“حدود الهضامة” في “حل الدولتين” اللبناني

رواند بو ضرغم

لا يزال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ماضياً في استفزاز شريحة كبرى من المسلمين، إذ توجه الى الرئيس نبيه بري قائلاً عنه إنه “شيخ المهضومين” في البلد، على الرغم من أن الرئيس بري بحرصه الوطني المعهود ومن موقعه كصمام أمان للسلم الأهلي كان قد رفض التعليق على لقاء معراب واكتفى بالقول: “ما عم اتدخل بهالأمور”.

يحاول جعجع تغطية فشل لقاء معراب بالمساجلات السياسية والتعمية على مقاطعة صقور المعارضة للقاء ورفضهم تطويبه قائداً لهم بترؤسه اللقاء وباختياره المكان.

فالمقاطعة السنية الشيعية الدرزية الكاملة لأكبر حزب مسيحي وللقاء أراده وطنياً، فجاء استنساخاً لمواقفه السابقة، جاءت حصيلة نهج من تقليب الجو المسيحي العام على المسلمين، حيناً بـ”ما بيشبهونا”، وأحياناً بالفديرالية والانفصال و”بحل الدولتين داخل لبنان”، وأحياناً أخرى بالتلويح بتغيير الصيغة… فوفق أي منطق ينتظر جعجع من الرئيس فؤاد السنيورة والحزب “الاشتراكي” وتكتل “الاعتدال” السني ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل أن يحضروا ويشاركوا في ترسيخ التباعد بين اللبنانيين؟

والمؤسف أن جعجع لم يعتبر من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا اللتين تعملان على استخدام أسلوب الديبلوماسية والتفاوض والانفتاح على محور المقاومة لتطبيق القرار الأممي ١٧٠١، وليس من خلال التصعيد والتحدي ولا باستخدام الخطاب السياسي عالي السقف كما يفعل هو.

ولكي لا يُظلم جعجع فقط دون غيره، فان حركتي ٨ و١٤ آذار تتحملان مسؤولية التباعد المسيحي الاسلامي، إذ إن ٨ آذار جعلت من رئيس “التيار الوطني الحر” آنذاك ميشال عون قائداً على أطرافها وسلمته السلطة وأمعن في محاولة إلغاء خصومه وبعض من حلفائه وغذّى خطاب التقسيم باستخدام “حقوق المسيحيين” حيناً وباللامركزية الادارية المالية الموسعة أحياناً، والتي تعدّ شكلاً من الفدرلة. أما ١٤ آذار فضخّمت دور جعجع على حساب باقي أطرافها وعاش القيادة، فأشعل فتيل ٧ أيار وجلس متفرجاً.

يزايد جعجع اليوم على الرئيس بري بالقرار ١٧٠١، متناسياً أنه هو من فاوض عام ٢٠٠٦ واستبسل في ديبلوماسيته لحفظ المصلحة الوطنية، وهو من خطّ القرار ١٧٠١ بكامل مندرجاته، الا أن رئيس المجلس يبقى قبلة الموفدين الدوليين، ومستمر في التفاوض معهم منطلقاً من عنوانين أساسيين: احترام القرار ١٧٠١ من الطرفين بكامل مندرجاته، وعندما تقف الحرب على غزة تقف جبهة الجنوب. كيف لا والموفد الأميركي آموس هوكشتاين هو من تحدث عن ربط جبهة الجنوب بغزة في زيارته الأخيرة والجانب اللبناني أكد عليها؟ يومذاك كان هوكشتاين يعتقد أن الهدنة المؤقتة باتت ناجزة، ويومها حساب البيدر الأميركي لم يتطابق مع حساب الحقل الاسرائيلي.

شارك المقال