عضّ رجل دستوراً

الدوري
الدوري

عض كلب رجلاً. إيه خبر عادي يمر من دون توقف كثيرين عنده ما دام الفعل والفاعل متطابقين والمفعول به طبيعياً.

عض رجل كلباً. إيه هذا خبر حقيقي وجديد يجذب الانتباه، لأن الفاعل والمفعول به تبادلا الأدوار، أما الفعل فذاته.

خرق عون الدستور. الخبر عادي جداً، لا بل صار مملاً من كثرة ترداده، ولتطابق الفعل مع الفاعل إلى حد الاندماج.

كأن المقصود والمأمول أن يتحول هذا الفعل إلى روتين فلا يحدث أي ردة فعل، لا بل تصبح ردة الفعل هي محل استغراب.

حرق. قصف. دمر. خرق… أفعال تنسجم مع شخصية الجنرال الذي خسر معظم معاركه، وحين لم يخسر لم يربح. لكن مجموعة أخطاء من خصومه وحسابات أنانية من خصوم خصومه، أوصلته إلى القيادة فالرئاسة، من دون شخصية كاريزمية كلاماً وسلوكاً.

يحفظ التاريخ مكاناً خاصاً لشخصيات بليدة تخدمها ظروف وتضعها في المقدمة. شخصيات تًعرف بسلبيتها، أي بما حالت دون فعله لا بما فعلت وأنجزت.

شخصية “هربت” ولم تواجه. “هجرت” رجالها عند أول فرصة. وبسرعة أصبح العدو، المدجج بالسلاح الخطر على الداخل اللبناني حليفاً استراتيجيا مقدساً، أمّن له الوصول إلى الكرسي بعدما أمن هو غطاءً للسلاح ولمغامرات كلفت الوطن الكثير من دم ومال.

وعد بالتغيير والإصلاح فأبدع باليأس والخراب. أقسم اليمين على حفظ الدستور فانتهكه كل يوم.

ثم تسمع من يقول مستهجناً: عون خرق الدستور. هذه طبيعته وإن لم يفعل ذلك فإنه لا يعود هو نفسه. المهم أنه متصالح مع ذاته، مرتاح لحروبه الدائمة، وغير مبالٍ يما يقوله الآخرون وبما يعانونه بعدما أوصلتهم حروبه إلى جهنم.

ثمة قائد واحد في أي ميدان. والجمهورية لا تتسع لغير رئيس واحد، يتولى كل السلطات. يكفيه مستشارون خبراء بالقانون من زاوية الاحتيال عليه، وضليعون بالدستور من زاوية العبث بالمواد لتثبيت السالب على الموجب.

بالأمس سمعنا من يصرخ: خرق عون الدستور، عندما عقد اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع بغياب رئيس الحكومة وهو نائب رئيس هذا المجلس والمكلف السهر على تنفيذ مقرراته.

أين الخبر هنا؟ أين الجديد؟  لقد خرق وخرق وخرق… وسيبقى يخرق ما دامت شهوة السلطة تشغله من أي مسؤولية ومنطق.

أما الخبر الطبيعي الذي لن نسمعه يوما فهو:  رعى عون الدستور.

شارك المقال