لكل رؤيته وحتى معلوماته أو لنقل تحليلاته في حرب غزة والمحاور المساندة خصوصاً “حزب الله” في جنوب لبنان.
هذه الحرب التي بدأت في ٧ أكتوبر من العام ٢٠٢٣ لا نعرف متى تنتهي، وكيف ستكون هذه النهاية المجهولة التاريخ عند كل أطرافها إن كان في الميدان أو لدى القوى التي تقدم الحل تلو الآخر. من هنا يرى الصحافي علي حمادة أن الطرح الأخير للرئيس الأميركي جو بايدن جدي ومستند الى المقترحات التي تدعو الى ستة أسابيع هدنة مقابل اطلاق الرهائن الاسرائيليين ومجموعة من الأسرى الفلسطينيين، وسيعمل الأميركي والاسرائيلي على تهدئة الرأي العام الأميركي والعالمي من خلال وقف مشاهد الدماء والدمار في غزة لكن عمليات المطاردة والاقتحامات المحدودة ستبقى لإنهاء الحرب على مراحل وبوتيرة منخفضة، الا أن “حماس” ترفض الطرح وتريد انهاء الحرب واسرائيل لن تقبل بإنهائها.
يجري حديث في كواليس السياسة أن حرب غزة مستمرة الى حين اجراء الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني، يتوقف حمادة عند هذه النقطة، فهناك برأيه العديد من المراقبين الذين يربطون وجهاً من وجوه الحرب في غزة بالانتخابات الاميركية لسبب واحد وبسيط هو أن هناك تقاطعاً استراتيجياً بين أميركا إن كانت ديموقراطية أو جمهورية مع إسرائيل، بأن لا بد من إلحاق الهزيمة بحركة “حماس”، والخلاف اذا ما وُجد هو على شكل الحرب وليس نتائجها، فتختلف ادارة بايدن مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على ادارة الحرب لجهة عدد الضحايا والتدمير، وتتقاطع معه في عدم بقاء “حماس” في اليوم التالي أي بعد انتهاء الحرب، فالهدف من حرب غزة هو إقصاء “حماس” عن الحكم والسلطة، ونحن أمام أشهر طويلة حتى انتهاء الحرب التي يبدو أنها مستمرة الى ما بعد الانتخابات الأميركية حتى وإن اختلفت وتيرتها وتغيرت طريقتها لتكون مطاردات واغتيالات بدل الحملة العسكرية العنيفة، وستستمر فقط لاقتلاع “حماس”، يعني اذا فاز دونالد ترامب أو بقي بايدن فسيبقى الهدف واحداً وإن اختلفت الطريقة، والسؤال هل سينجح الاسرائيلي في تحقيق هدفه والى أي مدى تستطيع الفصائل الفلسطينية الصمود بمعزل عن الضغط الاقليمي الذي تمارسه إيران عبر الساحات؟
يقول الاسرائيليون إن الحرب ستمتد ربما الى ما بعد رأس السنة، ويؤكد حمادة ذلك طالما أن غزة سقطت من خلال اجتياحها لكنها لم تسقط سيطرةً بيد إسرائيل لوجود جيوب مقاومة عنيفة جداً. ويرى في المقابل أن مساندة الساحات التي تسيطر عليها إيران وخصوصاً “حزب الله” لم تؤدِ الى تغيير المعطيات في غزة، وإن أعطت هذه المشاغلة إشارات لاسرائيل بأنها لن تستطيع بعد الآن الاستفراد بأحد.
لبنان هنا غير معني بحرب غزة بحسب الصحافي حمادة، فحربها بدأت في العام ٢٠٢٣ ولبنان بلا رئيس قبلها بعام أو أكثر، فلا رابط حصري برأيه بين غزة والجنوب وعدم انتخاب رئيس، المسألة محصورة برؤية “حزب الله” للرئاسة الذي يعتقد أن لديه القوة والقدرة على فرض رئيس يناسبه. في المقابل، هناك تقاطع بين قوى سياسية ترفض أن يأتي “حزب الله” برئيس له وحده. المطروح على الحزب هو تسوية ومرشح ثالث يتم التقاطع حوله وحتى الساعة يرفض ذلك ويعتقد أن لديه القدرة على ايصال مرشحه، قبل غزة وأيضاً بعد غزة، لأن لديه تحالفات منظورة وغير منظورة وهو قادر على استغلالها لايصال من يريد.
دائماً ما يربط لبنان انتخاباته الرئاسية بأحداث خارجية، لكن هذا الأمر ليس كذلك، فهناك محاولات أميركية للوصول الى تسوية في لبنان وانتخاب رئيس جديد، ادارة بايدن تضغط بقوة من أجل انتاج تسوية في الجنوب أولاً لمنع الحرب وصولاً الى إقرار تسوية بين “حزب الله” واسرائيل تكون طويلة الأمد، ولكن هل يريد الايرانيون أن يمنحوا ادارة بايدن ورقة يستطيع أن يستغلها في انتخاباته أم لا؟ هذا سؤال كبير وجوابه ايجابي، لأنهم يفضلون ادارة بايدن على ادارة ترامب، ويعتبرون أن بايدن خصم معروف بينما ترامب لا تُعرف ما هي ردود فعله وتصرفاته إزاء أزمة اقليمية في المنطقة.
في المحصلة، وكما تبدو الصورة المسألة لم تعد لا رهائن من هنا ولا أسرى من هناك، بل هي متعلقة بمصير قطاع غزة وانهاء الوجود العسكري لـ”حماس” والفصائل فيه، واذا لم يُحل هذا الأمر فإن اسرائيل تتوقع أن تكون هناك عملية طوفان أقصى جديدة بعد أقل من عشرة أعوام. اذاً، المسألة أكبر وأخطر بكثير مما يتوقعه الجميع، وهذا يتطابق أيضاً مع موضوع الجبهة اللبنانية، فهم يقولون إن الحرب آتية لا محالة مع “حزب الله” حتى لو حصلت تسوية، لأن اسرائيل تتوقع وفقاً لحساباتٍ ايرانية وليس لبنانية، حصول هجوم من الشمال يكون أكثر خطورة، خصوصاً أن الحزب لديه قدرات أكثر بكثير من غيره ومن هنا خطورة الوضع في لبنان، فالوضع خطر جداً جداً، لأن الحسابات الآن ليست حسابات سياسية ولا حسابات مرحلية، إنها حسابات ذات طابع استراتيجي وجودي ومن هنا الخطورة على الواقع اللبناني.
والختام على ما يبدو لن يكون سلاماً، على الأقل في المدى المنظور.