يتوجه البريطانيون، الخميس، الى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية، وسط توقعات بأن يكتسح حزب العمال المعارض حزب المحافظين، منهياً بذلك 14 عاماً من حكمهم. في حين تؤثر الحرب الراهنة في غزة، على أصوات 3.9 ملايين عربي ومسلم، بحيث أطلق مرشحون مستقلون حملة “الصوت المسلم” لحشد أصوات العرب والتأثير على حزبي المحافظين والعمال، خصوصاً مع تراجع شعبيتيهما بين الناخبين البريطانيين من أصول عربية ومسلمة، إزاء موقفهما من الحرب.
وتظهر استطلاعات الرأي، تقدم العماليين بفارق عشرين نقطة، وحصولهم على 425 مقعداً، ولن يبقى للمحافظين سوى حوالي 108 مقاعد بعد نيلهم 365 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته، في مجلس عموم يضم 650 مقعداً.
الى جانب حزبي العمال والمحافظين، قد يكون للأحزب الأقل شعبية، دور حاسم في اختيار من سيتولى حكم المملكة المتحدة للسنوات الخمس القادمة، وينصب الاهتمام على نتائج حزب “إصلاح بريطانيا” الأكثر يمينية بين أحزاب بريطانيا، مع احتمال فوز زعيمه نايجل فاراج بمقعد في البرلمان بعدما فشل سبع مرات من قبل، إضافة الى حزبي “الديموقراطيين الأحرار” و “الخضر”.
وعمل المحامي السابق والرئيس السابق للنيابة العامة كير ستارمر (61 عاماً)، منذ تسلمه قيادة حزب العمال قبل أربع سنوات، على إعادة تمتين حزبه في الوسط وعلى تطهيره من معاداة السامية، متهماً المحافظين ببث الفوضى والانقسام منذ تسلمهم السلطة عام 2010.
وفي المقابل، سعى ريشي سوناك (44 عاماً)، الذي يقال عنه إنه أكثر ثراء من الملك تشارلز الثالث، الى النهوض بحزبه، عند وصوله إلى السلطة في تشرين الأول 2022 واعداً بطرد مهاجرين إلى رواندا أو وضع حد لتوافد المهاجرين غير القانونيين في قوارب صغيرة عبر بحر المانش، لكنّ أيّ من الوعود لم يتحقق.
وتعهد سوناك أيضاً بالدعوة إلى انتخابات في الصيف بدل الخريف، بعد أن استفاد من تحسن طفيف في الوضع الاقتصادي، مع إدراك حزبه مدى عجز المحافظين عن تحسين الأوضاع.
وسوناك نفسه قد يخسر مقعده، ما سيجعل منه أول رئيس حكومة منتهية ولايته يخسر في دائرته.
ويعتبر العديد من البريطانيين أن تراجع مستوى الرعاية الصحية في البلاد، والخدمات العامة عموماً، فضلاً عن تردّي البنى التحتية، يعود الى سياسة المحافظين التقشفية، مبدين استياءهم حيال لوائح الانتظار الطويلة في نظام الصحة العامة، وتراجع الخدمات العامة وتردّي البنى التحتية.
وقال المتقاعد السبعيني فرانك هاسلام لوكالة “فرانس برس”: “كل شيء تدهور، لا أرى أي خير للمستقبل في هذا البلد”.
ومنذ بداية حرب غزة، أعلن سوناك، تأييده لـ “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، رافضاً دعوات إدانتها ومطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار. في حين بدا ستارمر، متردداً في البداية تجاه دعوات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، حتى وافق حزبه على مشروع قرار، اعتمده مجلس العموم البريطاني في 21 شباط 2024، يطالب إسرائيل وحماس بـ “وقف إطلاق نار إنساني فوري”.
وقال رافيت حسين، مالك أحد المتاجر في أولدام المعروفة تاريخياً بالتصويت لحزب العمال: “كنت مؤيداً لحزب العمال منذ فترة طويلة… لكن لم أعد كذلك، وأسرتي أيضاً. لم نعد نؤيد حزب العمال”، مضيفاً أن “الإبادة الجماعية تحدث أمام أعيننا ولم يفعل أي شيء حيال ذلك… هذا أمر محبط للغاية ومحزن جداً”.
ويحاول عدد كبير من المرشحين المستقلين، تسليط الضوء على ما يجري في غزة وتركيز حملتهم الانتخابية على الحرب، في ظل المظاهرات الأسبوعية التي تشهدها العاصمة لندن، منذ بداية الحرب، بمشاركة آلاف البريطانيين، للمطالبة بوقف تصدير السلاح الى إسرائيل والحرب على غزة.
وقالت بوبي يوسف، وهي من سكان أولدام الذين وصلتهم رسالة حملة الصوت المسلم: “أفكر هذا العام في منح صوتي للمستقلين، لأنني لا أعتقد أن حكومة المحافظين أو حكومة العمال قد تعهدت أو فعلت أشياء تتفق مع ضميري”.
ويصوّت المهاجرون أيضاً للمرة الأولى في هذه الانتخابات، ويحق للاجئين والمهاجرين من دول الكومنولث، وجميعها تقريباً كانت أراضي سابقة ضمن الامبراطورية البريطانية مثل نيجيريا والهند وماليزيا، التصويت في الانتخابات البريطانية.
وتمثل الهجرة قضية أساسية في المعركة الانتخابية في بريطانيا، مع تعهد سوناك بخفض مستويات الهجرة المرتفعة للغاية، في حال فوزهم في الانتخابات، للحد من الضغط على الخدمات الحكومية وتخفيف قلق العديد من الناخبين البريطانيين.
وأكد بانجاك المهاجر من الهند، منذ شباط 2023، أنه متحمس للإدلاء بصوته بعدما لم يتسن له التصويت في الانتخابات ببلده الهند. فيما قالت تيه وين سون، وهي طالبة ماليزية تبلغ من العمر 33 عاماً إنها لا ترى فرقاً كبيراً بين الحزبين الرئيسيين لكنها ستكون حريصة على التصويت لحزب أكثر تقبلاً للمهاجرين.