fbpx

“الحزب” لن يُستدرج الى الحرب بالتوقيت الاسرائيلي

زياد سامي عيتاني
تابعنا على الواتساب

تصاعد حدة المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل، التي شهدت تغييراً في نمط الاستهدافات ونطاقها الجغرافي وسلاحها النوعي، يؤشر إلى تغيير أو إعادة ترسيم للخطوط الحمر ولقواعد الاشتباك بالنيران المتأججة التي تلف القرى والبلدات على طرفي الحدود، والتي جاءت في الوقت الذي قصفت فيه طائرات مقاتلة إسرائيلية أهدافاً عسكرية للحوثيين في مدينة الحديدة الساحلية باليمن، عقب الهجوم المباغت للمسيرة الاسرائيلية التي تمكنت من الوصول إلى قلب تل أبيب لتنفجر في وسطها.

وأبلغ توصيف لهذه التطورات التصعيدية، عقب قصف الحديدة، ما قاله “حزب الله” بأنه إيذان بمرحلة ‏جديدة ‏وخطرة “في المنطقة”، فيما أفادت وسائل إعلام لبنانية نقلاً عن مصادر بإعادة تموضع مقاتلي الحزب في عدد من القرى والبلدات الحدودية، في ضوء رصد حركة لافتة وكثيفة لقوات إسرائيلية في الجهة المقابلة من الحدود جنوباً، لا سيما لفرق مدرعة تم رفع عديدها في شكل لافت في الفترة الأخيرة ورصدها في صورة دقيقة، وهو موضع دراسة وتحليل من القيادة العسكرية لـ “حزب الله”.

لا شك في أن ضربة عدلون تدخل جنوب لبنان في مرحلة غير مسبوقة من تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية بين إسرائيل و”حزب الله”، بتوسيع رقعة الاغتيالات والضربات العسكرية الاسرائيلية التي توزعت في الساعات الأخيرة ما بين جنوبي مدينة صيدا، البقاع الأوسط والجنوب، تزامناً مع استهدافها للمرة الأولى بلدات تقع في نطاق منطقة ما بعد الليطاني وآخرها بلدة عدلون، حيث يشكل إستهداف مخزن أسلحة فيها تطوراً غير عادي منذ إندلاع المواجهات بين الحزب وإسرائيل، وذلك في غمرة المخاوف من إنزلاق حروب “المشاغلة” نحو حرب إقليمية، عقب الغارات الاسرائيلية على الحديدة في اليمن، رداً على استهداف تل أبيب بمسيّرة قبل أيام، في موازاة حرب مدمرة تشنها على قطاع غزة للشهر العاشر.

الملاحظ انتقال إسرائيل إلى مرحلة أخرى من العمليات العسكرية في جنوب لبنان، حيث تركز قصفها على الخط الثاني من المنطقة الحدودية بعمق يتراوح بين 7 و10 كيلومترات، وفي هذا الخط تستهدف بالقصف بلدات شقرا وبرعشيت والطيبة وأطراف دير ميماس في القطاع الشرقي، وطير حرفا ووادي الزرقاء في القطاع الغربي. ولكن كيف سيكون رد “حزب الله” على إستهداف مخزن لصواريخه في تطور خطير للمرة الأولى، في ظل سعي الجيش الاسرائيلي إلى تغيير قواعد الاشتباك ضمن روزنامة خاصة به؟

تؤكد مصادر مقربة من الحزب أنه لن يُستدرج إلى حرب شاملة مع إسرائيل بتوقيتها ولا وفقاً لحساباتها ومصالحها العسكرية والسياسية، لأنه ينتهج إدارة دقيقة في أدائه الميداني للمواجهة، مع حرصه على أن لا تخرج الأمور عن نطاق السيطرة والتحكم، كي لا تنزلق نحو الحرب الواسعة، بحيث أن رده على إعتداء يكون بالحجم المناسب، كما يتبين من خلال الردود الموسعة التي باشرها غداة خطاب أمينه العام في عاشوراء، من خلال إضافة مروحة جديدة من المستوطنات التي إستهدفها للمرة الأولى.

وتضيف المصادر أن الحزب لا يتوانى عن الرد وفقاً لاستراتيجيته المعتمدة حتى الآن، لادراكه أهمية ألا يترك المبادرة للحظة واحدة بيد إسرائيل، خصوصاً وأنه تعهد توسيع مديات المعركة كلما استشعر أن العدو قد تخطى القواعد المعمول بها، من دون أن يكشف إلا القليل من إمكاناته وقدراته العسكرية، التي ستشكل مفاجآت غير محسوبة للجيش الاسرائيلي في حال أقدم على توسيع الحرب، أو على القيام بإجتياح بري سواء موسعاً أو محدوداً، مع التأكيد أن الحزب أكثر جهوزية من تلك التي كان عليها في حرب تموز 2006، عديداً على صعيد الأفراد وكثافة نيران ونوعية أسلحة، بما فيها تلك الخاصة بأنظمة الدفاع الجوي.

وتذكر المصادر بأن الحزب على الرغم من تطور المواجهات لم يستخدم حتى تاريخه “قوة الرضوان” فيها، وإن كان سقط منها العديد بين قادة وأفراد استهدفوا بعيداً من الميدان، كاشفة أنها في جهوزية تامة للدخول في المعركة عندما تتخذ قيادة الحزب قراراً بذلك، ما يعني حينذاك إدخال جبهة الجنوب في مرحلة متقدمة من التصعيد، وعدم إمكان السيطرة عليه في منع الوصول إلى حرب كبرى، التي لا يريدها الحزب، بينما إسرائيل تريدها لكن لا تستطيع تحمل مسؤوليتها ما لم تحظَ بغطاء سياسي وعسكري أميركي وغربي.

بناءً على كل ذلك، سيبقى المشهد التصعيدي المتوتر “ضبابياً” الى ما بعد المحادثات التي سيجريها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، وحتى ذلك الوقت يبقى التصعيد، دون سقف الحرب الواسعة الشاملة.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال