أزمة المحروقات تغيّر الأولويات في القنوات التلفزيونية

محمد شمس الدين

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر الحلول المتفجرة التي يبتدعها رئيسهم وصهره وجيش المستشارين لأزمة المحروقات، وإلى حين إيجاد الحل النهائي الحقيقي، تستمر الأزمة بضرب كافة القطاعات، ومنها قطاع الإعلام وتحديداً القنوات التلفزيونية، التي تعاني اليوم بسبب انقطاع البنزين للتنقل، وانقطاع المازوت من مولداتها الخاصة لتوليد الكهرباء.

الجديد: الأولوية للأخبار والبرامج السياسية

يؤكد مدير الإدارة والعلاقات العامة في قناة “الجديد” إبراهيم الحلبي، في حديثٍ لموقع “لبنان الكبير”، “أنَّ أزمة المؤسسات الإعلامية اليوم أكبر من المؤسسات الأخرى، لأنَّ الموظفين مجبرون على أن يداوموا في عملهم، على الرغم من إمكانية إعادة جدولة دوامات البعض منهم، إلا أنَّ مديرية الأخبار والأقسام السياسية، والبرامج التي تدور في فلكها، يضطر موظفوها إلى الحضور إلى مبنى القناة، وذلك بسبب مستلزمات أساسية للعمل، طواقم التصوير والمراسلون سيخرجون لتصوير تقاريرهم، موظفو الأرشيف، المونتاج وعاملو الغرافيكس، كل هؤلاء الموظفين، يجب حضورهم، وهذا يشكل عائقاً حقيقياً أمام استمرارية العمل اليومي بشكلٍ سلس، خاصةً أنَّ موظفي الجديد موجودون في كل المناطق اللبنانية، وهم يجدون صعوبة بالوصول إلى أعمالهم، على الرغم من بعض التدابير التي نتبعها لتأمين البنزين لهم ولسيارات الشركة”.

أمّا من ناحية الكهرباء، فهناك صعوبة في تأمين المازوت، يضيف الحلبي، و”قد اتُخذ قرارٌ بالمؤسسة لتقليص استعمال الطاقة وتركها للأمور الضرورية، حيث يتم إطفاء بعض المكيفات والمكاتب، للمحافظة على احتياطي مازوت المؤسسة قدر الإمكان. أمّا لجهة التغطية فهي لها الأولوية، كل الحوادث التي حصلت بعكار والجنوب وما يحصل يومياً في بيروت يتم تغطيتها، على الرغم من بعض المشاكل التقنية بسبب الإنترنت، إذ تتجمد الصورة أحياناً، لكن إذا تطورت الأمور قد تعود القنوات إلى الـ”SNG”، وربما تتخذ وسائل الإعلام تدبيراً جماعياً بالتعاون”.

LBCI“: رفع الدعم قد يؤدي إلى ترك العمل

المنتج في قناة “LBCI” علاء سرحال يؤكد أنَّ “الصعوبات كبيرة جداً اليوم، فعمله يتطلب تواجده يومياً في العمل، وبيته يبعد 44 كيلومتراً عن مكان عمله، وبالتالي هو يحتاج إلى تنكة بنزين (20 ليتراً) يومياً تقريباً”.

ويضيف: “حتى الآن الوضع تحت السيطرة لكن بصعوبة، أمّا إذا وصلت الأمور إلى رفع الدعم كلياً، فإنني قد أضطر للتخلي عن وظيفتي، لأنَّ المعاش سيغطي بالكاد كلفة البنزين، عدا عن الانتظار ساعاتٍ طوالاً بالطوابير، أما لجهة التغطية فالطواقم تتحرك لمواضيع الأولوية القصوى، وباقي الملفات نحاول تأمينها بطرق أخرى”.

