قمة جمع الأضداد في بغداد… هل يشارك الأسد؟

علي البغدادي

لن يخرج مؤتمر جوار العراق الإقليمي المقرر عقده ببغداد في 28 آب الجاري بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إطار تفاهم إيراني – أميركي تم بواسطة حكومة مصطفى الكاظمي لسحب فتيل التوترات في منطقة الشرق الأوسط والاستعداد الجيد للانتخابات.

ومع أن متابعين كثراً يرون في المؤتمر استعراضاً سياسياً وهروباً إلى الأمام من قبل حكومة الكاظمي في ظل الأزمات التي يعانيها البلد في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية، إلا انه قد يجسد القبول الإقليمي والدولي بالكاظمي وأدائه السياسي وقدراته على جمع الأضداد في بغداد.

ويركز المؤتمر، في حال إقامته، على التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها دول المنطقة ونجاح مساعي العراق في فرض قدرته على أداء دور إقليمي يساهم من خلاله في استقرار المنطقة وينعكس عليه بشكل إيجابي في ظل المشاكل والاحتقان الإقليمي والاشتباكات السياسية وتصاعد التوتر في مناطق ساخنة في المنطقة.

ومن المقرر أن يعقد المؤتمر في الأيام العشرة الأخيرة من هذا الشهر على مستوى القمة، ولا يقتصر على الدول المجاورة للعراق، عربية كانت أم إسلامية، بل تمتد الدعوات إلى دول أخرى في الجوار الإقليمي للعراق، اذ يواصل مبعوثو رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إيصال الدعوات إلى دول المنطقة لحضور المؤتمر المذكور، فسُلمت دعوات لحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي وآخرين بينهم رئيس النظام السوري بشار الأسد، فيما أعلن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون حضوره للمؤتمر الذي يعد الأول من نوعه بعد عام 2003 على هذا المستوى الرفيع.

وقد يحمل المؤتمر رسائل غير معلنة تأتي تتويجاً للحوار الإيراني – السعودي الذي استضافته بغداد لأكثر من مرة وجمع مسؤولين كباراً من البلدين على طاولة حوار في مؤتمر قد يتمخض عنه تشكيل أو وضع لبنات لتشكيل إقليمي جديد.

ويبدو أن الغزل القطري للسعودية وبرودة العلاقة بين الإمارات والسعودية، كما تظن دوائر صنع القرار في إيران وقطر، سيجعلان هذين البلدين يعملان بجد على سحب السعودية إلى ساحتهما المشتركة ألا وهي العراق كونه المكان الأفضل لإدارة هذة القضية، أي أن العراق سيكون أيضاً ملعباً وليس لاعباً رئيسياً في هذا المجال.

ومن الواضح أن ظروف المنطقة والعراق والإجراءات الصحية بسبب جائحة كورونا قد لا يسمحان بحضور أغلب أو بعض المدعوين كالملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس أردوغان والرئيس رئيسي وأمير قطر، خاصة أن حكومة العراق مقيدة ومن الوارد أن تتنصل الحكومة الجديدة التي ستفرزها الانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الأول المقبل من أي التزامات قد تقدمها حكومة الكاظمي.

ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن “اتصالات عراقية جرت مع الولايات المتحدة وإيران من أجل عقد المؤتمر للخروج من حالة التوتر التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط”.

المصادر اوضحت أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يدرك صعوبة مشاركة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مع أنه يحاول ضمان حضوره، وهو يعوّل على تمثيل سعودي رفيع المستوى خاصة أن الاتصالات تجري في مسار آخر على حضور ولي العهد السعودي إلى قمة بغداد خاصة أن الكاظمي يرتبط بعلاقات جيدة مع الامير محمد بن سلمان”.

وأشارت المصادر إلى أن “الأمير محمد بن سلمان كان مقرراً أن يزور بغداد منذ فترة طويلة لكن ظروف فيروس كورونا والاحتجاجات الشعبية عطلتها، وتأمل أوساط الحكومة أن يكون عقد القمة الإقليمية فرصة لحضور ولي العهد السعودي”، لافتة إلى أن “بغداد ترى أن حضور ولي العهد السعودي والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ولقاءهما، حتى وإن كان بروتوكولياً، سيكون حدثاً استثنائياً بعد سنوات من القطيعة والمشاكل، ما سيساهم في تخفيف التوترات في المنطقة. وقد يكون تتويجاً للحوارات السعودية – الإيرانية والتي بدأت في العراق قبل أشهر”. وفي حال نجاح الكاظمي بجمع قيادتي السعودية وإيران، فإن ذلك سيمثل نجاحاً يحسب له ويعود بالفائدة على سمعته السياسية ومستقبله في إمكان التجديد له لولاية رئاسية ثانية.

وحسب المصادر، فإن “الرئيس السوري بشار الأسد على قائمة المدعويين إلى بغداد، إلا أنه من غير المتوقع حضوره خاصة أن هناك أطرافاً دولية لن تكون سعيدة بمشاركته، كما أن بغداد لا تظهر حماسة كبيرة لحضور الأسد لتجنب إزعاج الغرب وبعض الدول العربية”، لكن في حال قرر الأسد الحضور، فإن ذلك يمثل حدثاً كبيراً وثغرة في جدار مقاطعة النظام السوري بعد اكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية واستخدامه العنف في قمعها، ودخول سوريا في أتون حرب داخلية وتدخلات خارجية.

وفي كل الأحوال، فإن الدول المدعوة سيكون لها تمثيل في قمة بغداد، لكن طبيعة الشخصيات المشاركة ستكون مختلفة وفقاً لقرارات تلك الدول ورؤيتها لما سيتم مناقشته.

ومن الواضح أن قمة بغداد لن تحقق في مخرجاتها أهدافاً عراقية خالصة، لكنها ستمثل نجاحاً يندرج في إطار سياسة دعائية لحكومة تعيش آخر أشهرها تظهر رئيساً عازماً على تسجيل أكثر من هدف في مرمى منافسيه وتسجيل اسمه كأول رئيس حكومة عراقية بعد 2003 يجمع الأضداد في بغداد.

شارك المقال