حزب “الفركشة”

محمد نمر
محمد نمر

لماذا لم تتشكل حكومة الرئيس سعد الحريري طوال تسعة أشهر؟ ولماذا لم تتشكل حتى اليوم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟ هل صحيح أن العقبات مقتصرة على حصص وتوزيع أسماء وحقائب؟ ومن القادر على إعطاء أمر عدم التشكيل على الرغم من بلوغ لبنان قعر الانهيار وبداية الارتطام الكبير؟ الأسئلة كثيرة ويصح معها كل ما يقال عن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بذل وما زال كل طاقته وجهده ضرب اتفاق الطائف من دون أن ينجح، فكلّفت سياسته إسقاط لبنان ووقوعه في خراب شامل غير مسبوق. وصار بديهياً ومثبتاً بوقائع ومواقف كثيرة أن هذا الرجل يكره موقع رئاسة الحكومة وكل من يحمل صفة رئيس حكومة، مكلفاً أو سابقاً أو مستقيلاً، ويتمنى تحويلهم إلى “باش كاتب” ضارباً بعرض الحائط الدستور والميثاقية.

إثارة النعرات، الوطنية الطائفية والمذهبية، هي من أدوات الشغل الرئيسية للتيار العوني، الذي تلطى وراء شعار “استعادة حقوق المسيحيين” لعرقلة كل شيء إيجابي في هذا البلد، وحتى أوصلنا الى مرحلة “إضاعة حقوق كل اللبنانيين”.

الجنرال، قائد المعارك الخاسرة دوماً، جعل نفسه منذ “اتفاق مار مخايل” جندياً منفذاً لأوامر “الولي الإيراني” في البلد. ومن هنا يمكن البدء بالإجابة عن الأسئلة الأولى. ليس عون وحده، بقواه الذاتية من يعرقل تشكيل الحكومة، وليس “حزب الله” من يغتنم فرصة عدم التشكيل ليزيد قوة (الميليشيا تكون أكثر قوة كلما ضعفت الدولة) بل إن “حزب الله” هو الآمر الناهي بالتعطيل وإبقاء البلاد بلا حكومة، لتسوده أكثر الفوضى ويكمل هو كل أجندته غير الشرعية: شعب منشغل بتأمين غالون بنزين ودواء وخبز، وأمن منشغل في ملاحقة المحتكرين وأرباب السوق السوداء، وحزب يمسك قرار الحرب والسلم ويكمل مساره في صناعة الصواريخ الإيرانية الدقيقة، وإدخال الدواء الغيراني بطرق غير شرعية بحجة أن الشعب يريد دواء، والنفط الطهراني بحجة أن اللبنانيين يريدون مازوتاً وبنزيناً، ويوسع أبواب اقتصاد الدويلة.

يتحمل “حزب الله” اليوم وكل يوم مسؤولية “فركشة” تشكيل الحكومة، يتحمل اليوم وكل يوم “فركشة” البلاد والعباد، يتحمل اليوم وكل يوم “فركشة” علاقات لبنان مع الخارج وعزله عن محيطه العربي، و”فركشة” أي فرصة إصلاحية. يتحمل اليوم وكل يوم مسؤولية تعزيز السلاح غير الشرعي وضرب صورة القضاء. ويبدو أن مشهد أفغانستان أثار “حزب الله” وجعل طموحه ممكناً: “حزب الله يتسلم الحكم رسمياً في لبنان”. وكما تسلمت طالبان أفغانستان بغطاء “مشبوه”، ينتظر “حزب الله” دوره، فلماذا تشكيل الحكومة الآن؟

يدخل الرئيس نجيب ميقاتي القصر الجمهوري، ويخرج منه وما هي إلا دقائق حتى يصل المندوب السامي لـ”حزب الله” والطامح إلى رئاسة الجمهورية بقوة السلاح جبران باسيل، إلى القصر ليبعثر الأوراق ويخلطها مجدداً بتعليمات “الوالي”، والآمر: “عطّل، عطّل، عطّل”.

لا يهتم “حزب الله” بتشكيل الحكومة، فحكومته أتت بالوقود الإيراني، وسفن إيران تسرح وتمرح في البحر. ومن بانياس السورية إلى القصير ومحطات الأمانة فجمهور “حزب الله”. التنكة بـ”50 ألفاً أو 60 أو 70 ألفاً”. وبدأ اقتصاد “حزب الله” ينمو على مصلحة الدولة اللبنانية، فلماذا تتشكل حكومة تأتي بالمحروقات؟ فوزير الوقود الايراني في لبنان والمنطقة السيد حسن نصرالله لديه كل الحلول.

حزب “الفركشة” لم يستطع أن يغطي تعطيله المستمر للحكومة، عبر جبران باسيل، فعمد عبر إعلامه إلى صناعة محتوى يغطي فيه جبران، وعنوانه: “خلاف بين الحريري وميقاتي”، فيما الحقيقة أن العلاقة بين الاثنين “زي السمن على العسل”. ومن اعتذر عن التشكيل ووافق على تسمية رئيس حكومة، رغم معارضة بيئته، لا يمكن أن يكون في في مسار التشكيل إلا مسهّلاً له وللرئيس المكلف.

شارك المقال