور كسلاح كيميائي بموجب الاتفاقات الدولية لكنه يمكن أن يسبب حروقاً خطيرة ويشعل الحرائق. ويعتبر سلاحاً حارقاً بموجب البروتوكول الثالث لاتفاقية حظر استخدام أسلحة تقليدية معينة، الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف العسكرية الواقعة بين المدنيين، لكن إسرائيل لم توقع عليه وغير ملزمة به.

شارك المقال