معركة رفح… الضغط المفقود

زاهر أبو حمدة

تعثرت المفاوضات بسبب إصرار الاحتلال على مواصلة العدوان، لكنها لم تتوقف. ولذلك، هل اجتياح محافظة رفح للضغط السياسي في المباحثات أم لتحقيق انجاز عسكري؟ باختصار شديد: النصر غير موجود في رفح، والضغط الميداني لكسب “استسلام سياسي” مفقود.

شرع الاحتلال في اجتياحه، بعد تهجير القرى والبلدات الشرقية لرفح وتنفيذ قصفه المتواصل بسلاحي الجو والمدفعية. وعلى الرغم من الأحزمة النارية المتواصلة لم يتقدم جيش الاحتلال برياً، وإذا أراد التقدم فسيكون على شكل استهداف مربعات وأحياء معينة ولن يكون هجوماً شاملاً. وهنا تُطرح أهداف هذه العملية الجديدة في الميزان العسكري والسياسي. يريد بنيامين نتنياهو الضغط أكثر على المقاومة الفلسطينية، وكذلك على الوسيط المصري باعتبار أن الحدود الفلسطينية المصرية ستكون في مرمى النيران الاسرائيلية. وإذا كان الاحتلال يريد السيطرة على معبر رفح، فستعبّر القيادة المصرية عن رفضها. ويرجح أن تشكيل “اتحاد قبائل سيناء” برئاسة إبراهيم العرجاني يأتي في هذا السياق، ليكون موقف القبائل موحداً مما ينتظر رفح المصرية أو إذا كان هناك سيناريو تهجير للفلسطينيين إلى سيناء.

أما بالنسبة الى البحث الاسرائيلي عن نصر مفقود في غزة، فيقول بن كاسبت في صحيفة “معاريف” الاسرائيلية، إن “لا صورة انتصار تنتظرنا في رفح”، ويضيف: “سبعة أشهر من الحرب، ومئات الجنود القتلى، والانجازات تتلاشى، لأن صانع القرار مشلول من الرعب وغير قادر على اتخاذ قرار واحد مهم. حتى في المدينة الفلسطينية غير المركزية أي رفح، لا ينتظرنا فيها أي نصر مطلق”. ويقول رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق إيهود أولمرت، إن “رفح ليست هدفاً مهماً سيحدد في نهاية المطاف نتيجة المواجهة بين إسرائيل وحماس. لكن الشروع الآن في مناورة ستستمر لأشهر، وستتضمن الكثير من الضحايا بين جنودنا وقتل الآلاف من الفلسطينيين غير المتورطين، سوف يسحق ما تبقى من مكانة إسرائيل في المجتمع الدولي، ويشعل التظاهرات في كل حرم جامعي في أميركا وحول العالم، ويُصدر أوامر اعتقال ضد القادة والمقاتلين الاسرائيليين، والأهم من ذلك، يعرض المختطفين للخطر”. وبالتالي، اجتياح رفح سيكون مضراً بالاحتلال أكثر منه له فائدة، وستقتصر الفائدة على الضغط السياسي وهذا سيفشل أيضاً.

ويقول مصدر في المقاومة الفلسطينية: “إن الطرف الفلسطيني لا يمكن أن يتنازل عن المبادئ الخمسة في المفاوضات بعد كل هذه التضحيات من عدد شهداء ومفقودين وجرحى ونازحين والدمار الهائل في القطاع”. والمبادئ الخمسة هي: وقف العدوان تماماً، الانسحاب الاسرائيلي الكامل من القطاع، عودة النازحين إلى الشمال، رفع الحصار وبدء الاعمار ودخول المساعدات، وعقد صفقة تبادل للأسرى. ويشير المصدر إلى أن “الوقت لصالح المقاومة، لأن الضغط الدولي سيزداد على الاحتلال، وربما تنفجر حكومة نتنياهو من الداخل. أما الأهم فهو الجبهات المساندة في الاقليم والتي يرجح رفع وتيرة عملياتها وهذا ما سيشكل الضغط الأكبر على الاحتلال”.

وأمام هذا المشهد الميداني، والسباق بين المعركة العسكرية والمعركة التفاوضية السياسية، يبقى العامل الأميركي هو الأهم. فإدارة جو بايدن بإمكانها الضغط أكثر لوقف أي مجازر محتملة في رفح وهذا حاجة أميركية أيضاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية واتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأميركية. وهنا، يمكن للدور الأميركي أن يكون وسيطاً ضاغطاً وليس طرفاً منحازاً الى الاحتلال وهذا أصعب ما في الأمر.

شارك المقال