NBN“: نقل أوجاع الناس أولاً

من جهته، مدير أخبار قناة الـ”NBN” علي نور الدين، يشير إلى “أنَّ الأزمة أثرت على حجم التغطية التي كانت تؤمنها القناة، وصار هناك تحديد للأولويات على حساب أخرى، وصار هناك انتقائية بالاختيار”.

ويضيف: “قرار الـ”NBN” هو إعطاء وجع الناس وصرختها حيزاً كبيراً من التغطية، وعلى جدول الأعمال اليومي وضع تقرير متعلق بأزمة المحروقات ضمن التغطية، بالإضافة إلى الموضوع السياسي وزيارات الرئيس المكلف إلى القصر الجمهوري وغيرها”.

“MTV”: نجاح في التعامل مع الأزمة ولكن…

بعكس المؤسسات الأخرى، يبدو أنَّ “MTV” نجحت في التعامل مع الأزمة، هذا ما يؤكده مدير الأخبار والبرامج السياسية غياث يزبك، لأنَّ الإدارة وخاصة رئيس مجلس الإدارة ميشال المر، كان عنده نوع من الرؤيوية واستشعار مسبق بتفاقم الأزمة سوءاً، وكان كل ما تدنّت القيمة الشرائية لليرة وزاد الضغط على الموظفين، يضع على عاتقه إعادة التوازن كي لا يتأثر الموظفون بثقل الأزمة”.

ويضيف: “بخصوص أزمة كورونا، فقد تم تطعيم كل الموظفين على حساب المؤسسة، أو لاحقاً في أزمة المحروقات، تم تقديم بون بنزين كل 4 أيام لكل موظف، وطبعاً كان هناك أولوية للمراسلين والصحافيين الذين ينزلون على الأرض”.

ويلفت يزبك إلى “أنَّ القناة تتعامل مع الأزمة من الجهة الإنسانية لكن لم تشعر بتأثيراتها فيها، إن كان مادياً كموظفين، أو أزمة المحروقات، وأًصبح هناك حسٌ بالمسؤولية من الموظفين مع تعليمات قسم الموارد البشرية، وصار هناك شعور ذاتي بالتوفير، من استخدام المياه والأوراق وحتى الكهرباء، وصرت عندما أخرج من مكتبي أطفئ الأجهزة الكهربائية والتكييف للمساهمة بالحد الأدنى من التوفير”.

وأشار يزبك إلى أن “المؤسسة ليس لديها مال سياسي أو متمولون يديرونها، وأنَّ إيراداتها هي من الانتاجات الفنية والمسلسلات والخدمات التي تقدمها “studiovision” للقنوات المحلية والأجنبية، واليوم بدلاً من أن يجري العمل على تطوير هذه الخدمات، أصبحت الميزانيات تذهب للصرف على الأمور الأساسية، للتمكن من الاستمرار في العمل، وإذا انقطعت المحروقات قد يتم تأمينها لفترة معينة لكن في النهاية المؤسسة لا تملك آبار نفط”. أما عن انقطاع الإنترنت، فيأسف يزبك لهذه الأزمة، مشيراً إلى أنه عادة الناس تفكر بحلولٍ مستقبلية، لكن هناك تفكير بالعودة إلى نظام “ثريا”.

أزمة المحروقات طالت حتى القطاع الذي ينقل مجرياتها، القطاع الإعلامي، الذي يعاني اليوم من انقطاع البنزين من جهتين، وصول الموظفين إلى عملهم، وتغطية الأحداث والتطورات، إضافةً إلى المعاناة بسبب انقطاع المازوت لتشغيل المولدات.

وأصبحت المؤسسات بدلاً من أن تعمل على تطوير القطاع، تكافح لتأمين الأمور الأساسية والاستمرار. يحصل كل هذا وما زال تأليف الحكومة عالقاً بيد رئيس جهنم، الذي لا يبدو أنه سيفرج عنها قريباً، في بلدٍ أصبح يحفر مستويات جديدة للجحيم.

شارك المقال