على الرغم من تصريح رئيس الوزراء القبرصي نيكوس كريستودوليدس بأن بلاده لا تشارك بأي شكل من الأشكال في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة والتصعيد في جنوب لبنان، وذلك ردّاً على تهديد الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله لقبرص بالتعامل معها كجزء من الحرب إذا أتاحت بنيتها التحتية للجيش الاسرائيلي، ما هي إحتمالات تحول قبرص الى نقطة إنطلاق لتنفيذ هجمات ضد “حزب الله” في حال توسع الحرب من إسرائيل أو حلفائها، بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً في ظل وجود قاعدتين عسكريتين لبريطانيا في الجزيرة القبرصية؟
وشهدت العلاقات القبرصية-الاسرائيلية تطوراً لافتاً في العشرية الأخيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولكن ليس معروفاً إن كانت قبرص تقدم أي منشآت برية أو قاعدية للجيش الاسرائيلي، لكنها سمحت في الماضي لاسرائيل باستخدام مجالها الجوي لإجراء تدريبات جوية من حين الى آخر، ولكن ليس خلال الصراع الدائر حالياً.
تصريحات نصر الله دعاية وإستعراض
الخبير الأمني والاستراتيجي العميد المتقاعد يعرب صخر استبعد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن تكون قبرص نقطة إنطلاق لهجمات إسرائيلية أو أميركية-بريطانية في حال خروج جبهة الجنوب عن السيطرة وتوسع الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل، وحتى إن تحولت فلن يكون لها تأثير كبير، معتبراً أن تصريحات نصر الله ليست إلا نوعاً من “الدعاية” و”الغطرسة”.
ورأى صخر أن نصر الله أغفل نقطة مهمة وهي نظرية “الأمن الجماعي” التي تطبقها أوروبا، فعندما تتعرض دولة في الاتحاد الأوروبي للتهديد، تتداعى كل أوروبا للدفاع عنها، وتصريحات المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو خير دليل على ذلك.
“أكروتيري” عين بريطانيا على الشرق الأوسط
تمتلك بريطانيا قاعدتين عسكريتين، “ديكيليا” و”اكروتيري”، تابعتين لسلاح الجو الملكي قي قبرص منذ إستقلالها عام 1960. وقد استخدمت قاعدة “اكروتيري” لتنفيذ عدد من العمليات العسكرية البريطانية والأميركية في الشرق الأوسط، منها عمليات استهدفت ليبيا وسوريا والعراق، ومنها الغارات الجوية التي استهدفت الحوثيين على خلفية إستهدافهم للسفن التجارية في البحر الأحمر. كما استخدمت لأغراض متعددة في الثمانينيات، منها استقبال الجرحى الأميركيين بعد تفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983، ودعم عمليات الأمم المتحدة في لبنان في فترة الحرب الأهلية.
ويتم استخدام “أكروتيري” قاعدة أمامية للعمليات الخارجية في الشرق الأوسط ولأغراض التدريب على الطائرات كذلك. وتحدثت تقارير صحافية عن إقلاع طائرات بريطانية من القاعدة وتنفيذها 50 طلعة استطلاعية فوق سماء غزة منذ كانون الأول الماضي، وذلك بهدف توفير معلومات استخباراتية لاسرائيل. كما ذكرت تقارير إسرائيلية أن “اكروتيري” و”ديكيليا” استخدمتا للمساعدة في إحباط الهجوم الايراني بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل منتصف نيسان الماضي.
ولفت العميد صخر في حديثه لموقع “لبنان الكبير” إلى إستخدام بريطانيا والولايات المتحدة القواعد العسكرية في قبرص وحتى في اليونان من أجل التجسس وتقديم المعلومات إلى إسرائيل، قائلاً: “مع إستهداف إسرائيل للقياديين في حزب الله، لجأ نصر الله إلى هذا التهديد، الذي من الممكن أن يزج لبنان في مشكلات ديبلوماسية مع قبرص والاتحاد الأوروبي”.