fbpx

ما الذي يعنيه سقوط أفغانستان بالنسبة للمنطقة؟

حسناء بو حرفوش
تابعنا على الواتساب

“ما الذي يعنيه سقوط أفغانستان بالنسبة للشرق الأوسط؟”، هذا هو السؤال الذي طرحه موقع “أوتلوك” (outlook) ومقره الهند حيث يراقب المحللون التطورات في أفغانستان عن كثب. وبحسب ترجمة لبعض ما ورد في المقال، “استُخدمت عبارة “اللعبة الكبرى” في القرن التاسع عشر، لتوصيف التنافس على السلطة والنفوذ في أفغانستان والمناطق المجاورة لوسط وجنوب آسيا، بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية. ولم يسيطر أي من الجانبين في ما بات يعرف باسم “مقبرة الإمبراطوريات”. وبعد قرنين من الزمان، ذُكّرت الولايات المتحدة الأميركية بهذا الواقع، حيث تمثل كارثة أفغانستان، التي انهار فيها جيش أفغاني قوامه 300 ألف جندي دربتهم أميركا وسلحتهم، في غضون ساعات، تذكيراً بحدود القوة الأميركية في الشرق الأوسط.

سايغون جديدة؟

ويغطي السؤال حول تبعات هذا التطور في الشرق الأوسط، المنطقة الممتدة من المغرب إلى باكستان، ومن تركيا في الشمال نزولاً إلى الخليج وعبر القرن الأفريقي، حيث سيتأثر كل ركن من أركان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بطريقة ما بفشل السلطة الأميركية في أفغانستان، في ظل أطول حرب في تاريخها. ولا مفر من إجراء مقارنة بين انسحاب أميركا من كابول والمشاهد المماثلة التي وردت من سايغون، قبل 46 عاماً. لكن الوضع الأفغاني أكثر إثارة للقلق من بعض النواحي، مع تعرض جزء كبير من الشرق الأوسط لخطر الانزلاق إلى الفوضى. ولربما أثرت هزيمة الجيش الفيتنامي الجنوبي في العام 1975 على التطورات في الدول المجاورة في الهند والصين، ولكن تم احتواء تداعياتها إلى حد كبير. والوضع مختلف في أفغانستان، حيث إن أميركا بقيت القوة العسكرية المهيمنة في غرب المحيط الهادئ قبل صعود الصين، على الرغم من تضرر مصداقيتها وثقتها بنفسها.

مصالح بكين وموسكو

ولكن في الشرق الأوسط، تتضاءل سلطة واشنطن بالتزامن مع افتقارها للثقة في قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها. يأتي ذلك في وقت تختبر فيه الصين وروسيا العزيمة الأميركية عالمياً. وفي المنطقة نفسها، تسعى تركيا وإيران بالفعل لملء الفراغ الذي خلفه الفشل الأميركي. ولبكين وموسكو، أسبابهما ومصالحهما الخاصة في مستقبل أفغانستان. بالنسبة للصين، يتجاوز هذا الحدود المشتركة، بينما بالنسبة لروسيا، هناك مخاوف تاريخية بشأن التطرف الأفغاني الذي يصيب سكانها المسلمين وسكان الدول القومية التي تقع على أطرافها. وفي الآونة الأخيرة، عملت الصين على تنمية علاقاتها مع قادة طالبان (…) وهناك باكستان التي دعمت طالبان في الخفاء والعلن على مر السنين، بالإضافة إلى علاقات باكستان الوثيقة مع الصين وعلاقتها المتصدعة مع الولايات المتحدة. وفي أفغانستان نفسها، قد تفي طالبان بتعهداتها بأنها قد تغيرت وبأنها تسعى لإقامة حكم توافقي في بلد تمزقه الانقسامات العرقية والقبلية الدموية. لكن بالنظر إلى الدلائل المبكرة على أعمال انتقامية وحشية ورد الفعل المذعور من قبل السكان الأفغان، سيتطلب الأمر الكثير من الإيمان لتصديق حدوث التغيير”.

التداعيات في الشرق الأوسط

ويكمل المقال: “الآن، هل سيسمح للقاعدة وللدولة الإسلامية بإعادة تأسيس نفسها في أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان؟ هل ستعاود طالبان الظهور كدولة راعية للإرهاب؟ هل ستستمر بالسماح باستخدام أفغانستان كسوق عملاقة لتجارة الأفيون؟ بمعنى آخر، هل ستغير طالبان من أساليبها وتتصرف بطريقة لا تشكل تهديداً لجيرانها وللمنطقة بشكل عام؟ من وجهة نظر أميركا، يتيح خروجها من أفغانستان التركيز على الاتفاق النووي مع إيران باعتباره الجزء الرئيسي من أعمالها غير المكتملة في الشرق الأوسط، طبعاً إذا وضعنا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستعصي على الحل جانباً. وشكلت محاولات إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة حجر الزاوية في جهود إدارة بايدن للمشاركة في الشرق الأوسط بشكل بناء.

ومع ذلك، سجل تقدم بطيء ومتعثر، وزاد انتخاب رئيس إيراني متشدد جديد من تعقيد الجهود المبذولة للتوصل إلى حل وسط. ومن شأن الفشل بإنعاش خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تخلى عنها الرئيس السابق دونالد ترامب، أن يضيف طبقة جديدة من عدم اليقين ومن المخاطر، إلى حسابات الشرق الأوسط. ولن يهتم أي طرف معني بالتطورات في أفغانستان المجاورة أكثر من القيادة في طهران التي تربطها بطالبان علاقة مشحونة في بعض الأحيان ومتعاونة في أخرى، بالنظر إلى القلق الإيراني من سوء معاملة السكان الشيعة في أفغانستان. ولا تتمتع إيران الشيعية وحركة طالبان السنية الأصولية بشراكة طبيعية.

الخليج والعراق وسوريا ولبنان

وأبعد من ذلك، ستستحوذ التطورات الأخيرة في أفغانستان على اهتمام دول الخليج وتحديداً قطر والسعودية (…) وسيتسبب ضرب مكانة الولايات المتحدة في المنطقة بشكل عام، بالقلق لحلفائها العرب المعتدلين. وهذا يشمل مصر والأردن حيث لا تجد كلاهما في مستجدات أفغانستان أخباراً جيدة. وسيترك نجاح طالبان تداعيات أيضا على المناطق الأكثر توتراً في الشرق الأوسط. كما سيثير الخروج الأميركي القلق في كل من العراق وأجزاء من سوريا حيث تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري. أما في لبنان، الذي أصبح دولة فاشلة بكل المقاييس، ستضيف كارثة أفغانستان المزيد من الكآبة. بدورها، ستحتسب إسرائيل تداعيات النكسة التي عانى منها حليفها الرئيسي، بما أن عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط لن يخدم مصالحها. وفي المرحلة التالية، ستنسحب أميركا بدون شك من جميع التزاماتها في الشرق الأوسط باستثناء الأكثر إلحاحاً منها. وسيمنحها ذلك الوقت للتفكير بالدروس التي يمكن تعلمها من تجربة أفغانستان المؤلمة، ولعل أهمها أن خوض حروب “الدول الفاشلة” هي قضية خاسرة”.

المصدر: out look india

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال