لبنانيّون وسوريّون عالقون في قبرص… والأهالي يرفعون الصوت!

إسراء ديب
إسراء ديب

يفرّ الآلاف من اللبنانيين والسوريين سنوياً عبر البحر بطريقة غير شرعيّة بغية تجنّب مساوئ الحرب والويلات الاقتصادية داخلياً، فيُواجهون مسيرة شاقّة في عرض البحر من جهة، وفي السواحل القبرصية من جهة ثانية، لذلك يقبع ما يُقارب 200 لبناني في سجون قبرص منهم 18 شخصاً من ببنين العكارية، ينتظرون تسويات أو توجّه الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي لإعادتهم من جديد إلى لبنان عقب مفاوضات ضرورية تُنهي هذا الملف المستمرّ منذ أشهر.

ومع رفض السلطات القبرصية إدخال المهاجرين إلى أراضيها، ونظراً الى رصد وضغط “حقوقي” مستمرّ لكيفية تعامل القبرصيين مع هذه الأزمة الخطيرة، تستمرّ المفاوضات الحكومية لإعادة اللبنانيين إلى أراضيهم، فيما ترفض السلطات المحلّية إعادة السوريين إليها، الأمر الذي يضع اللاجئين بين نار البقاء في السجون القبرصية أو العودة الحتمية إلى سوريا.

ومنذ أيّام، عُقد لقاء موسّع في بلدة ببنين، حضره عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب وليد البعريني ومختارو البلدة الذين شدّدوا على ضرورة استعادة أبنائهم العالقين في قبرص بسلام، فيما أشار البعريني إلى تواصله مع الرئيس ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي، بحيث أرسل لهما لائحة مطوّلة بالأسماء لتتمّ المباشرة باستعادة العالقين، مطمئناً الأهالي، نقلاً عن ميقاتي، الى أنّ أولادهم سيعودون إلى لبنان، ومؤكّداً متابعته الموضوع شخصياً.

وفي مستجدّات الملف، لا ينفي المحامي عاصم البعريني وجود عالقين لبنانيين في قبرص، مع إشارته إلى أنّ شباناً آخرين تمكّنوا من العودة إلى لبنان خلال الفترات الماضية، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “من المتوقّع عودة الشبان إلى أهاليهم الأسبوع القادم، أيّ في آخر الأسبوع الحاليّ أو في بداية الأسبوع المقبل إلى لبنان، وذلك بمتابعة من البعريني الذي لجأ إليه الأهالي كنائب عن الأمّة لتكليفه متابعة هذه القضية، ومن الحكومة بالتأكيد، بحيث سيُتابع ميقاتي هذا الملف بصفته الرسمية. ونتمنى حدوث المزيد من التفاعل الرسميّ مع الملف لإنقاذ المواطنين”.

ويُذكّر البعريني بأنّ لائحة بأسماء 18 شخصاً عالقين في قبرص، من ببنين، كانت أرسلت إلى ميقاتي، وهم من العائلات التالية: آل طالب (4 أشخاص)، آل أويظة (3)، الرشيْدي (3)، الحاج (1)، البستاني (1)، عبد اللطيف (1)، مشمشاني (1)، المصطفى (1)، عوّاد (1)، جوهر (1) وبركات (1).

في الواقع، تتفاقم أزمة الهجرة غير الشرعية عاماً بعد عام، مع تفاقم الأرقام التي لا تُمثّل هجرة اللبنانيين من البلاد، بقدر ما تُمثّل هجرة اللاجئين السوريين عبر البحر، وفي وقتٍ تلفت فيه مصادر حقوقية إلى أنّ وجود لبنانيين أو سوريين عالقين في قبرص لم يكن ناتجاً عن رحلة واحدة فقط، ولم يكن آخرها تلك التي دفعت 8 مراكب إلى مغادرة لبنان، وبقاء 5 منها في المياه القبرصية وعودة ثلاثة منها تدريجياً إلى الشواطئ اللبنانية، إلا أنّ المواطنين أو اللاجئين الذين وقعوا ضحية مهرّب لبنانيّ ووسيط سوريّ، يُريدون العودة سريعاً إلى لبنان، خصوصاً وأنّ الكثير منهم لا يزال عالقاً منذ أكثر من سنة في بلدٍ غريب عنه، وعانى أقسى معاملة عند نقله، بحيث تُؤكّد المصادر أنّ خفر السواحل يُفضّل تركهم في المياه، في وقتٍ يُمكن أن تُواجه فيه بعض القوارب، أعطالاً تقنية تحول دون وصولها أساساً إلى السواحل القبرصية.

ولا يُخفي أحد المحامين المتابعين لهذا الملف، أنّ الجزيرة باتت أكثر صرامة وعنفاً في تعاملها مع قضية الهجرة، بحيث تعمد حالياً الى محاسبة القبطان، المشاركين وكذلك الركاب وقد تحاكمهم بالحبس لمدّة تتجاوز السنتين، وربما تتركهم أيضاً في المياه ليعودوا إلى بلادهم، وهذه خطوة صعبة وغير مسبوقة، لكن السوريين غالباً ما يكونون أكثر ضحاياها، مع العلم أنّها كانت تسمح مسبقاً بدخولهم إليها، لكن ارتفاع نسبة الهجرة بهذه الطريقة دفع السلطات القبرصية إلى اتخاذ قرارات حاسمة لم تتخذها الدّولة اللبنانية.

وحاول “لبنان الكبير” التواصل مع مصدر ديبلوماسيّ للبحث في تفاصيل مستجدّات المفاوضات، لكنّه يُؤكّد أنّ الاتفاقيات مستمرّة لإعادة اللبنانيين، أمّا السوريون فمصيرهم مجهول حتّى اللحظة، بحيث لا تُريد قبرص استقبالهم وترفض استقبال أيّة جنسية أخرى، فيما يلفت إلى تكتم رسميّ واضح على هذا الملف، معتبراً أنّ الانتظار بات ضرورياً لرصد ما يُمكن أن يحدث في ملف يتأرجح بين همّين أوّله اقتصاديّ وآخره إنسانيّ.

وتُؤكّد سيّدة من ببنين، أنّ زوجها الذي خرج عبر قارب، يقبع في السجون القبرصية منذ 13 شهراً وهي لا تعرف أخباره ومستجدّات قضيته حتّى اللحظة. أمّا فاطمة (من سوريا، تلكلخ) التي غادرت لبنان بطريقة غير شرعية منذ العام 2012 إلى ألمانيا، ففشلت في نقل ابنها عمر إليها، إذْ يقبع هذا الشاب العشرينيّ في السجون القبرصية منذ أشهر، مؤكّدة لـ “لبنان الكبير” أنّها دفعت أكثر من 20 ألف دولار لإخراجه من السجن وإيصاله إليها، لكنّها عجزت عن ذلك.

شارك المقال