إنها انتخابات رئاسة القوة العظمى في العالم تدق الأبواب، إنها انتخابات ينتظرها العالم من أقصاه الى أقصاه ليبني عليها توقعاته السياسية والاقتصادية التي يمكن أن تتأثر بها بلاده، لكن هذه المرة ليست الدول المترقبة على المحك وحسب، بل أميركا بكل ولاياتها على المحك أيضاً في ما خص شخصية الرئيس الحالي جو بايدن الذي يصر على المجيء رئيساً لولاية ثانية.
كل خطابات بايدن والمناظرة الأخيرة تعطي إشارات على أن الرجل ليس بخير، وليس بكامل ملاءته وغير حاضر.
ومن خلال المتابعة، يشير معظم المقالات والتقارير المتلفزة الى عدم أهلية بايدن لدرجة تثير الشكوك خصوصاً وأنه يلقي الضوء على كثير من الأحداث التي حصلت مع الرجل عبر بث له وهو يتعثر، أو تائه أثناء النزول من منصة ما، أو شارد بلا تركيز أو غياباته اللحظية أو خطاباته غير الواضحة بالتأتأة، واصفة إياه بأنه رجل عجوز مسنّ تسيطر عليه حاشيته، ليرد المقربون منه بأن هذه التسريبات ما هي إلا دعايات من الحزب الجمهوري، واصفين مقاطع الفيديو بالمزيفة والرخيصة.
صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية وقفت عند كل ما سبق، لكنها اعتبرت أن ما جرى في المناظرة بين جو بايدن ودونالد ترامب، حطم حالة الإنكار التي يعيشها المعسكر الديموقراطي، بحيث اعتبرت أن بايدن بدا أمام الكاميرات منهكاً وغير مسموع تقريباً كما تظهر عليه علامات التدهور الجسدي وأعراض أخرى مثيرة للقلق قد تكون أعراض الخرف، عندها بدت وسائل الاعلام الديموقراطية وكأنها أدركت فجأة تقدم الرئيس في السن. ومع هذا بايدن الذي ظهر في الأشهر الأخيرة متكئاً على الملك تشارلز خلال زيارته الى بريطانيا، ويسقط على خشبة المسرح في أكاديمية القوات الجوية الأميركية وأيضاً ضائعاً في حفل بالبيت الأبيض، مع كل هذا يصر على خوض السباق الرئاسي وهو لن ينسحب إلا إذا أمره الرب بذلك، معترفاً في الوقت ذاته بأدائه السيء في مناظرته أمام ترامب والتي دفعت أعضاء في حزبه الى ثنيه عن الترشح.
كل ما يهم جو بايدن هو هزيمة دونالد ترامب، ويسوّق نفسه للناخبين قائلاً إنه لا يوجد أحد مؤهل أكثر منه لكي يكون رئيساً، مشدداً على أنه لا يصدق استطلاعات الرأي التي تمنح ترامب الأفضلية.
هو بايدن الذي يؤكد أنه يخضع لاختبار إدراكي كل يوم لأنه يقود العالم. وهو ترامب الملاحق بـ ٣٤ تهمة والذي نجا بأعجوبة من رصاصة كادت أن تخلص بايدن منه. واحد منهما سيحكم أكبر وأقوى دولة في العالم، فعلى أي معايير سيكون العالم مع رئيس يعتقد أحد كبار أعضاء حزبه أنه لا يمكنه الاستمرار في الترشح خصوصاً بعد فشله في المناظرة الأخيرة، ومرشح سيعمل على العفو عن نفسه اذا نجح في الانتخابات؟ ومع كل هذه المشهدية، كيف سيتعامل كبير رؤساء أميركا سناً والمرشح للرئاسة النرجسي الطباع، مع القضايا الكبرى، التي تزداد تأزماً واحتداماً؟ الكل يترقب الآتي في تشرين الثاني، وأكثر المنتظرين وأكبرهم هو الشرق الأوسط.